أسوأ ما في "أوميكرون" حتى الآن هو عدم اليقين

صيدلي يرتدي معدات الحماية الشخصية أثناء العمل في حي إلمهورست في مدينة نيويورك
صيدلي يرتدي معدات الحماية الشخصية أثناء العمل في حي إلمهورست في مدينة نيويورك المصدر: بلومبرغ
Andreas Kluth
Andreas Kluth

Columnist at Bloomberg Opinion. Previously editor-in-chief of Handelsblatt Global; 20 years at The Economist. Author of "Hannibal and Me."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عدنا لنفس النقطة مرة أخرى، وتحور فيروس كورونا مجدداً، كما كنا نعلم دوماً أنه سيفعل، وينتشر المتحور الجديد، المسمى "أوميكرون"، بسرعة، فهل يجب أن نخاف أم نتفاءل؟ هل يجب أن نغير سلوكنا وخططنا أم نواصل حياتنا؟ للإجابة على هذه الأسئلة، نحتاج إلى ثلاث معلومات ليست لدينا حتى الآن، لذا علينا فقط أن ننتظر، وبالنسبة للكثيرين منا، الانتظار بحد ذاته هو المشكلة.

ذلك لأن الانتظار، سواء لأخبار سيئة أم جيدة، وهو أمر مثير للسخرية، يسبب القلق، وهو ابتلاء يعذبنا - من خلال هرمونات التوتر العديدة التي يرسلها عبر أجسادنا - كما يفعل الفيروس.

فيما يلي المعلومات الثلاث التي ننتظرها، أولاً، ما مدى شدة العدوى بسلالة "أوميكرون" نسبة إلى "دلتا" وأسلافه الآخرين؟ ثانياً، هل يسبب أوميكرون أعراضاً مرضية أسوأ والمزيد من الوفيات؟ وثالثاً، ما مدى قدرة أوميكرون على تجنب الاستجابات المناعية التي سبق أن طورناها عبر اللقاحات أو العدوى السابقة؟

يبحث صانعو لقاح الحمض النووي الريبوزي المرسال، "بيونتيك" و"موديرنا"، عن إجابة السؤال الثالث، ويجب أن تكون لديهم إجابات في غضون أسبوعين تقريباً، ويعمل العلماء في كل مكان على السؤالين الآخرين، لكن استنتاجاتهم ستستغرق وقتاً أطول قليلاً، ومن هنا تأتي معضلتنا: ماذا يجب أن نفعل الآن وفي الأسابيع المقبلة؟

"موديرنا": العالم قد يحتاج لقاحات جديدة لمكافحة "أوميكرون"

عندما ألاحظ ردود الفعل في دوائري الاجتماعية، تنقسم الاستجابات النفسية تقريباً بنفس الطريقة التي شهدناها أوائل عام 2020، عندما أعلن الوباء عن نفسه لأول مرة، يختار بعض الناس الإنكار، ويشيرون من خلال لغة أجسامهم وإيماءاتهم ونكاتهم وسفرهم وخططهم الاجتماعية إلى أنه نظراً لأننا لا نعرف أي شيء حتى الآن، فلا داعي للقلق أو التكيف، ويقولون دعونا نحصل على بعض الحياة بقدر ما نستطيع.

القلق

ويتأرجح البعض الآخر في حلقات من القلق العقلي، ويخططون ثم يعيدون تخطيط السيناريوهات، هل نلغي خطط الإجازة؟ نستعد لإغلاق المدارس وإغلاق الاقتصاد؟، ويضغطون بقلق شديد على زر التحديث في مواقع الأخبار التي يختارونها، وتغذي هذه القنوات الإعلامية هذا الطلب الإضافي من خلال تقديم هراء لا نهاية له من قبل النقاد الذين - تذكروا - ما يزالون ليست لديهم أي معلومات أكثر من بقيتنا.

وتؤثر سمات الشخصية - الميل نحو العصبية، على سبيل المثال - على مكان الأفراد في هذا التسلسل، لكن جعلنا التطور جميعاً عرضة لكراهية عدم اليقين، تماماً مثلما أنتج أوميكرون، وقد فعل التطور ذلك من خلال جعلنا في البداية أذكياء بشكل غير عادي حتى تتمكن أدمغتنا من التخطيط لشيء قد يكون سيئاً في مرحلة تالية وبالتالي مساعدتنا على النجاة، وقد يكون النمر ذو الأسنان الحادة موجوداً أو لا، لكننا سنعمل بشكل أفضل في المتوسط إذا افترضنا الأسوأ.

لسوء الحظ، تتسارع الأفكار بقوة وسهولة في أدمغة الإنسان، فإذا لاحظنا وجود كتلة في جزء من أنسجتنا وقمنا بفحصها، وأرسلها الطبيب إلى المختبر، وأصبح الآن علينا أن ننتظر، وخلال ذلك الوقت نتخيل ما يمكن أن تعود به النتائج، ويا لمدى إبداع عقولنا في مثل هذه الأوقات.

أظهرت الأبحاث أن الناس يميلون في الواقع إلى أن يكونوا أكثر هدوءاً عند توقع بعض الألم - صدمة كهربائية، في هذه الحالة - مقابل فرصة بنسبة 50% أن يتعرضوا لصدمة، ووجدت دراسات أخرى أن عدم اليقين بشأن وظيفتنا يضر بصحتنا أكثر من فقدانها في الواقع.

وإذا ادّعيت أن الإنسان العاقل عقلاني، فهذا غير منطقي. ولا يمكنك، على الأقل بشكل منطقي، أن تخشى موقفاً قد ينتهي بشكل سيئ أو جيد أكثر من خوفك من موقف سينتهي بالتأكيد بشكل سيئ، لكن إذا قبلت أننا كائنات بيولوجية، فهذا منطقي تماماً، وفي ماضينا البعيد، كان أولئك الذين بالغوا في تقدير الخطر في غياب المعرفة تمتعوا بميزة تطورية مقارنة بأولئك الذين أخذوا الحياة بسهولة.

المشكلة هي في الإفراط، فمع جموح الخيال، الذي يتطور لدى الكثير منا - وهنا تأتي العبارة الخيالية - عدم تحمل عدم اليقين، والذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى مرض اضطراب القلق العام، وهذا صحيح دائماً، لكنه أكثر صحة في حالة الوباء. وازداد القلق خاصة بين المراهقين والشباب، وعلى الصعيد العالمي، يبدو أن المعدلات تضاعفت إلى أكثر من واحد من كل خمسة.

القلق بالطبع مرض بحد ذاته، إنه يدفعنا للبحث عن مهرب في الأشياء المسببة للإدمان وغير الصحية والمميتة في بعض الأحيان، كما يدمر أجسامنا وعلاقاتنا ببطء، ويسلبنا الفرح والتفاؤل.

لذا نحن الآن نواجه موجة جديدة من عدم اليقين بشأن ما يخبئه لنا أوميكرون، وكيف سيؤثر على خططنا، وتعليمنا، وحياتنا المهنية، وعلاقاتنا، وصحتنا، وحياتنا؟ وبعد أوميكرون، ستكون هناك أحرف يونانية أخرى، وصولاً إلى أوميغا، وسنتعرض لممارسة الكثير من القلق، وسنكون محترفين في التعامل معه.

فلماذا لا نستخدم هذه الممارسة؟ ربما يكون أفضل شيء يمكننا القيام به ضد هذا القلق المحدد - بشكل جماعي وفردي - هو عدم قمعه، بل توصيفه ثم الضحك عليه معاً، وقد يساعدنا ذلك في التوقف عن متابعة النقاد المتطفلين على التلفزيون، وانتظار فقط ما تقوله الحقائق في الواقع عندما يحين وقتها بالطبع.