الولايات المتحدة تريد وقف خط غاز "نورد ستريم 2" في حال غزا بوتين أوكرانيا

محطة استقبال الغاز الروسي من خط "نورد ستريم 2" في لوبمين، ألمانيا
محطة استقبال الغاز الروسي من خط "نورد ستريم 2" في لوبمين، ألمانيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ستدفع الولايات المتحدة ألمانيا للموافقة على وقف خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" المتنازع عليه إذا غزا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوكرانيا، وفقاً لوثائق اطلعت عليها بلومبرغ وأشخاص مطلعين على الخطط.

تسعى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للحصول على التزام من الحكومة الألمانية الجديدة بأنها ستوقف المشروع في ظل هذه الظروف، على حد قول أحد الأشخاص المطلعين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب سرية المناقشات.

أجرى بايدن مكالمة فيديو عالية الأهمية يوم الثلاثاء مع بوتين. وكان خط الأنابيب أحد الإجراءات التي ناقشها الحلفاء الأمريكيون والأوروبيون على أنه سيوفر ضغطاً محتملاً على الزعيم الروسي، الذي يحشد قواته مرة أخرى قرب الحدود الأوكرانية؛ وتخشى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من احتمال حدوث غزو في بدايات العام المقبل. لكن بوتين نفى أن تكون الحرب في نيته.

وبهدف الاتفاق على حزمة شاملة وسريعة التنفيذ ومؤلمة اقتصادياً بما يكفي لتكون بمثابة رادع حقيقي، تشمل الخيارات المحتملة الأخرى قيد المناقشة فرض عقوبات على البنوك الروسية وصادرات سلع البلاد.

في إحاطة إعلامية يوم الاثنين في مبنى الكابيتول هيل، واجهت وكيلة وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند معارضة من أعضاء مجلس الشيوخ الذين قالوا إن الولايات المتحدة تحد من خياراتها مع بوتين من خلال عدم تزويد أوكرانيا بالمزيد من الأسلحة وعدم قدرتها على إيقاف "نورد ستريم 2"، وفقاً لما ذكره شخصان مطلعان طلبا عدم الكشف عن هويتهما نظراً لخصوصية الاجتماع.

يعد خط "نورد ستريم 2" مهماً لكل من بوتين، كطريق لبيع المزيد من الغاز إلى أوروبا، ولألمانيا التي تعتمد على إمدادات الغاز من روسيا. كان مشروع خط الأنابيب طويل الأمد هذا مصدر توتر دوري بين الولايات المتحدة وألمانيا، نظراً لعدم رغبة إدارة المستشارة أنغيلا ميركل في استخدامه كأداة سياسية مع بوتين.

التزام ألمانيا

كجزء من اتفاقية تم توقيعها مع بايدن في يوليو، التزمت حكومة ميركل باتخاذ إجراء إذا استخدمت روسيا الطاقة كسلاح أو تصرفت بشكل عدواني تجاه أوكرانيا. كما قدمت الصفقة تأكيدات لأوكرانيا ووضعها كدولة عبور لخطوط الأنابيب الأخرى. في المقابل، تراجع بايدن عن فرض إجراءات جديدة على الكيانات الألمانية المرتبطة ببناء المشروع.

قد يمثل الإجراء الذي اتخذته برلين ضد "نورد ستريم 2" تهديداً حقيقياً للمشروع. وقال مسؤول استخباراتي أوروبي كبير إن الشروط الواردة في اتفاق يوليو ستنفذ في حالة الغزو. وقال المصدر إن المخاوف الجيوسياسية التي قامت عليها هذه الصفقة حقيقية الآن.

وفي حين أن إدارة بايدن لا تستطيع إيقاف المشروع تماماً، إلا أنها تستطيع فرض المزيد من العقوبات على الأشخاص والكيانات المشاركة فيه. وجّه متحدث باسم مجلس الأمن القومي استفسارات للحكومة الألمانية وأشار إلى تصريحات سابقة تتعلق بمعارضة الولايات المتحدة لمد خط الأنابيب.

قال شخص مطلع على الموقف الأمريكي إن الإدارة الأمريكية تعتقد أن اللغة الواردة في اتفاق يوليو تسمح لألمانيا بوقف تدفق الغاز عبر خط الأنابيب إذا هاجمت روسيا أوكرانيا، رغم أن هذا سيكون قرار برلين في النهاية. ونظراً لأن خط الأنابيب لم يبدأ العمل بعد، فمن المحتمل أن تجد ألمانيا طرقاً لإبطاء استكمال المشروع في حالة حدوث غزو، على حد قول المصدر.

من غير الواضح كيف ترى الحكومة الائتلافية الجديدة في برلين الأمور. ففي مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء، وصف المستشار الألماني الجديد أولاف شولتز الوضع على الحدود الأوكرانية بأنه "خطير" وقال إن حكومته ستراقب التطورات هناك بعناية شديدة.

وقال شولتز للصحفيين إن حكومته ستواصل التأكد من أن أوكرانيا ستبقى دولة عبور للغاز. لكنه تجنب تقديم إجابة واضحة على السؤال المتعلق بما إذا كانت حكومته ستوقف العمل في "نورد ستريم 2" إذا غزا بوتين أوكرانيا. يدعم الديمقراطيون الاشتراكيون بقيادة شولتز، مثل ميركل، مشروع خط الأنابيب ككل.

لكن نائب المستشار القادم روبرت هابيك من حزب الخضر أوضح أن عملية مراجعة المشروع قد تتأثر بالتطورات في أوكرانيا. وكان قد طالب حزب الخضر الألماني في الماضي بإنهاء المشروع.

لن ينطوي رد الفعل القوي بالضرورة على الغزو الروسي على إخراج "نورد ستريم 2" من المعادلة، وفقاً لمسؤول ألماني مطلع على تفكير الاشتراكيين الديمقراطيين. وقال المسؤول في مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، إن الحزب الاشتراكي الديمقراطي عمل لضمان عدم تسييس موضوع "نورد ستريم 2" على الفور. في الواقع، لم تتم الإشارة إلى خط الأنابيب في اتفاق الائتلاف المكون من 177 صفحة بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر والديمقراطيين الأحرار.

لا يمكن أن يبدأ خط الأنابيب المكتمل حديثاً العمل تحت بحر البلطيق دون موافقة الجهة التنظيمية الألمانية ومراجعة السلطات الأوروبية. توقفت عملية التقييم في ألمانيا في منتصف نوفمبر بعد أن قررت الهيئة التنظيمية أن شركة الطاقة الروسية "غازبروم" (Gazprom) بحاجة إلى إعادة هيكلة عملياتها في "نورد ستريم 2"، للامتثال لقوانين الاتحاد الأوروبي.

رئيسة المفوضية الأوروبية تؤكد دعم أوكرانيا

يواصل الاتحاد الأوروبي دعمه الكامل لأوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي. سنرد على أي اعتداءات أخرى بتوسيع نطاق العقوبات الحالية وزيادة شدتها. نحن على استعداد لاتخاذ تدابير تقييدية إضافية، بالتنسيق مع شركائنا. - أورسولا فون دير لاين 7 ديسمبر 2021

لطالما كان منتقدو خط الأنابيب، ومن بينهم العديد من أعضاء الاتحاد الأوروبي، ضد المشروع، زاعمين أنه يجعل أوروبا تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي، بينما تقول ألمانيا وروسيا إنه مسعى تجاري.

وفرت شركة "غازبروم" حوالي ثلث إجمالي الغاز المستهلك في أوروبا في عام 2020، ومن المرجح أن تصبح مصدراً أكثر أهمية على المدى القصير مع تقليص القارة للإنتاج المحلي.

وقال الأشخاص إن الولايات المتحدة تأمل في التوصل إلى اتفاق بشأن مجموعة الإجراءات الانتقامية ضد بوتين هذا الشهر.

اقرأ أيضاً: "غازبروم" تخطط لتأسيس شركة في ألمانيا للحصول على موافقات "نورد ستريم 2"

قبل المكالمة الهاتفية بين الرئيسين بايدن وبوتين، قال شخصان لبلومبرغ إنه لا توجد مؤشرات على تخفيض التصعيد من جانب روسيا. وأشار أحدهم إلى استدعاء بيلاروسيا للملحق الدفاعي الأوكراني بشأن انتهاك مزعوم للمجال الجوي باعتباره الأحدث في سلسلة من العلامات المقلقة. نفت أوكرانيا الادعاء بأن إحدى مروحياتها العسكرية دخلت إلى الأراضي البيلاروسية. ومع ذلك، قال أحد الأشخاص المطلعين إن فرصة ثني بوتين عن عزمه لا زالت قائمة.

تبادلت الولايات المتحدة معلومات استخبارية مع حلفاء في الناتو تقول إن روسيا ستكون في وضع يمكنها من تنفيذ توغل سريع وواسع النطاق في أوكرانيا من مواقع متعددة في الأشهر الأولى من عام 2022. وستشمل الخطط حوالي 100 كتيبة تكتيكية، أي ضعف العدد المتمركز حالياً قرب حدود أوكرانيا، وفقاً للمعلومات.

قد يؤدي تقييد صادرات الطاقة الروسية إلى تعريض اقتصادات أوروبا للخطر في وقت حرج من تعافي القارة. تشهد المنطقة واحدة من أسوأ أزمات إمدادات الغاز في السنوات الأخيرة، ما دفع بأسعار الوقود إلى مستويات قياسية، ليزيد التضخم والمخاوف بشأن قدرة أوروبا على الحصول على إمدادات الغاز الكافية خلال الشتاء. ستتسبب أي تحركات ضد "نورد ستريم 2" في إثارة السوق الأوروبية، ويتوقع المتداولون أن تخفف التدفقات الروسية من حدة الضيق في السوق.

تريد المفوضة الأوروبية من الاتحاد الأوروبي أن يبتعد بسرعة أكبر عن الوقود الأحفوري ويتجه نحو المصادر المتجددة كجزء من صفقتها الخضراء من أجل التعامل بشكل أفضل مع أسعار الطاقة المتقلبة.

غاز طبيعي