فوضى سلسلة التوريد تعطل الحياة اليومية لنحو 50 ألفاً من سكان لوس أنجلس

 حاويات الشحن بالقرب من كنيسة صغيرة بحي ويلمنجتون في لوس أنجلس
حاويات الشحن بالقرب من كنيسة صغيرة بحي ويلمنجتون في لوس أنجلس المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في لوس أنجلس، عند الشارع المقابل لأكثر الموانئ الأمريكية ازدحاماً، يقع حي ويلمنغتون الذي يقطنه العمال ذوو الياقات الزرقاء، حيث يقول السكان إن فوضى سلسلة التوريد تعطل حياتهم اليومية، وتأتي بفوائد اقتصادية أقل للمجتمع.

نظراً لتوسع مجمع الموانئ الذي يمتد في لوس أنجلس ولونغ بيتش المجاورة في العقد الماضي، فقد اعتاد حوالي 50 ألف من سكان المجتمع المعروف باسم "قلب المرفأ" على الشاحنات، لكن مع احتلال أزمة سلسلة التوريد العالمية مركز الصدارة في فنائهم الخارجي، يقول بعض السكان إن حجم الشاحنات وتأثيرها أصبح لا يطاق.

طالع أيضاً: انحسار تكدس المواني في آسيا.. والولايات المتحدة تصارع طوفاناً من الواردات

غالباً ما يمكن رصد شاحنات الخدمة الشاقة وهي تمر عبر المساكن والمدارس لتجنب الازدحام في ممر ألاميدا، وهو طريق سريع بطول 20 ميلاً للقطارات والشاحنات تم إنشاؤه في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. في بعض الأحيان، يذهب سائقو الشاحنات إلى حد ترك الحاويات والشاسيه (الهيكل الميكانيكي للمركبات) في نفس هذه الشوارع.

طالع المزيد: تأجيل فرض غرامات الانتظار بميناءين رئيسيين في كاليفورنيا مع تراجع الازدحام

في أكتوبر، سقطت حاوية فارغة من الجزء الخلفي لنصف شاحنة في الحي، مما أدى إلى تحطم سيارة متوقفة.

يقول غلين تواردي، الرقيب في شرطة ميناء لوس أنجلس، إنه باستخدام الشوارع السكنية كطرق مختصرة، يعرّض سائقو الشاحنات كلاً من الأطفال وراكبي الدراجات وغيرهم من السكان للخطر، ويساهمون في مشاكل تتعلق بجودة الحياة في المجتمع.

من جهتها، قالت جينا مارتينيز، الرئيسة المشاركة لـ"مجلس حي ويلمنغتون": "لا يمكن للأطفال الخروج واللعب، نحن محاصرون من جميع الجوانب الأربعة لمجتمعنا".

يعتبر انفلات الغازات التي تستهلكها الشاحنات مصدر قلق آخر في مجتمع يعاني بالفعل من تلوث الهواء من حقل النفط الضخم في المنطقة والانبعاثات الأخرى من الميناء القريب. إذ يعرف عن مدينة ويلمنغتون أن لديها واحدة من أعلى معدلات الإصابة بالسرطان في جنوب كاليفورنيا وبعض أعلى معدلات الإصابة بالربو في الولاية.

يقول عضو المجلس جو بوسكاينو، الذي يمثل مجتمعات الموانئ في مجلس مدينة لوس أنجلس، إنه في أماكن مثل ويلمنغتون، تمتد مشكلات سلسلة التوريد إلى ما هو أبعد من الرفوف الفارغة وتأخيرات الشحن، وتخلق "خطراً" على السكان.

اقرأ أيضاً: أزمة سلاسل التوريد تشعل رخاء اقتصادياً على حدود الولايات المتحدة والمكسيك

منذ سبتمبر، أصدر مسؤولو إنفاذ القانون أكثر من 900 أمر استدعاء للمحكمة بسبب الهياكل الميكانيكية للمركبات العالقة حول ويلمنغتون، وسجلوا ما يزيد عن 700 انتهاك للحركة والمعدات تتعلق بالشاحنات. قال تواردي، من شرطة الميناء، إنه في حملة استمرت ثلاث ساعات في شهر نوفمبر وحده، غرمت الشرطة ما يقرب من 40 سائق شاحنة لارتكابهم انتهاكات متعلقة بالحاويات.

في محاولتها لخفض هذه الأرقام، تقوم السلطات بتطبيق تدابير جديدة. إذ من المقرر أن ترتفع الغرامات المفروضة على الهيكل غير الموصول بشاحنة إلى ما يصل إلى 2000 دولار بحلول نهاية عام 2021، في نظام زيادة تدريجية يبدأ عند 78 دولاراً، مع بدء حجز المقطورات بعد تسجيل انتهاك ثالث.

اقرأ المزيد: كل ما تحتاجون إلى معرفته حول أزمة سلسلة التوريد العالمية

يقول بوسكاينو، الذي اقترح الغرامات التصاعدية، إن القرب من بوابة التجارة الرئيسية للبلاد قد جلب "وظائف جيدة وأثراً اقتصادياً هائلاً" على المنطقة. لكن محلياً، نتعامل دائماً مع الآثار السلبية لتلوث الهواء وحركة المرور والضوضاء.

يبدو أن هذا الأثر الاقتصادي قد تضاءل أثناء الوباء. إذ سجلت لوس أنجلس ولونغ بيتش ثالث أكبر انخفاض في الوظائف ذات الحد الأدنى للأجور في الولايات المتحدة خلال الوباء، وفقاً لـ"معهد لودفيغ للازدهار الاقتصادي المشترك" (Ludwig Institute for Shared Economic Prosperity).

قالت المنظمة في تقرير صدر في نوفمبر إن هذا الانخفاض يعود جزئياً إلى "سكان المنطقة من أصول تعود لأمريكا اللاتينية، الذين عانوا بشكل عام من بطالة وظيفية أكثر من السكان البيض".

من جانبها، تقول غايل فلوري، الرئيسة المشاركة لـ"مجلس حي ويلمنغتون"، إن مجتمع ذوي الياقات الزرقاء حيث يُعرّف حوالي 90% من السكان على أنهم من ذوي أصول لاتينية، يتم أيضاً "تجريحهم" وإهمالهم عندما يتعلق الأمر بمعالجة مخاوف جودة الحياة بسبب التركيبة السكانية. وتضيف الفنانة البالغة من العمر 60 عاماً قائلةً: "لقد تم سحقنا".

اقرأ المزيد: استعدوا.. فوضى الشحن البحري للحاويات لن تنتهي قريباً

بينما تقول الرئيسة المشاركة الأخرى للمجلس: "إن الأمر يشبه الغرب المتوحش". وتقول إن المجتمع في صراع مع حركة مرور الشاحنات منذ أن بدأت الموانئ المزدوجة في التوسع قبل عقد من الزمان، لكن الأزمة المستمرة جعلت الأمور أسوأ. وأضافت أن الحاويات "تستمر بالقدوم".

وكون مجمع ميناء لوس أنجلس - لونغ بيتش مسؤولاً عما يقرب من 40% من جميع واردات الولايات المتحدة، فإنه كان يتعامل مع تكدس مجمع الميناء بأرقام قياسية منذ الصيف والذي بالكاد تم تخفيفه على الرغم من تكثيف العمليات ومشاركة فريق عمل بقيادة البيت الأبيض.

يقول غيو مارز، أحد سكان ويلمنغتون والذي تمتلك عائلته شركة نقل بالشاحنات في المنطقة: "لقد رأينا دائماً شاحنات وحاويات ووسائط متعددة تتنقل في شوارعنا... لكن الآن هناك الكثير منها.. لقد باتت تغمر شوارعنا".

بالإضافة إلى الغرامات، يعمل المسؤولون على تحديد العقارات خارج المناطق السكنية التي يمكن استخدامها لتخزين الحاويات. في الصيف المقبل، ستعمل ويلمنغتون أيضاً على تحديث خطتها المجتمعية لنقل المناطق الصناعية الثقيلة إلى مواقع هجينة بعيدة عن المناطق السكنية. لكن حتى مع الخطة الجديدة، هناك العديد من شركات النقل القديمة المُعفاة من القوانين الجديدة، مما يعني أنها ستبقى على الرغم من التعديل.

يضيف مارز، الذي ترك شركة النقل بالشاحنات التابعة لعائلته ليصبح مديراً لعلاقات الناقل في شركة وساطة الشحن الرقمية " كارغوماتك" (Cargomatic): "في الوقت الحالي يبحث الجميع في سلسلة التوريد عن حلول... لكن ليس ثمة طريق سهل للخروج".