الطريق مفتوح أمام "أبل" لاقتحام سوق السيارات الفاخرة

أبل في طريقها لاقتحام صناعة السيارات
أبل في طريقها لاقتحام صناعة السيارات المصدر: أ ف ب
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

إذا رغبت شركة "أبل" أن تنجح في مشروعها الخاص بصناعة السيارات، فعليها أن تستهدف سوق السيارات الفاخرة البالغ قيمته 230 مليار دولار، وقد يكون القيام بذلك بمثابة الطريقة الوحيدة لإرضاء المستثمرين، لكن إزاحة الشركات القائمة التي تعمل بالسوق منذ 125 عاما مثل "مرسيدس بنز" لن يكون أمرا سهلا.

أوردت وكالة "رويترز الشهر الماضي أن "أبل" الشركة المصنعة لهاتف "أيفون" استجمعت جهودها لتصنيع سيارتها الخاصة، رغم أن الأمر قد يستغرق خمس سنوات على الأقل لبدء الإنتاج، حسبما كشفت "بلومبرغ نيوز" يوم الخميس.

ومنذ بدء المشروع في عام 2014، واجهت شركة "أبل" العديد من البدايات الخاطئة، حيث جرى تسريح مئات الموظفين في عامي 2016 و2019، بسبب ارتفاع التكاليف وتحول التركيز من السيارات الكهربائية إلى تكنولوجيا القيادة الذاتية والعودة مرة أخرى إلى السيارات الكهربائية.

نهج تيم كوك

وفي حال استمر الرئيس التنفيذي لـ "أبل" تيم كوك في نهجه، فسيواجه خيارات صعبة بشأن كيفية دخول سوق تشتهر بانخفاض الربحية. ورغم كل النجاحات التي حققتها في البورصة مؤخرا، فقد أظهرت شركة "تسلا" السلبيات الناتجة عن افتقار الخبرة في مجال السيارات، وتتحمل مرارا وتكرارا مشاكل التصنيع وعدم تحقيق أهداف الإنتاج. لذلك ليس هناك شك في أن شركة "أبل" ستتعاقد مع شركة ثالثة بشأن التصنيع مثل "ماجنا انترناشيونال"، كما كتب زميلي كريس براينت.

منذ حوالي خمس سنوات، كان لدى شركة "ماجنا انترناشيونال" الكندية ما يقرب من 100 موظف يعملون مع "أبل"، مما يساعد في توجيه شركة التكنولوجيا خلال العملية الهندسية. لكن العمل مع "ماجنا" لم يتدرج أبدا لمعرفة كيفية أو مكان تصنيع السيارة.

"ماجنا" ليست الخيار الوحيد أمام آبل

فشركة "فوكسكون تكنولوجي غروب"، التي تصنع أجهزة "آيفون" بموجب عقد مع "آبل"، تدخل أيضا إلى مجال صناعة السيارات - وأسست مشروعا مشتركا في عام 2020 مع "فيات كرايسلر " (Fiat Chrysler Automobiles NV) عملاقة صناعة السيارات ومقرها ميلانو والتي اندمجت مع مجموعة "بي إس أيه" (PSA) الفرنسية.

وربما بشكل أكثر ملاءمة، أصبحت شركات صناعة السيارات الراسخة حاليا، مرشحة بشكل جدي للغاية للتعاون مع "أبل".

وفي الواقع يوم الجمعة، بدا أن شركة "هيونداي موتور كو" الكورية (Hyundai Motor Co) تؤكد بأنها تجري مناقشات مع شركة "أبل" قبل التراجع عن البيان الذي أشار لذلك.

ويمكن أن تساعد الشراكة مع "هيونداي موتور" في حل بعض المشكلات السابقة التي واجهتها "أبل" بشأن مكونات تصنيع السيارة الكهربائية.

وفي مجال الإلكترونيات الاستهلاكية، اعتادت شركة "أبل" ومقرها ولاية كاليفورنيا الأمريكية، الحصول على أفضل التقنيات. ومع ذلك، فإن "أبل" أكبر شركة بالسوق تحقق أرباحا بالنسبة للشركات الموردة لها.

وإذا كانت شركة "أبل" تريد التفرد بأحدث تقنيات الاستشعار ثلاثية الأبعاد المتطورة، على سبيل المثال، فإن الشركات الموردة ستحرص للمساهمة في أكثر من 200 مليون جهاز "أيفون" من المتوقع أن تبيعها "أبل" خلال عام 2021.

بدائل الشراكة

و في ظل توافر القليل من الرؤية حول عدد المركبات التي كانت تتوقع شحنها في عامها الأول، أو عندما يحدث ذلك، كان هناك حافز ضئيل للشركات الموردة لتوفير أي مكونات بشكل حصري، مع أن عميلا مثل شركة "فولكس فاغن" قد تبيع حوالي 10 ملايين سيارة في ذلك العام.

ولذلك، من المنطقي أن تتعاون "أبل" مع شركة رائدة، مثل "فولكس فاغن" وتحالف "رينو- نيسان- ميتسوبيشي" و"فولفو إس إي"، وشركتها الأم الصينية "جيلي أتومابيل هولدنجز ليمتد"، وشركة "جنرال موتورز" وبالطبع، شراكة "هيونداي" مع شركتها الشقيقة "كيا موتورز" الكورية.

وطورت الشركات الرائدة جميعا منصات سيارات كهربائية ذات نطاق كاف لدفع الشركات الموردة إلى التدافع للحصول على عقود.

وأعربت بعض الشركات عن استعدادها لصناعة سيارات لعلامات تجارية أخرى، حيث تعمل "فولكس فاغن" بالفعل مع "فورد" و"جنرال موتورز" مع "هوندا". ومع ذلك، رغم أن العمل الجماعي يحافظ على انخفاض التكاليف الثابتة، فإنه يمثل تحديا عندما يتعلق الأمر بالربحية.

وعادة ما يكلف التعاقد مع شركة أخرى حوالي 10% أكثر من صنع السيارة بنفسك، وفقا لـ إريك نوبل، رئيس استشارات السيارات في "كار لاب". كما أن هوامش الربح في صناعة السيارات أقل بالفعل مما هي عليه في "أيفون".

هامش ربح تسلا

ومن المحتمل أن تتمتع "تسلا" بهامش ربح إجمالي يبلغ حوالي 30% من بيع سيارتها "طراز 3" ، حسبما أفادت وكالة "بلومبرغ نيوز" في عام 2018. ويبلغ هامش الربح الإجمالي لشركة "آبل" جراء بيع أجهزة "آيفون" نحو 60% تقريبا.

وأكبر نفقات السيارات الكهربائية تتمثل في تصنيع البطارية، والتي لا تستفيد من وفورات الحجم بسبب التكلفة الثابتة للمواد الخام.

وفي سيارة طراز 3 من تسلا، تمثل البطارية أكثر من ثلث إجمالي تكلفة التصنيع، بواقع 13 ألف دولار للبطارية الواحدة.

إذا تمكنت "أبل" كما أوردت "رويترز"، من إيجاد طريقة لتقليل تلك التكلفة باستخدام تقنية البطاريات الجديدة، لذا فإن صناعة السيارات تصبح استثمارا أكثر جاذبية. ولكن حتى البطارية الأرخص بنسبة 50% من المحتمل أن تجعل السيارة أقل ربحية مقارنة ببيع "أبل" لهواتف "أيفون" إذا كانت نقطة السعر مماثلة لنقطة "تسلا".

والسعر هو الطريقة الواضحة لسد الفجوة. ولا تعتزم "أبل" تصنيع سيارة للسوق العام. فهي تقدم سيارة فاخرة، ومن المحتمل أن يكون سعرها أعلى من 100 ألف دولار، خاصة إذا كانت تتمتع بقدرات ذاتية القيادة التي تستخدم تحديد المدى بواسطة الضوء (اللِّيدار) المتطورة.

ومن الناحية النظرية، ستكون هذه استراتيجية تسعير مماثلة لجهاز "آيفون"، ولكنها من الناحية العملية تستهدف شريحة إنفاق مختلفة تماما، وهو أمر ليس سهلا. وتخلت شركة "دايسون" المصنعة للأجهزة الكهربائية عن جهودها الخاصة بصناعة السيارات، بعد أن أدركت أنها ستحتاج إلى دفع 150 ألف جنيه استرليني (200 ألف دولار) لكل سيارة من حيث التكلفة.

تكنولوجيا اَبل

ولدى"أبل" فرصة أفضل لتصبح شركة جادة في تصنيع السيارات. وتتمتع "أبل" بأفضلية على غيرها من الشركات عندما يتعلق الأمر بالبرمجيات والتصميم، وقد تحقق قفزة في تكنولوجيا البطاريات، على الرغم من أن هذه المزايا لن تدوم إلى الأبد.

وأفضل طريقة للمضي قدما بالنسبة لـ "أبل" هي أن تكون نقطة سعرها أقرب إلى سيارة "فيراري" من سيارة "فيات".