خروج 3 تريليونات دولار من سوق السندات سلبية العائد

مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت
مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

انخفضت السندات ذات العائد السلبي عالمياً إلى أدنى مستوى منذ أكثر من 6 أعوام – مع انتقال سندات تقترب قيمتها من 3 تريليونات دولار إلى منطقة العائد الموجب خلال يومين فقط في الأسبوع الماضي – كعلامة من أوضح العلامات حتى الآن على اقتراب عهد النقود الرخيصة السهلة من نقطة النهاية.

تبلغ جملة السندات ذات العوائد السلبية – التي تحقق للمستثمرين خسارة مؤكدة إذا احتفظوا بها حتى تاريخ الاستحقاق – نحو 4.9 تريليون دولار حالياً، وهو أدنى مستوى منذ ديسمبر 2015 بحسب بيانات مؤشر "بلومبرغ".

البنوك المركزية العالمية تتجه للتشديد الكمي بعد خطة "الفيدرالي" لرفع الفائدة

في أوروبا، انخفضت هذه السندات بنسبة 80% منذ الذروة التي بلغتها في ديسمبر 2020 لتصل قيمتها إلى ما يعادل 1.9 تريليون دولار، أي أدنى مستوى لها منذ سبتمبر 2015، إذ أن قيمتها كانت صفراً في عام 2014.

نهاية العوائد السلبية

يؤشر هذا التحول على بداية انتهاء ظاهرة غريبة محيرة للعقل في قطاع التمويل الحديث، هي أن يدفع الناس مقابل إقراض أموالهم.

كانت العوائد السلبية ميزة لصالح المقترضين لأنها كانت تدر فائدة حقيقية عليهم هم لا على الدائنين.

على الجانب الآخر، شجعت هذه الأوضاع مستثمري السندات على المضاربة في أصول أخرى في سعيهم وراء العوائد، وقاموا بتمديد حياة شركات ربما كانت ستنهار لو لم يتدخلوا.

كتب محللو "جيه بي مورغان تشيز" بقيادة نيكولاوس بانيجيرتسوغلو في مذكرة للعملاء: "إن تدهور سوق السندات ذات العائد السلبي ينطوي على إمكانية أن يتحول إلى قوة ذاتية الدفع، فشركات معينة مثل شركات التأمين وصناديق معاشات التقاعد، التي لجأت في الأعوام السابقة إلى تمديد آجال سنداتها وانخفضت بمستوى درجة التقييم الائتماني حتى تتجنب العوائد السلبية، لم تعد تتعرض الآن لضغوط حتى تكرر ذلك".

تختفي الديون ذات العائد السلبي لأن البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم تبدأ في سحب الدعم النقدي الطارئ الذي قدمته في فترة انتشار الجائحة بهدف التعامل مع الزيادة المحمومة في معدلات التضخم – ما أدى إلى انخفاض الطلب على السندات ودفع أسعارها نحو الهبوط، مما يرفع عوائدها.

سوق السندات تتأهب لمسار وعر بعد تغيير قواعد لعبة "الفيدرالي الأمريكي"

توقع عضو المجلس الحاكم للبنك المركزي الأوروبي كلاس نوت يوم الأحد الماضي زيادة أسعار الفائدة مبكراً، في الربع الأخير من العام، بينما أشعلت أرقام التوظيف في الولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي توقعات اتخاذ إجراءات تشديدية في مختلف أنحاء العالم.

قال فنسنت شيغنو، رئيس البحوث بشركة "جينيرالي إنفستمنتس": "سيستمر هذا التراجع لأن البنوك المركزية تتجه نحو إعادة السياسة النقدية إلى طبيعتها عبر زيادة أسعار الفائدة، وتخفيض حجم ميزانية شراء الأصول (بوتيرة أبطأ)".

صعود متوالي

في ألمانيا، وهي إحدى القلاع العالمية الكبرى في تداول السندات ذات العائد السلبي، ارتفعت عوائد السندات لأجل 10 سنوات لليوم العاشر على التوالي، أي أطول فترة زيادة في هذه العوائد منذ 22 عاماً. وقد صعدت إلى 23 نقطة أساس من سالب 18 نقطة أساس في نهاية 2021.

ارتفاع السندات الألمانية واليورو مع تزايد رهانات رفع الفائدة في 2022

صعدت تكاليف الاقتراض عند أكثر حكومات أوروبا مديونية، ومن بينها اليونان وإيطاليا، منذ تحول البنك المركزي الأوروبي إلى موقفٍ متشدد الأسبوع الماضي، مما يؤكد على مخاطر التحول المفاجئ في السياسة النقدية.

"المركزي الأوروبي" يفتح الباب أمام رفع الفائدة في 2022

يمتد تأثير تحركات السندات الحكومية إلى سوق ائتمان الشركات. فقد قفزت تكلفة التمويل لدى المقترضين الأوروبيين ذوي الدرجة الاستثمارية المرتفعة متجاوزة 1% لأول مرة منذ يونيو 2020.

غير أن استراتيجيي "جيه بي مورغان" قالوا إن تغيير السياسة حتى تبتعد عن العوائد وأسعار الفائدة السلبية قد تنشأ عنه فعلياً "رياح مواتية" للاقتصادات الكبرى، مع "انحسار التبعات غير المقصودة لسياسة العوائد السلبية السابقة".

وأضافوا أن أسعار العائد السلبية أحدثت خللاً في تخصيص رأس المال، وخفضت ربحية البنوك، وعرقلت تدفق الائتمان، وشوهت عمل أسواق النقد.