شركة التكنولوجيا المالية الأوروبية الأعلى قيمة تبحر في عواصف أسعار الفائدة

شعار "كلارنا" على هاتف محمول في لندن، المملكة المتحدة.
شعار "كلارنا" على هاتف محمول في لندن، المملكة المتحدة. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعد منصة "كلارنا بنك" (Klarna Bank)، شركة التكنولوجيا المالية الأكثر قيمة في أوروبا، رائدة الدفع في ظل قطاع مزدهر، وتتودد إليها لندن لاحتمالية إدراج أسهمها في البورصة. ولدى الشركة نموذج للتمويل قد يتعرض للتهديد بسبب سرعة الواقع المستجد لأسعار الفائدة المرتفعة.

تحت شعار "اشتر الآن وادفع لاحقاً"، تقدم الشركة السويدية قروضاً بدون فوائد بشكل فعّال حتى يتمكن المتسوقون عبر الإنترنت من تسديد المدفوعات، معتمدةً في ذلك على الرسوم التي يدفعها التجار وعقوبات السداد المتأخر للإيرادات. وتقدر قيمة الشركة بنحو 46 مليار دولار بعد جولة تمويلية بقيادة "سوفت بنك غروب" العام الماضي.

جيل الألفية أدمن التسوق عبر تطبيق "كلارنا" الذي بلغت قيمته ـ46 مليار دولار

تستخدم الشركة مزيجاً من ودائع العملاء، فهي تقدم حسابات بنكية تقليدية في السويد وألمانيا، بالإضافة إلى ديون قصيرة الأجل لتمويل القروض. يزدهر هذا النموذج في عالم معدل الفائدة المنخفض، لأن مثل هذه الديون تميل إلى أن تكون رخيصة للغاية، فضلاً عن المعدلات المنخفضة جداً على الودائع.

تغير الأمور

لكن تتغير الأمور بسرعة. حيث بدأ "بنك إنجلترا" في رفع أسعار الفائدة بالفعل، ومن المقرر أن يتبعه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في مارس. وهناك رهانات على أن البنك المركزي الأوروبي قد يتحرك تجاه هذه الخطوة أيضاً هذا العام. وبالنظر إلى النموذج الكامن وراء النمو السريع لشركة "كلارنا"، فإن التغيير القادم في عام 2022 سيكون له آثار على تكاليف التمويل.

قال جون كولي، الأستاذ في كلية وارويك للأعمال وخبير التكنولوجيا المالية: "يعتمد نموذج العمل بأكمله على هوامش ضعيفة، ولا يحتوي على الفوائد العالية التي يفرضها مقدمو بطاقات الائتمان على الاستخدام. وبمجرد أن تصبح البيئة سيئة، سرعان ما تفقد الفائدة".

تعد "كلارنا" واحدة من مجموعة من الشركات التي تجذب انتباه المستهلكين الشباب والمستثمرين. وتقول الشركة إنها تخدم 90 مليون عميل نشط وتنفذ نحو مليوني معاملة في اليوم. وكانت شركة "سكوير" (Square) المملوكة لجاك دورسي قد اشترت شركات أخرى، من بينها "افيرم" (Affirm) و"إن 3" التابعة لـ"باي بال هولدينغ" و"أفتر باي"، العام الماضي مقابل 29 مليون دولار.

تشمل ديون الشركة 3.1 مليار كرونة سويدية (297 مليون دولار) من السندات المستحقة في العامين المقبلين وبرنامج الأوراق التجارية بقيمة 5 مليارات كرونة سويدية، وهو شكل من أشكال الديون قصيرة الأجل التي أصبحت أقل شعبية بسبب ضغوط السوق في بداية أزمة كورونا. انخفضت سندات "كلارنا" المستحقة في مايو 2024 إلى أدنى سعر منذ فبراير من العام الماضي.

"كلارنا" تجمع تمويلاً جديداً

رداً على أسئلة بلومبرغ، قالت "كلارنا" إن جزءاً صغيراً فقط من قروضها يمول من خلال الديون، وتُقدر أن 80-85% يأتي من ودائع العملاء. وأضافت: "يبلغ متوسط مدة استحقاق محفظة (كلارنا) الائتمانية حوالي 40 يوماً. على هذا النحو، فإن ملف استحقاق التمويل الإجمالي أطول من الأصول".

المزيج

في تقرير مالي في أكتوبر الماضي، ذكرت "كلارنا" أن إجمالي القروض للمستهلكين بلغ حوالي 52 مليار كرونة سويدية. وبلغت الودائع نحو 45 مليار كرونة، أما سندات الدين فوصلت إلى 8.1 مليار كرونة سويدية، أي حوالي 15% من مزيج من الاثنين. في حين أن هذه النسبة في حد ذاتها ليست مصدراً للقلق، فإن المشكلة المحتملة تتعلق بطبيعة الدين.

قال بيير بوير، رئيس الديون قصيرة الأجل في شركة "كاندريام" البلجيكية لإدارة الأصول: "بفضل البنك المركزي الأوروبي، ستظل تكاليف الاقتراض قصير الأجل منخفضة للغاية للعام المقبل أو نحو ذلك". وأضاف: "لكن في النهاية، سترتفع المعدلات وسيتعين على الشركات التي تستخدم هذا إعادة تقييم نموذجها. هل سيعني ذلك تغييراً كبيراً للمؤسسات المالية التي تستخدم هذا؟ قطعاً".

لم يستثمر بوير في الأوراق التجارية لشركة "كلارنا"، ولكنه لديه مناصب في أدوات مماثلة من قبل مؤسسات مالية أوروبية أخرى. كما أن معظم ديون "كلارنا" مملوكة للمستثمرين السويديين المحليين. حاولت بلومبرغ التوصل لمجموعة مختارة من هؤلاء المستثمرين، لكن لم يحالفها الحظ.

المستثمرون يجب أن يكونوا أكثر ذكاء بشأن التكنولوجيا المالية

تختلف "كلارنا" عن البنوك التقليدية، التي تقترض لإقراض عملائها، لأنها لا تفرض فائدة على مستخدميها إذا دفعوا في الوقت المحدد، وتفرض الشركة فائدة فقط على منتجها التمويلي المنظم. بلغت خسائر الشركة قبل الضريبة 3.1 مليار كرونة سويدية خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2021.

الأوراق التجارية

تجدر الإشارة إلى هشاشة الأوراق التجارية، حيث تتراوح آجال الاستحقاق عادةً من بضعة أيام إلى بضعة أشهر، والتي تعرضت للاضطراب في أولى أيام تفشي فيروس كورونا.

تجمد الوصول إلى الأوراق التجارية عندما تسبب الوباء في اضطراب الأسواق لأول مرة، مما أجبر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي على التدخل لتحقيق الاستقرار. ومنذ ذلك الحين، قللت العديد من الشركات الكبيرة اعتمادها على هذه الأوراق.

قال مايكل تايانو، المحلل في وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني: "من المفهوم أن شركات مثل (كلارنا) ترغب في الحصول على تمويل رخيص قدر الإمكان، لكن تكمن المخاطر عندما ينقلب هذا الدين وتتقلب الأسواق كما حدث أثناء الوباء". وأضاف: "نميل إلى تفضيل آجال استحقاق طويلة الأجل تكون، في عالم مثالي، موزعة على إطار زمني أطول".