ارتفاع أسعار البنزين يضغط على حكومات آسيوية رئيسية بالتزامن مع إجراء الانتخابات

ارتفاع أسعار البنزين يقلق الحكومات والبنوك المركزية العالمية
ارتفاع أسعار البنزين يقلق الحكومات والبنوك المركزية العالمية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أدى ارتفاع أسعار البنزين إلى زيادة التضخم، وإلى إحداث قلق للحكومات والبنوك المركزية في جميع أنحاء العالم. وسيمثل الأمر مزيداً من الضغط على المرشحين في البلدان التي ستجرى فيها الانتخابات خلال الفترة المقبلة.

في حين أنَّ الفترات المتوسطة للولايات المتحدة في شهر نوفمبر هي المثال الرئيسي لتغذية أسعار الوقود في المجال السياسي؛ فإنَّ الانتخابات القادمة قد تتأثر في آسيا أيضاً.

بدأ الناخبون بالفعل في الإدلاء بأصواتهم في انتخابات الولايات الهندية، كما ستقوم كوريا الجنوبية بإجراء الانتخابات الرئاسية في مطلع مارس. هناك أيضاً انتخابات عامة في أستراليا، ومنافسة على مجلس الشيوخ في اليابان خلال الأشهر القليلة المقبلة.

دفع الارتفاع المستمر لأسعار النفط نحو الأرقام الثلاثية المرشحين إلى اتخاذ إجراءات سياسية؛ فقد خفّضت الهند ضرائب التجزئة على البنزين والديزل في شهر نوفمبر، مع تجميد غير رسمي للأسعار منذ ذلك الحين. كما فرضت كوريا الجنوبية انخفاضاً مؤقتاً بنسبة 20% على رسوم الوقود في الفترة من أكتوبر حتى أبريل، والذي قد يتم تمديده لاحقاً. من ناحية أخرى؛ تدعم اليابان مصافي التكرير لصناعة وقود المحركات.

طالع المزيد: قيود كورونا في جميع أنحاء آسيا تُهدد تعافي الطلب على النفط

رد فعل سياسي

تعتبر الحكومات في الاقتصادات التي تتخلف فيها مستويات الأجور عن معدلات التضخم أكثر عرضة لرد فعل سياسي ناتج عن ارتفاع أسعار البنزين، وفقاً لـِ سونال فارما، كبيرة الاقتصاديين في الهند وآسيا واليابان سابقاً، والتي تعمل في "نومورا هولدينغز" (Nomura Holdings Inc).

قالت فارما: "إذا عانى بلد ما من زيادة معدل الدخل المنخفض، ومن تضخم مرتفع؛ فإنَّ الأمر يصبح ضربة مزدوجة، ومن ثَمَّ يمكن أن يكون للأمر تداعيات اقتصادية وسياسية". أضافت فارما أنَّ الأمر يشكّل مصدراً للقلق في آسيا على وجه الخصوص، بالنظر إلى أنَّ جميع الاقتصادات الرئيسية في المنطقة تعد مستوردة صافية للنفط.

ارتفع سعر التجزئة للبنزين في أستراليا بنسبة 80% منذ مطلع مايو 2020، في حين ارتفع في اليابان بنحو 37%، فقد تعافى النفط من الوباء. ومن المتوقَّع أن يرفع كبار تجار التجزئة للبنزين في الهند، المملوكين للدولة، الأسعار بشكل حاد بعد الانتهاء من الانتخابات الشهر المقبل.

اقرأ أيضاً: عودة النفط الإيراني المرتقبة ستشعل معركة في أسواق آسيا

صناديق الاقتراع

سيتجه الناخبون في الهند إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات التي تستمر حتى مطلع مارس في خمس ولايات، أبرزها ولاية أوتار براديش، وهي أكبر ولاية وتضم أكثر من 200 مليون شخص. يشير التضخم، الذي تجاوز الحد الأقصى البالغ 6% الذي وضعه البنك المركزي في يناير، إلى التحدي الصعب الذي يواجهه حزب "بهاراتيا جاناتا" بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي. وارتفعت الأجور في المناطق الريفية في الهند بنسبة 3.31% فقط في ديسمبر مقارنة بالعام السابق، وفقاً لبيانات "بلومبرغ إيكونوميكس".

ستنتخب كوريا الجنوبية رئيساً جديداً في 9 مارس، ولن يُسمح للرئيس الحالي "مون جاي إن" بالترشح لولاية أخرى، وتشير استطلاعات الرأي إلى وجود منافسة قاسية بين المرشحين من حزبه ومن المعارضة أيضاً. وكان متوسط الأجور قد ارتفع بنسبة 4% العام الماضي، في حين بلغ التضخم على أساس سنوي 3.6% في يناير. لذلك؛ قد لا يلعب ارتفاع الأسعار دوراً كبيراً في عملية التصويت كما هو الحال في دول أخرى.

إيران تبحث استئناف تصدير النفط لكوريا الجنوبية مع قرب التوصل إلى الاتفاق النووي

خسارة ساحقة

من المفترض أن يدعو رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون إلى إجراء انتخابات عامة قبل نهاية مايو. وتُظهر استطلاعات الرأي أنَّه قد يواجه خسارة ساحقة. وتعرّضت معنويات المستهلكين لضربة؛ إذ تعاني الأسر من ارتفاع أسعار البنزين، مع توقُّع بنك الاحتياطي الأسترالي بأن يرتفع التضخم الأساسي لأكثر من 3%. وارتفع متوسط مستويات الأجور بنسبة 2.2% في الربع الثالث من عام 2021 عن العام السابق له، وفقاً لبيانات صادرة عن مكتب الإحصاء الأسترالي.

ستطرح أكثر من نصف مقاعد مجلس الشيوخ في اليابان للانتخاب في تصويت في يوليو، وهو ما قد يؤثر في فرص رئيس الوزراء فوميو كيشيدا في البقاء في منصبه. وبلغت توقُّعات التضخم بين الأسر أعلى مستوياتها منذ عام 2008، في حين انخفض متوسط الدخل النقدي الشهري بشكل طفيف في الواقع في ديسمبر مقارنة بالعام الذي سبقه. وقال كيشيدا يوم الخميس، إنَّه تتم مناقشة المزيد من السياسات لتخفيف تأثير ارتفاع أسعار النفط على الأسر.

رغم تعهّدات قمة المناخ.. اليابان تواصل دعم النفط والغاز

خفض أسعار النفط

يمثل التركيز السياسي المتزايد على محاولة خفض أسعار النفط تحولاً بعيداً عن الالتزامات التي تم التعهد بها في اجتماع قمة "كوب 26" (COP26) أواخر العام الماضي لتسريع الجهود الرامية إلى التخلص التدريجي من استهلاك الوقود الأحفوري. وتعمل أسعار النفط المرتفعة على تضخم خزائن المملكة العربية السعودية وروسيا، فضلاً عن تنشيط الصناعة التي كانت تتجه نحو مصادر أنظف للطاقة.

قالت فاندانا هاري، مؤسِسة مركز "فاندا إنسايتس" (Vanda Insights) المعني بأسواق الطاقة في سنغافورة: "شَكّل ارتفاع أسعار الوقود مشكلة مستمرة في البيئة التضخمية العالمية منذ عام 2021. وتعتبر أسعار الوقود قضية حساسة سياسياً، وبشكل خاص من بين جميع فئات السلع الاستهلاكية".