"إنتل" تتحدى عهد الشركات الصينية المصنعة لأجهزة تعدين "بتكوين"

موظف يتفقد أجهزة  إلكترونية في شركة تعدين عملات مشفرة
موظف يتفقد أجهزة إلكترونية في شركة تعدين عملات مشفرة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قد تتحول شريحة تعدين "بتكوين" الجديدة التي تُقدّمها شركة "إنتل" إلى كونها أول منافس رئيسي لمُصنّعي أجهزة التعدين الصينيين الذين سيطروا على السوق لسنوات.

كشفت شركة تصنيع الشرائح العملاقة، ومقرها سانتا كلارا بكاليفورنيا، النقاب عن مبادرة تعدين العملات الرقمية في وقت سابق من هذا الشهر، وعن الجيل الأول من شرائح "بونانزاماين" (BonanzaMine) في يناير.

ستتلقى شركة الدفع الرقمي "بلوك" (Block) التي يملكها جاك دورسي، وشركتا التعدين "غريد إنفراستراكتشر" (Griid Infrastructure)، و"أرغو بلوكتشين" (Argo Blockchain) الدفعة الأولى من الرقائق في وقت لاحق من هذا العام.

"بتكوين" تواصل خسائرها في مواجهة الذهب.. وتوقعات بهبوطها إلى 30 ألف دولار

وفي الواقع؛ تتمتع الشركتان المصنّعتان "بتمين" (Bitmain)، و"مايكروبت" (MicroBT) بحصة الأسد في سوق أجهزة تعدين "بتكوين" بسبب التكنولوجيا الخاصة التي تستخدمانها لصنع رقائقهما عالية الأداء. إذ يبدو أنَّ قلة من المنافسين تمكّنوا من صنع شريحة بوسعها مجاراتهما حتى الآن.

أرباح قوية

يُشار إلى أنَّ تعدين "بتكوين"، الذي يربح مكافآت بعملة "بتكوين" من خلال استخدام أجهزة الكمبيوتر لتأمين شبكة العملة المشفَّرة، قد أصبح عملاً مربحاً وسط ارتفاع أسعار العملة المشفَّرة في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى إثراء صانعي أجهزة التعدين على طول الطريق.

وقد جنت صناعة التعدين 15 مليار دولار من العائدات في عام 2021، أي أكثر من ضعف العام السابق.

في هذا الصدد، قال المشاركون في الصناعة، إنَّ دخول "إنتل" يمكن أن يُضعف قوة التسعير للمصنعين الصينيين، ويُقدّم خدمات صيانة أفضل بالنظر إلى قرب الشركة من المعدّنين في أمريكا الشمالية.

"إنتل" تخطط لإنفاق 20 مليار دولار لإنشاء مركز لتصنيع الرقائق في أوهايو

وقد خلعت المنطقة عن الصين لقب المركز العالمي لتعدين "بتكوين"، بعد أن حظرت بكين تعدين العملات الرقمية في مايو الماضي.

كما قال ديف بيريل، الرئيس التنفيذي لشركة "كومبيوت نورث"، ومقرها إيدن بريري في مينيسوتا، والتي توفر لمعدّني "بتكوين" مراكز بيانات لتشغيل أجهزتهم: "إنَّ وجود شركة تصنيع مقرها الولايات المتحدة بحجم ونطاق ومصداقية "إنتل" يُعد أمراً رائعاً لصناعة العملات المشفَّرة بالكامل، كما أنَّ المنافسة أمر جيد".

تعزيز المنافسة

أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع المعدنين للترحيب بمنافس مثل "إنتل"؛ يتمثل في نموذج التسعير الحالي وشروط الشراء، التي تُحدّدها الشركات المصنّعة الكبرى، وتُثقل كاهل المشترين بمخاطر مالية، وتكاليف تشغيلية متفاوتة. إذ يُوفّر السعر الثابت، الذي ستقدّمه "إنتل"، مزيداً من القدرة على التنبؤ.

فضلاً عن ذلك؛ تُقدّم الشركات المصنّعة طلبات مسبقة لأحدث طرازاتها للمشترين قبل أن تكون لديها في المخزون. ومع ذلك؛ لن يعرف المشترون السعر الفعلي حتى يقوم المصنّعون بشحن الأجهزة، إذ يُعطون نطاقاً سعرياً، كما قال نيك هانسن، الرئيس التنفيذي لشركة "لوكسر" لوساطة التعدين والأجهزة، ومقرها سياتل.

"إنتل" تقترب من شراء "تاور" لأشباه الموصلات بـ 5 مليارات دولار

كما تُحدَّث أسعار الأجهزة المطلوبة مسبقاً كل يوم ضمن هذا النطاق بناءً على نماذج التسعير الداخلية للمصنّعين.

وقد قال هانسن، إنَّ السعر الفوري لعملة "بتكوين"، وفترة الاسترداد؛ وهي الوقت اللازم لتحقيق التعادل، من العوامل الرئيسية في هذه النماذج.

ويمكن أن تؤدي نماذج التسعير الداخلية إلى إجهاد التدفق النقدي لمُعدِّني "بتكوين"، وتُشكّل المزيد من المخاطر عندما يواجه المُعدِّنون هزة محتملة أثناء الأسواق الهابطة، حيث تعطي نماذج التسعير وزناً كبيراً لسعر "بتكوين".

تعليقاً على الموضوع؛ قال بيريل: "يريد عملاؤنا الوضوح؛ ويريدون أن يعرفوا أنَّ أسعار أجهزة تعدين "بتكوين" لن تتغير في الأسبوع المقبل بنسبة 50% نظراً لتقلّبات سوقها".

أسعار متغيرة

من جانبه؛ قال تونغ لاي، رئيس الإقراض في شركة "بابل فاينانس"، ومقرها سنغافورة، والتي تُقدّم خدمات الإقراض لمُعدِّني "بتكوين"، إنَّ سبباً آخر لعدم بيع المصنّعين الصينيين للأجهزة بسعر ثابت، هو أنَّهم لا يمتلكون سيطرة كبيرة على أسعار مورديهم، وبالتالي؛ فإنَّ هذه الشركات لديها سيطرة أقل على السعر النهائي لأجهزة التعدين الخاصة بها.

بالإضافة إلى ذلك، تُضيف التعريفة البالغة 25% المفروضة على أجهزة التعدين المستوردة من الصين تكلفة إضافية على المشترين، والتي يمكن أن تكون أيضاً عاملاً مهماً للمُعدِّنين لإجراء عمليات الشراء.

وعلى عكس "بتمين" و"مايكروبت"؛ تتمتع "إنتل" بمزيد من التحكم في أسعار مورديها بسبب تأثير الشركة وحجمها في صناعة أشباه الموصلات، كما قال لاي.

كذلك يتوقَّع بعض المعدنين في أمريكا الشمالية أيضاً أن يكون لدى مزود أجهزة التعدين المحلي خدمات صيانة أفضل.

إذ قال بيريل: "إنَّ الوجود هنا يمنح "إنتل" الكثير من المزايا في السوق المحلية؛ إذ إنَّ أموراً مثل مطالبات الضمان والإصلاح، وكيفية التعامل مع النفايات الإلكترونية، تميل لصالح "إنتل" حقاً".

ويمكن أن تؤدي الصيانة الأفضل إلى إبطاء استهلاك أجهزة التعدين، وتوفير التكلفة التشغيلية على شركات التعدين. وقد أشار لاي إلى أنَّ خدمات الصيانة تصبح أكثر أهمية عندما يستخدم المُعدِّنون نماذج معينة من أجهزة التعدين التي لديها المزيد من مشكلات الجودة.

أوضح بيريل قائلاً: "أهم شيء بالنسبة لنا هو ما يحدث لأجهزة الدرجة الأقدم، وآمل أن تُقدّم "إنتل" نهجاً على درجة مؤسّسية أكثر لهذا العمل، وأن تُدير ملايين أجهزة الكمبيوتر على نطاق واسع".

كفاءة الطاقة والأسعار

يُشار إلى أنَّه لم تتوفر بعد تفاصيل حول شريحة الجيل الثاني من "إنتل"، مثل كفاءة الطاقة والأسعار، ويشكّ بعض المُعدِّنين في أهمية دخول "إنتل" إلى الصناعة.

وقد كشفت "إنتل" أنَّ شريحة الجيل الأول ذات كفاءة طاقة تبلغ 55 غولاً لكل تيراهاش، وهي تتخلّف كثيراً عن أحدث طراز من "بتمين"، وفقاً لورقة "إنتل" المقدّمة إلى المؤتمر الدولي لدوائر الحالة الصلبة.

كما قال متحدث باسم شركة "إنتل" لـِ "بلومبرغ"، إنَّ التفاصيل المتعلقة بمنتجها من الجيل الثاني، وهو ما يشتريه المشترون، ستصدر في وقت لاحق.

يمكن القول، إنَّ كفاءة الطاقة هي أهم المواصفات للمُعدِّنين من أجل قياس ربحية جهاز تعدين "بتكوين"، كما قال لاي. ويمكن أن تُوفّر رقائق كفاءة الطاقة العالية تكلفة الطاقة، والتي تُعدّ واحدة من أكبر التكاليف لمُعدِّني "بتكوين".

وفي الواقع، هناك شيئان يُحدّدان قدرة الشركة المصنّعة على إنتاج شريحة على نطاق واسع؛ أحدهما: هو تصميم الشريحة، والآخر: هو ما إذا كان لديها سلسلة إمداد موثوقة للمكوّنات.

إذ قال لاي: "قد يستغرق الأمر بضع سنوات حتى تتمكّن "إنتل" من اللحاق بركب برنامج "بتمين" على جميع الأصعدة؛ إلا أنَّ دخول "إنتل" هو بالتأكيد أمر جيد للصناعة".