هل ضريبة المليارديرات قانون مجحف أم تحصيل لإيرادات مفقودة؟

الرئيس الأمريكي جو بايدن
الرئيس الأمريكي جو بايدن المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أثار اقتراح الرئيس الأمريكي جو بايدن حول فرض "ضريبة الحد الأدنى لدخول أصحاب المليارات" تساؤلات بين فاحشي الثراء في الولايات المتحدة ومستشاريهم.

كان السؤال الأبرز: كيف يمكن تطبيق الضريبة على أرض الواقع؟ وما فرص أن تصبح قانوناً بالفعل؟

تحظى الخطة، التي من شأنها أن تفرض ضريبة على القيم التقديرية للأصول المالية والتجارية التي يملكها أشخاص تزيد ثرواتهم على 100 مليون دولار، بتأييد قوي بين عديد من الناخبين الديمقراطيين. يمكن أن تدرّ تلك الضريبة إيرادات جديدة تقدَّر بمئات مليارات الدولارات من مجموعة استغلّت قوانين الضرائب لخفض مدفوعاتهم المستحقة لدائرة الإيرادات الداخلية بصورة تقليدية.

هكذا يمكن أن تنجح خطة الديمقراطيين لفرض "ضريبة المليارديرات"

تحيي الخطة فكرة قديمة، فقد طرح الرئيس باراك أوباما قبل عشر سنوات ما يسمى "قاعدة بافيت"، التي حملت اسم الملياردير وارن بافيت بعدما قال إنّ القانون يسمح له بدفع نسبة ضرائب أقل مما تدفعه سكرتيرته.

رغم أن مقترح بايدن سيؤثر في شريحة واحدة من الأمريكيين، فإنه لا يرجح تمريره داخل الكونغرس قريباً، إذ يتمتع الديمقراطيون بسيطرة ضئيلة للغاية، ولأن عديداً من المشرعين المعتدلين حذر بشأن إقرار مثل هذا الإصلاح الضريبي الضخم.

في ما يلي إجابات لبعض الأسئلة الأكثر إلحاحاً حول مقترح بايدن لفرض ضريبة على المليارديرات.

كيف ستُطبَّق الضريبة؟

سيلتزم دافعو الضرائب ممن تتخطى ثرواتهم 100 مليون دولار، وفق المقترح الجديد، سداد ما لا يقل عن 20% ضريبة على مكاسبهم الرأسمالية كل عام، بغضّ النظر عن بيعهم الأصول وتحقيق الأرباح أو الاحتفاظ بها.

لا تُستحَقّ الضرائب حالياً إلا عند "تحقيق" مكسب، أي لدى بيع سهم أو حصة في شركة. بموجب خطة بايدن، سيترتب على الأثرياء ضرائب على المكاسب غير المحققة لأصولهم أيضاً، وهو تغيير من شأنه أن يقلب المبادئ الضريبية القديمة.

كبار أغنياء العالم أضافوا تريليون دولار إلى ثرواتهم في 2021

كما سيلزم القانون المقترح دافعي الضرائب تتبع ثرواتهم ومكاسبهم الإجمالية، وإبلاغ دائرة الإيرادات الداخلية بها كل عام، ما سيسمح بتوزيع مدفوعات الضرائب على المكاسب غير المحققة على مدى عدة سنوات. كما لن يضطر الأشخاص الذين لديهم حيازات غير سائلة، مثل الشركات أو العقارات، إلى دفع الضريبة الكاملة على المكسب حتى بيع تلك الحيازات، لكنهم سيكونون مدينين برسوم التأجيل كل عام.

كم شخصاً سيدفع هذه الضريبة؟

يعني تحديد الحد الأدنى لثروة الشريحة المستهدفة عند 100 مليون دولار أن 0.01% من الأمريكيين الأكثر ثراءً، أي نحو 20 ألف أسرة، ستترتب عليهم هذه الضريبة.

يقدّر البيت الأبيض أن الضريبة الجديدة ستدرّ عائدات بنحو 360 مليار دولار على مدى عشر سنوات، يأتي أكثر من نصفها من أُسَر تزيد قيمة ثرواتها على مليار دولار.

كيف يتهرب الأثرياء من الضرائب حالياً؟

ينطبق قانون دائرة الإيرادات الداخلية للضرائب حالياً على الدخل فقط، لا على المكاسب الرأسمالية الناشئة عن مَحافظ الأوراق المالية أو الثروة الإجمالية، إذ يحقق كثير من الأثرياء الأمريكيين دخلاً ضئيلاً كل عام مقارنةً بثرواتهم الإجمالية.

يتمتع كبار المليونيرات والمليارديرات من جهةٍ أخرى بمرونة اختيار الوقت المناسب لبيع حيازاتهم، ويمكنهم تعويض المكاسب الخاضعة للضريبة بالخسائر أو الخصومات أو المزايا الأخرى. كما لا يضطر كثيرون إلى البيع في أغلب الأحيان إن لم يكن مطلقاً، لأنهم يستطيعون الاقتراض بضمان ثرواتهم حين يحتاجون إلى نقد بدلاً من بيع ممتلكاتهم.

هذا يعني أن أغنى الأمريكيين يمكنهم في كثير من الأحيان تأجيل التزاماتهم أمام دائرة الإيرادات الداخلية لسنوات عديدة، وأحياناً إلى أجل غير مسمى.

لماذا تكتسب هذه الفكرة شعبية كبيرة؟

يقول المؤيدون لفرض ضرائب على المكاسب غير المحققة إنّ قانون الضرائب المعمول به حالياً يضم مجموعة من القواعد التي يجري تطبيقها على معظم الأمريكيين، وتُحسَم الضرائب المفروضة بانتظام عبر اقتطاعها من الرواتب، فيما يختلف ذلك بالنسبة إلى الأثرياء الذين يمكنهم اختيار التوقيت أو إذا كانوا سيدفعون الضرائب المستحقة.

بيّن تقرير أعدّه البيت الأبيض أن أصحاب المليارات يدفعون في المتوسط معدل ضرائب تبلغ نسبته 8.2%، وهو أقل بكثير مما تدفعه الطبقة المتوسطة. يجادل مؤيدو الضريبة المقترحة من الديمقراطيين بأنها وسيلة لتمويل استثمارات جديدة في قطاعات المناخ ورعاية الأطفال والرعاية الصحية. كان رئيس اللجنة المالية بمجلس الشيوخ رون وايدن يعمل على صياغة مقترحات مشابهة لمقترحات بايدن ويدافع عن هذا الرأي.

ما الحجة المضادة؟

يزعم المعارضون أن من شأن تلك الضريبة أن تقلب القواعد القديمة التي تفرض ضرائب على الدخل فقط بمجرد تحقيقه، فيما يقول الجمهوريون، وبعض الديمقراطيين، إن فرض ضرائب على ما يسمى بالدخل الوهمي، أو المكاسب على الورق حيث لا توجد أي نقود، مجحف.

قال خبراء ضرائب إنّ الضريبة المقترحة ستكون بمثابة كابوس إداري لكل من دائرة الإيرادات الداخلية والمكلفين إياها على حد سواء، كما ستؤدي إلى كثير من النزاعات حول قيمة الأصول التي يصعب تقييمها. تساءل فقهاء القانون عن مدى دستورية فرض مثل هذه الضريبة.

كيف تُقارَن بضريبة الثروة؟

تبنّى عضوا مجلس الشيوخ إليزابيث وارن وبيرني ساندرز فكرة ضريبة الثروة خلال الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الديمقراطي في 2020.

تجاوزت مقترحاتهم آنذاك خطة بايدن الأخيرة، فقد تبنَّوا فرض ضريبة على الأرباح غير المحققة، إصافة إلى ضريبة سنوية على إجمالي الثروة المتراكمة لأغنى الأمريكيين.

رفض بايدن خلال الحملة ضريبة الثروة الصريحة، لكن فلسفة فرض الضرائب على المليارديرات باتت أولوية سياسية رئيسية لدى الديمقراطيين.

ما الآفاق السياسية لضريبة المليارديرات؟

على المدى القصير، ليست رائعة. رفض جو مانشين، عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي، الذي غالباً ما يكون له تصويت حاسم في المجلس، الفكرة في غضون ساعات من طرح مقترح بايدن، ووصفها بأنها "قاسية". قال مانشين إنه يفضل طرقاً أخرى لفرض الضرائب على الأثرياء.

لكن يُرجح على المدى الطويل أن تصبح فكرة فرض الضرائب على المكاسب غير المحققة نقطة مشتركة للحوار في السياسة الديمقراطية، فقد تحوّل هذا المفهوم، في غضون سنوات قليلة، من فكرة هامشية شائعة فقط بين المشرعين التقدميين للغاية إلى سياسة ديمقراطية سائدة.