لا يتم بذل ما يكفي من الجهود لمراقبة استخدام عقار "باكسلوفيد" في الولايات المتحدة

عقار "باكسلوفيد" لعلاج فيروس كورونا من "فايزر"
عقار "باكسلوفيد" لعلاج فيروس كورونا من "فايزر" المصدر: بلومبرغ
Lisa Jarvis
Lisa Jarvis

Lisa Jarvis, the former executive editor of Chemical & Engineering News, writes about biotech, drug discovery and the pharmaceutical industry for Bloomberg Opinion.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يتّجه المضاد الفيروسي من إنتاج شركة "فايزر" لعلاج فيروس كورونا والمُسمّى "باكسلوفيد"، ليصبح أحد أنجح العقاقير في تاريخ شركات الأدوية. حيث ازداد عدد الوصفات الطبية لهذا الدواء بمقدار عشرة أضعاف منذ شهر فبراير الماضي. وتشكّل علبة الأقراص التي يتعيّن تناولها خلال خمسة أيام، نحو 90% من إجمالي المضادات الفيروسية الفموية الخاصة بفيروس كورونا في السوق.

وتوقّعت "فايزر" مؤخراً، أن تصل مبيعات هذا الدواء إلى 22 مليار دولار، استناداً إلى العقود التي التزمت بها الحكومات معها حول العالم.

"فايزر" تبقي على توقعاتها لمبيعات علاج كورونا في 2022

الخروج من الجائحة

جعلت إدارة الرئيس جو بايدن عقار "باكسلوفيد" ركيزة أساسية في خطتها للعودة إلى الحياة الطبيعية في الولايات المتحدة. ويهدف برنامج "الاختبار للعلاج" الذي ترعاه الحكومة، إلى وضع الأقراص في يد كلّ أميركي يحمل نتيجة فحص إيجابية لفيروس كورونا.

مع ذلك، لا يبدو أن هناك خطة موحّدة من أجل التتبّع الدقيق للأشخاص الذين يستفيدون من اللقاح، وأولئك الذين لا يستفيدون منه. في وقت توجد فيه حاجة ملحّة لمثل هذه المتابعة.

من المعروف أن عقار "باكسلوفيد" يتمتع بفعالية عالية جداً، حيث تم اكتشافه وتطويره وطرحه في وقت حاسم ليسهم في إحداث فرق على صعيد الوباء. وأذنت إدارة الغذاء والدواء الأميركية بالاستخدام الطارئ لهذا العقار، استناداً إلى دراسة سريرية ضخمة أظهرت بوضوح أن الدواء يساعد الأشخاص الأكثر عرضة للخطر وغير الملقحين، بتجنب الدخول إلى المستشفيات.

لكن الكلمة المفتاح هنا هي "غير الملقحين". فعلى أرض الواقع، يأخذ "باكسولوفيد" اليوم عدداً كبيراً جداً من الأشخاص الملقحين ممن يصابون بكورونا في ظلّ تفشي سلالة "أوميكرون" وأخواتها الأشد عدوى. ومن الأسئلة الكثيرة المطروحة حول "باكسلوفيد" والتي لا تزال بلا إجابة حتى الآن، هي ما إذا كان الأشخاص الملقحون، وبالأخص ممن لا يعانون من أي مشاكل صحية، يستفيدون من العقار أيضاً.

الأقلّ عرضة للخطر

حتى الآن، لم تظهر الدراسات التي أجريت على العقار والتي شملت أشخاصاً غير ملقحين ومن الأكثر عرضة للخطر، أي أدلة قوية تفيد بأن العقار يساعد على التحسّن بوقت أسرع. وكانت البيانات الأولية من تجربة أجرتها "فايزر" أظهرت أن إعطاء "باكسلوفيد" لأشخاص غير ملقحين ممن ليسوا من الفئة المعرضة لخطر العدوى الشديدة، وللراشدين الملقحين ممن لديهم عامل خطر واحد على الأقل للإصابة بمرض شديد، لم يعط أي نتائج مهمة إحصائياً على صعيد الهدف الأساسي المتمثل بالتخفيف من العوارض لأربعة أيام متتالية. وكانت "فايزر" قالت في أبريل الماضي إن تناول الدواء وقائياً لا يمنع الإصابة بالعدوى داخل الأسرة، حيث يكون أحد الأفراد أصيب بفيروس كورونا.

ومن غير المعروف أيضاً ما إذا كان "باكسلوفيد" قادراً على منع الإصابة بأعراض كورونا طويلة الأمد.

ومؤخراً، برز سؤال حول ما إذا كان هذا الدواء يزيد من أمد العدوى لدى بعض المرضى. فبعض الأشخاص الذين تناولوا عقار "باكسلوفيد" عانوا من تجدد عوارض المرض لديهم، وأتت نتيجة اختباراتهم إيجابية مجدداً بعد أن انتهوا من تناول الأقراص. ومن التفسيرات المحتملة لذلك أن الدواء يمكنه في بعض الحالات أن يقمع العدوى بما يكفي ليجعل المريض يشعر بأنه في حالة أفضل، لكنه لا يقضي عليها بالكامل.

تمديد العلاج

من جهة أخرى، يتساءل بعض الأطباء المختصين بالأمراض المعدية حول إمكانية أن يسهم تناول الدواء لفترة أطول، مثلاً لعشرة أيام بدلاً من خمسة، في النجاح بالقضاء تماماً على الفيروس. وقد اقترح الرئيس التنفيذي لشركة "فايزر" ألبيرت بورلا على المرضى الذين يعانون من تجدد العوارض ببساطة أن يأخذوا الدواء لفترة علاجية أخرى. ودفع هذا التعليق إدارة الغذاء والدواء لإصدار بيان تشير فيه إلى أنه "لا توجد أدلة حتى الآن حول منفعة" تمديد أو تكرار العلاج بعقار "باكسلوفيد".

كذلك أُفيد بأن معهد الصحة الوطنية ومركز مكافحة الأمراض والوقاية منها يجريان دراسات للتحقيق في تجدد العدوى. وقال كليفورد لاين، نائب المدير لشؤون البحوث السريرية في المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في مقابلة مع "بلومبرغ نيوز" إن "الأمر يشكل أولوية".

ولكن نظراً لبطء الدراسات التي تجريها معاهد الصحة الوطنية حول فيروس كورونا، فمن غير المرجح أن تتوصل إلى الجواب في الوقت المناسب من أجل توجيه الاستخدام الأفضل لعقار "باكسلوفيد" في أي موجة مقبلة من السلالات المتحولة.

دراسة: سلالتان فرعيتان لـ"أوميكرون" قادرتان على الإفلات من الأجسام المضادة

أسئلة مُعلّقة

ومع اتساع حملة الاختبارات وتلقّي العلاج، بات فهم مخاطر تجدد العدوى ملحّاً أكثر من أي وقت مضى. حيث يقول وليد جلاد، البروفيسور والمساعد في الطب والسياسات الصحية في "جامعة بيتسبورغ"، إن بعض الأشخاص الأقل عرضة للإصابة بمضاعفات كورونا يتناولون الدواء حتى يتحسنوا بشكل أسرع، وليس ليتجنبوا دخول المستشفيات. وتساءل عن أنه في حال عدم قدرة الدواء على معالجة العدوى والعوارض بشكل تام، فهل يكون سبباً بإطالة أمد المرض؟

يطرح الأطباء أسئلة أخرى أيضاً، مثلاً هل تخفّف السلالات المتحولة الجديدة من فعالية "باكسلوفيد"؟ (أجرت "فايزر" تجاربها قبل نشوء سلالة أوميكرون). وهل تستدعي هذه السلالات المتجددة القلق حول احتمال أن يكون فيروس كورونا في صدد تطوير مقاومة ضد الدواء؟ وهل سيكون الدواء أكثر فعالية في حال الجمع بينه وبين أدوية أخرى مضادة للفيروسات، سواء دواء "مولنوبيرافير" من إنتاج شركة "ميرك" أو أحد الأدوية الجديدة الأخرى التي يتم تطويرها.

خلال إطلاق حملة "الاختبار للعلاج"، تم تفويت فرصة تتبّع التقدّم الذي يحققه المرضى الذين وُصفت لهم الأقراص. فذلك كان سيوفر بيانات مراقبة كيفية عمل الدواء لدى الأشخاص المُلقّحين، وربما أمكنه أن يعطي فكرة حول ما إذا كان الدواء قادراً على الوقاية من كورونا طويل الأمد.

وفي اتصال لمناقشة أرباح الفصل الأول، قال بورلا إنه تمت إضافة "باكسلوفيد" إلى دراسة بانورامية على مستوى بريطانيا لبيان مدى فعاليته ضمن تعداد سكاني سُجّلت به نسبة عالية من التلقيح.

ومرة أخرى، يبدو أن الولايات المتحدة ستحتاج إلى التطلع إلى دول أخرى للحصول على البيانات التي تحتاجها لفهم فيروس كورونا.