هل لا زلنا نستخدم الـ"سكوتر" للتنقل في المدن؟

شخص يقود أحدث طرازات الـ"سكوتر" من شركة "لايم"
شخص يقود أحدث طرازات الـ"سكوتر" من شركة "لايم" المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عندما ضرب "كوفيد-19" العالم للمرة الأولى بداية 2020، تضررت شركة "لايم" (Lime) بشدة. وأُجبرت الشركة الناشئة التي تتيح خدمات النقل التشاركي عبر الـ"سكوتر" الكهربائي، على إيقاف خدماتها مؤقتاً في أكثر من 100 مدينة تعمل بها حول العالم. وفي مرحلة ما، كانت "لايم" على بعد أشهر فقط من استنفاد كامل أموالها.

لكن بالنسبة لشركة تسعى لإقناع الناس بإعادة النظر في وسائل تنقلهم اليومية، قد يكون هذا الاضطراب الهائل بمثابة "رب ضارة نافعة" بالنسبة لأعمالها، حيث قال الرئيس التنفيذي، واين تينغ: "عندما يغير الناس عادات تنقلهم، فعادةً ما يكون ذلك بسبب تغير مكان إقامتهم أو وظائفهم. وفي حالة "كوفيد"، بدا الأمر كما لو أن سكان العالم أجمع قد غيروا منازلهم أو وظائفهم في نفس الوقت".

اقرأ أيضاً: هل يغير هوس الـ"سكوتر" مشهد التنقل في المدن المزدحمة؟

بداية الازدهار

في أواخر عام 2017، بدا أن تطبيقات النقل التشاركي من خلال الـ"سكوتر" تمثّل هوساً غير متوقع بين أصحاب رؤوس الأموال المغامرة، وذلك عند طرح شركة "بيرد" (Bird)، منافسة "لايم" الرئيسية، خدمتها لتغطي أرصفة مدينة سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا. كانت "لايم" بدأت في ذلك العام كشركة تقدم خدمة مشاركة الدراجات في المدن، ثم أضافت الـ"سكوتر" في العام التالي. وبعد إنفاق مئات الملايين من الدولارات، ترددت كلتا الشركتين بشأن استمرار عملياتهما في أوائل عام 2020. فعلى سبيل المثال، أوقفت "لايم" في يناير من ذلك العام عملياتها في 12 سوقاً وسرحت نحو 100 موظف، أو 14% من قوتها العاملة.

اقرأ أيضاً: كيف نجت شركتا "غيت أراوند" و"تورو" للنقل التشاركي من أزمة كورونا؟

مجموعة من درّاجات الـ"سكوتر" الكهربائية، يتم تشغيلها بالشراكة بين "أوبر" و"لايم" في باريس، فرنسا.
مجموعة من درّاجات الـ"سكوتر" الكهربائية، يتم تشغيلها بالشراكة بين "أوبر" و"لايم" في باريس، فرنسا. المصدر: بلومبرغ

وحوّل الوباء الأزمة المتصاعدة إلى أزمة وجود بالنسبة لهذه الشركات. ففي مايو 2020، أعلنت "لايم" عن جولة تمويل بقيمة 170 مليون دولار بقيادة "أوبر تكنولوجيز". وشغل تينغ، المسؤول السابق في "أوبر"، والذي عمل في "لايم" منذ 2018 منصب الرئيس التنفيذي للشركة في اليوم ذاته. وفي إطار الصفقة، استحوذت "لايم" على شركة "جامب" (Jump) للتنقل قصير المدى التابعة لشركة "أوبر". وبذلك، تلقت "لايم" طوق نجاة، وأزاحت "أوبر" عن كاهلها عبء نشاط جانبي خاسر.

مرحلة التعافي

في نوفمبر 2021، جمعت "لايم" 523 مليون دولار إضافية من الديون القابلة للتحويل والقروض بأجل. ولم يبدأ معدل مستخدميها في التعافي فعلياً حتى هذا الربيع بسبب عدة عوامل من بينها تخفيف قيود "كوفيد" وعودة العديد من الموظفين الإداريين إلى مكاتبهم (على الأقل بدوام جزئي) وارتفاع أسعار الوقود، دفعت مستخدميها للنزول إلى الشوارع في أكثر من 230 مدينة حيث تعمل الشركة الآن. وارتفع عدد الرحلات المقطوعة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي بنسبة 75% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، ما أعاد الشركة تقريباً إلى ما كانت عليه في عام 2019، على الرغم من أن هذه الرحلات موزعة على المزيد من المدن. كما قطعت "لايم" إجمالي 300 مليون رحلة حول العالم في مارس الماضي.

اقرأ أيضاً: "لايم" تخطط لإضافة الدراجات البخارية ضمن أسطولها للنقل التشاركي

بعيداً عن الطرح العام

في الخريف الماضي، تحدث تينغ عن وجود خطة سابقة لطرح "لايم" للاكتتاب العام في عام 2022، إلا أن الأسواق لم تساعد على ذلك. حيث انخفض سعر سهم منافستها "بيرد" بنسبة 90% منذ انضمامها إلى بورصة نيويورك عبر شركة استحواذ ذات أغراض خاصة في نوفمبر، وما تزال خطط "لايم" حول الأمر مبهمة.

وبحسب الرئيس التنفيذي، فإن شركته تحرز تقدماً. إذ حققت أرباحاً بصفة شهرية في العام الماضي خلال الفترة ما بين يونيو وأكتوبر، ما يُعد أفضل أداء لها حتى الآن، حسبما قال. كما ارتفعت عائداتها هذا العام بنسبة 70% حتى الآن. وأضاف تينغ، إن "لايم" ستكتسب المزيد من الزخم فقط عندما يتضح للناس أن استبدال سياراتهم الخاصة الكبيرة التي تعمل بالوقود بأخرى كهربائية لن يكون كافياً للتصدي لأزمة المناخ. ويقول تينغ: "يتعين علينا تغيير نظام النقل بشكل جذري".

من جانبهم، يتفق علماء المناخ مع تينغ في ذلك الأمر. غير أنه ليس من الواضح بعد ما إذا كانت خدمات النقل التشاركي من خلال الـ"سكوتر" يمكنها النجاح كمشاريع ربحية. فيقول كولين ميرفي، مدير الأبحاث والاستشارات في مركز التنقل المشترك: "عندما تتحدث عن الأصول التشاركية، في حال كانت تحمل قيمة عامة حقيقية، فإنها عادة ما ينتهي بها الأمر على الأقل بأن تصبح مدعومة حكومياً، هذا إن لم يتم تشغيلها بالكامل من قبل القطاع العام".