توجه شركات وول ستريت نحو العملات المشفرة يصطدم بتقلبات الـ"بتكوين"

عملة بتكوين
عملة بتكوين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعرض المديرون الماليون في شركات وول ستريت والذين كانوا يفكرون في ضخ بعض من الاحتياطيات النقدية لشركاتهم في عملة بتكوين إلى اختبار لصحة قراراتهم مع التقلبات الحادة لأسعار العملة المشفرة.

وشاهد كبار المديرين الماليين، الذين لا يُعرفون عموما بحبهم للمخاطرة، العملة وهي تنخفض بأكثر من 25% في يوم واحد وكيف أن إحداث فجوة بهذا الحجم في الصناديق المؤسسية لحماية الشركات من تراجعات دخولها المعتادة، قد يقضي على مستقبل مسؤولي أية شركة مدرجة بمؤشر "إس أند بي 500"

ومع ذلك، كان من الصعب تجاهل ارتفاع العملة المشفرة بنسبة 300% العام الماضي، ما شجع بعض الشركات على الاستثمار بها، فقامت شركة "مايكرو ستراتيجي" MicroStrategy باستثمار 425 مليون دولار من أصل 500 مليون دولار نقدا في البتكوين. وفي أكتوبر، أعلنت "سكوير إنك" Square Inc برئاسة جاك دورسي، مناصر العملات المشفرة منذ فترة طويلة، أنها حولت حوالي 50 مليون دولار من إجمالي أصولها اعتبارا من الربع الثاني لعام 2020 إلى الرمز المميز في عالم العملات المشفرة. وقال المدافعون عن تلك العملات أمثال بيل ميلر بشركة "ميلر فاليو بارتنرز" Miller Value Partners، إن هذا مجرد بداية لما كان مؤكدًا أنه سيصبح اتجاها في عالم الأعمال.

خيار غير جيد لاستغلال سيولة الشركات

ويظهر حاليا أن الاحتمالات في أن تصبح العملة المشفرة جزءا منتظما في خزانة الشركات -خيار غير جيد- أمر مستبعد، بسبب عودة التقلبات الشهيرة لتداولات العملة المشفرة.

وقال مايكل أورورك، كبير استراتيجي السوق في شركة "جونز تريدنغ" JonesTrading: " إذا قامت شركة بشراء أصول مالية لأغراض المضاربة غير المرتبطة بأعمالها الأساسية، فسيكون الأمر بمثابة العلامة الحمراء للمستثمرين ".

وقال مايكل سايلور من "مايكرو ستراتيجي"، الذي كان من أوائل من وضعوا أموالاً في العملة المشفرة في سبتمبر، إن تخفيف البنك الفيدرالي الأمريكي لسياسة التضخم ساهم في إقناعه باستثمار احتياطيات الشركة المصنعة لبرامج الكمبيوتر بالعملة المشفرة.

وفي ديسمبر، استثمر سايلور، المناصر الصريح لبتكوين، مبلغا آخر قدره 650 مليون دولار من أموال شركته، والتي تم جمعها من خلال إصدارات مالية، في العملة المعدنة، ليرتفع رصيد مقتنيات "مايكرو ستراتيجي" إلى حوالي 70470 بتكوين تعادل 2.5 مليار دولار أمريكي بحسب أسعار العملة في يوم الجمعة. ولا يبدو أن التراجع الأخير لعملة البتكوين قد أدى إلى انحراف استراتيجية سايلور عن مسارها.

وتساءل إيلون ماسك بشركة "تيسلا إنك" Tesla Inc في ديسمبر الماضي عن إمكانية تحويل السيولة النقدية بميزانية الشركة الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية إلى عملة معدنة، وهو ما دعا الخبراء للتحذير من هذا النهج.

وقال روبرت ويلينز، الأستاذ المساعد في كلية كولومبيا للأعمال Columbia Business School: "إنها استراتيجية عالية المخاطر. قد لا تكون الفكرة الأفضل لشركة ما أن تضع معظم أموالها وسيولتها النقدية في أحد الأصول المماثلة للعملات المشفرة. فإذا كان أداء البتكوين سيئًا، فلن يكون لدى الشركة ما يكفي لتمويل متطلبات رأس مالها العامل".

ضغط الدم

إن تقلب أسعار البتكوين ليس هو الخطر الوحيد. فالعملات المعدنية عرضة للمتسللين والاحتيال وكلمات المرور المنسية رغم استخدام جهات الاستثمار المؤسسية خدمات تأمين لتقليل تلك المخاطر. وقد تهتم الإدارة القادمة للرئيس المنتخب جو بايدن بالمزيد من التدقيق في اللوائح الخاصة بتعاملات البتكوين.

ولدى بعض الصناعات، مثل المالية والمرافق، متطلبات إفصاح أو تعهدات يمكن أن تزيد من صعوبة إضافة البتكوين إلى ميزانياتها العمومية، وفقًا لهوارد سيلفربلات، كبير محللي المؤشرات في "إس أند بي داو جونز".

وقال سيلفربلات: "هل يمكنك تخيل أحد البنوك التي يتعين عليها إظهار جوانب المخاطرة في استثماراتها للاحتياطي الفيدرالي؟ نحن لا نتحدث عن استثمار في شركة بل نتحدث فقط عن عملة البتكوين نفسها كيف؟ كيف يفعلون ذلك؟ هل يمكنك تخيل ضغط الدم الذي يتعرض له جيمي ديمون؟".

ولا يزال هناك الكثير من المضاربين على البيتكوين حيث قال مؤخرًا سكوت مينيرد بشركة"غوغنهايم إنفسنتمنتس" ،Guggenheim Investments إنه قد يرتفع إلى 400 ألف دولار، فيما قالت شركة "جيه بي مورغان تشيس أند كو" إن لدى البتكوين فرصاً طويلة الأجل تصل إلى 146,000 دولار، ولكن توقعات كهذه تزيد فقط من مخاوف فقدان انتعاش العملات المشفرة.

وفيما يخص إستراتيجية كبار المديرين الماليين الذين يستثمرون الاحتياطيات في العملات المشفرة، تساءل ويلينز:"هل هي استراتيجية ذكية؟ ربما. ولكن بالطبع، إذا لم تكن كذلك، فستصبح شيئًا يمكن أن يهدد وجود الشركة نفسها".