الهدوء الصيني قد يسبق عاصفة في سوق الغاز المسال العالمية

محطة للغاز الطبيعي المسال في شنغهاي، الصين
محطة للغاز الطبيعي المسال في شنغهاي، الصين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تبدو الصين، أكبر مستورد للغاز في العالم، هادئة بصورة لافتة في الوقت الذي يتصارع فيه مشترو الغاز الطبيعي للاستحواذ على كل مثقال ذرة منه.

لا يشتري مستوردو الغاز الطبيعي المسال في الصين شحنات إضافية استعداداً لفصل الشتاء في تناقض صارخ مع سلوك المنافسين في جميع أنحاء المنطقة، ما يعد بمثابة مقامرة على أن سياسة "صفر كوفيد" في البلاد ستواصل تخفيف الطلب، حسبما قالت الشركات المستوردة للطاقة.

تسببت أزمة الإمدادات العالمية في ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال للغاية، ولا يرغب مستوردوه في دفع ثمنه إذا لم تكن هناك حاجة إليه.

قد يأتي رهان الصين المحفوف بالمخاطر بنتائج عكسية سريعاً إذا أصبح الطقس بارداً على نحو استثنائي أو تعافى الاقتصاد الصيني، ما سيقلب سوق الغاز العالمية التي تعاني بالفعل من خفض الإمدادات الروسية والانقطاعات في المنشآت الرئيسية لتصدير الغاز الطبيعي المسال.

كما أن انتعاشاً مفاجئاً في الطلب الصيني من شأنه أن يجبر مستوردي الغاز الطبيعي المسال على العودة إلى المنافسة الضارية على شرائه، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى تفاقم الأزمة في جميع أنحاء العالم ويرفع الأسعار- التي بلغت بالفعل أعلى مستوياتها الموسمية- بصورة غير مسبوقة.

قال توبي كوبسون، رئيس قطاع التجارة والاستشارات لدى شركة "ترايدنت" (Trident LNG)، إن عدم شراء الشركات الصينية لإمدادات الغاز الطبيعي المسال في السوق الفورية يعد ظاهرة "خارجة عن المألوف" مع اقتراب مشتريات الشتاء من أوجها: "هذا يعني أن الصين ليست قلقة بشأن الإمدادات، إذ يبدو أن ما يتوفر لديها من خط أنابيب الغاز والإنتاج المحلي للفحم كافٍ في الوقت الحالي".

أدى هذا القدر من الارتياح إلى انخفاض بنسبة 20% تقريباً في واردات الغاز الطبيعي المسال خلال الأشهر الستة الأولى من العام. كانت الصين قد حازت لقب أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم عام 2021، لكنها من المتوقع أن تخسر لقبها هذا العام.

غاز طبيعي

فائض الغاز

يوفر تكاسل الصين عن شراء إمدادات الغاز الطبيعي المسال فرصاً للمشترين الآخرين في آسيا وأوروبا لدعم مخزوناتهم. واقعياً، تعيد الشركات الصينية بيع فائض الغاز الطبيعي المسال للمستوردين المتعطشين للطاقة في أوروبا.

من ناحية أخرى، تحظى الصين بالعديد من الخيارات لتجنب شراء شحنات الغاز الطبيعي المسال باهظة الثمن، حيث تدفع حكومة التنين الصيني عمال المناجم لإنتاج المزيد من الفحم، وهو الوقود الرئيسي لتوليد الطاقة، مع زيادة وارداتها من الغاز الأرخص عبر خطوط الأنابيب وإنتاج المزيد محلياً. قالت إدارة الطاقة الوطنية، في 22 يوليو، إن إنتاج الفحم في البلاد ارتفع إلى 2.2 مليار طن خلال النصف الأول من عام 2022، بزيادة 11% عن العام السابق.

يعيد مستوردو الغاز الطبيعي المسال الصينيون بيع الشحنات في ظل ضعف الطلب المحلي. وصلت إمدادات الوقود إلى مستويات يمكن السيطرة عليها، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى ضعف الطلب في الوقت الذي تكافح فيه الصين تفشي "كوفيد-19". كان اقتصاد الدولة قد نجا من الانكماش الاقتصادي خلال الربع الأخير بصعوبة، إذ أدت سلسلة من عمليات الإغلاق المستمرة إلى إغلاق الشركات.

لا يتضح مدى استمرار هذا الضعف في الطلب، فالرئيس شي جين بينغ لا يزال ملتزماً بنهج "صفر كوفيد" للقضاء على العدوى، حيث أصبحت شينزين هذا الأسبوع أحدث المدن الصينية التي تواجه قيوداً في هذا الإطار.

مع ذلك، أظهر الاقتصاد علامات تدل على تحسن أدائه في يوليو، ويتوقع بنك "غولدمان ساكس" انتعاشاً في النشاط الاقتصادي الصيني على مدى الأشهر العديدة المقبلة، ما سيكون له آثاراً هائلة في جميع أنحاء آسيا وأوروبا.

قال محللو "غولدمان ساكس" في تقرير، الاثنين، إن عودة الطلب الصيني ستزيد المنافسة من جانب آسيا على شحنات الغاز الطبيعي المسال. كما ذكروا أن انتعاش الطلب سيترك إمدادات أقل لأوروبا، ما سيتطلب من المنطقة خفض الاستهلاك أكثر لضمان مستويات تخزين "مطمئنة" قبل الشتاء.

قال كوبسون من "ترايدنت" للغاز الطبيعي المسال: "في الوقت الحالي، تؤثر عمليات الإغلاق على الصناعة، والصين على وشك استعادة انتعاش النشاط الصناعي والطلب. إذا عاد أحد أكبر المشترين في آسيا من حيث الحجم بينما تتنافس بقية دول شمال آسيا مع أوروبا، فإن ذلك سيشكل تنافساً كبيراً للحصول على أكبر حصة بالسوق بما قد يفوق قدرتهم".

أيضاً، قد يدفع الانخفاض المفاجئ في درجات الحرارة الصين إلى شراء الغاز الطبيعي المسال، على غرار ما حدث في يناير 2021 عندما فاجأت عاصفة باردة العديد من المستوردين الصينيين، الأمر الذي أدى إلى استنزاف المخزونات وفرض موجة من الشراء الفوري، وبالتالي ارتفاع الأسعار.