هل أسعار الفائدة الأميركية محايدة؟.. الأسواق تأمل ذلك بالتأكيد

رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول تحدّث عن فكرة أن البنك المركزي قد قام بالفعل بالجزء الأكبر مما هو مطلوب لمكافحة التضخم؛ دعونا نأمل أنه على حق

رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول
رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول المصدر: غيتي إيمجز
Mohamed El Erian
Mohamed El Erian

Mohamed A. El-Erian is a Bloomberg Opinion columnist. He is the chief economic adviser at Allianz SE, the parent company of Pimco, where he served as CEO and co-CIO. He is president-elect of Queens' College, Cambridge, senior adviser at Gramercy and professor of practice at Wharton. His books include "The Only Game in Town" and "When Markets Collide."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

من المؤكّد أن إحدى التصريحات المرتجلة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مؤتمره الصحفي يوم الأربعاء، بأن أسعار الفائدة قد وصلت إلى "مستوى محايد" بعد زيادة سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس التي تم الإعلان عنها للتو، من المؤكد أنها ستُثير الكثير من النقاش بين الاقتصاديين في الأسابيع والأشهر المقبلة. وانطلاقاً من رد فعل الأسواق في اللحظة التي أدلى فيها بهذا التصريح، من الواضح ما هي الاستنتاجات التي تريد الغالبية العظمى من المستثمرين أن يتوصّل إليها هؤلاء الاقتصاديون.

اقرأ المزيد: "الفيدرالي" يرفع معدل الفائدة 0.75% للمرة الثانية على التوالي

الحياد هو اختصار لمفهوم مهم للغاية وهو أن مستوى أسعار الفائدة يتوافق مع السياسة النقدية التي لا تكون انكماشية ولا توسعية. وعندما يقترن الحياد بالمهمة المزدوجة للاحتياطي الفيدرالي، فإنه يشير إلى سياسة نقدية قريبة من تقديم أقصى قدر من التوظيف واستقرار الأسعار.

في عالم اليوم، تُترجِم الأسواق هذا الكلام إلى وجهة نظر مفادها أن الاحتياطي الفيدرالي يعتقد الآن أنه قام بالفعل بالجزء الأكبر مما هو مطلوب لتشديد السياسة النقدية للتعامل مع ما وصفه باول نفسه بالتضخم الذي ما يزال "مرتفعاً للغاية" ويُلحق "مشقة كبيرة" بالأميركيين.

بالنظر إلى هذا التفسير، لا ينبغي أن يكون مفاجئاً أنه بعد أن نطق باول بكلمة "محايد" مباشرة، تحرّكت الأسهم والسندات والدولار بشكل كبير، وكما تشير المبادئ الأساسية تماماً: ارتفعت الأسهم، مع إنهاء المؤشرات الرئيسية الجلسة أعلى بنسبة تتراوح بين 1.4% و4.1%؛ وانخفضت عائدات السندات، مع انخفاض سندات الخزانة لأجل عامين إلى أقل من 3%، واعتدال انعكاس المنحنى لسندات الخزانة لأجل عامين و10 أعوام عند 20 نقطة أساس؛ وضعف الدولار، مع انخفاض مؤشر الدولار الأميركي إلى 106.4.

وفي الواقع، تعمل كل من هذه التحركات على تيسير الأوضاع المالية. ولا عجب أن تتجاهل الأسواق تصريحات باول المرتجلة الأخرى التي يصعب التوفيق على الفور بينها وبين تأكيده على أن الأسعار محايدة. وشمل ذلك احتمال ارتفاع معدل البطالة الطبيعي؛ والقدر الكبير من عدم اليقين الاقتصادي؛ والحاجة إلى أن يعقد الاحتياطي الفيدرالي "اجتماعاً تلو الآخر" بشأن قرارات سياسته؛ وصعوبة تقديم إرشادات سياسية واضحة للمستقبل.

اقرأ أيضاً: إنفوغراف.. كيف كان أداء الدولار خلال 7 أشهر من رفع الفائدة؟

يمكنكم أن تحسبونني من بين أولئك الذين يأملون بأن يكون باول محقاً تماماً بشأن كون أسعار الفائدة محايدة بالفعل. وهذا من شأنه أن يُحسّن من فرص الاحتياطي الفيدرالي في أن يكون قادراً على ترسيخ الاقتصاد، وبالتالي تقليل التضخم مع ضرر محدود لسبل العيش، ودون التسبّب في عدم استقرار مالي مقلق.

علاوةً على ذلك، ليس لديّ تقدير دقيق لما هو محايد للأسباب ذاتها التي ذكرها باول فيما يتعلق بالمستوى المرتفع غير المعتاد من عدم اليقين والمعايير الهيكلية المتغيرة للاقتصاد. لديّ حدس، إلا أنني بعيد عن اليقين، أننا ما زلنا دونه.

أتمنى أن أكون مخطئاً، وإذا لم أكن كذلك، فسيؤدي هذا الواقع للأسف إلى تضخيم مخاوفي المتكررة في كثير من الأحيان بشأن الأضرار الجانبية التي تلحق بالاقتصاد وسبل العيش، ولا سيما تلك الخاصة بالشرائح الأكثر ضعفاً في المجتمع، بسبب الاحتياطي الفيدرالي الذي استغرق وقتاً طويلاً لفهم التضخم والاستجابة له بشكل صحيح.