تقنية بريطانية جديدة ستغير تجربة قيادة السيارات

شاشة عرض إنفيزيكس على الزجاج الأمامي للسيارة
شاشة عرض إنفيزيكس على الزجاج الأمامي للسيارة المصدر/ إنفيزيكس
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يبدو مستقبل صناعة السيارات متجهاً للاعتماد على المحركات الكهربائية وتقنيات الاستشعار ذاتية القيادة، كما يبدو أن التغييرات تتجه أيضاً نحو الزجاج الأمامي للسيارة الذي سيكون هو أيضًا مثيرًا للإعجاب.

وتعمل شركة "إنفيزيكس" (Envisics) هي شركة بريطانية عمرها عشر سنوات، بهدوء على تحويل شاشة العرض العلوية (التي تظهر على الزجاج الأمامي للسيارة في التصاميم الحديثة) إلى أرض عجائب من الهولوغرام (التصوير التجسيمي)، أو صور ثلاثية الأبعاد لشخصيات كأحد أبطال سلسلة أفلام حرب النجوم "أوبي وان"، أو كأنك تشاهد عرض حفل لمغنّي الراب تو باك في مهرجان "كواتشيلا" بعد وفاته.

وتَعِدُ "إنفيزيكس" بأن تعرض شاشتها طبقة من الواقع تمتدّ من غطاء محرك السيارة إلى الأفق، إذ تخبر السائق بشكل أوضح إلى أين يتجه، فور تولّي الروبوتات ذاتية القيادة المسؤولية، وذلك بدلًا عن عرضها لعدّاد سرعة بسيط أو أسهُم الاتجاهات،

وتُقدّم الشاشة الجديدة، ألعابًا شبيهة بـ"بوكيمون" أو تُطلِعك على آخر أخبار حسابك على "إنستغرام"، وعلاوةً على ذلك فإن أخذ مكالمات "زوم" (Zoom) باستخدام هذه الشاشة يثير الدهشة، انتظر إلى أن تجرّب اتصالًا وتتحدث إلى شاشة ثلاثية البعاد وأنت ممسك بعجلة القيادة.

ويقول مؤسِّس المشروع ومديره التنفيذي جاميسون كريسماس، الحاصل على درجة الدكتوراه في الهولوغرام (التصوير المجسّم) من جامعة "كامبريدج"، إنّ المشروع كان بالنسبة إليه حلم حياته الذي بدأ منذ افتتانه بسلسلة أفلام حرب النجوم، وتطور لاحقًا إلى صفقة أساسية مع "جاغوار" (Jaguar) التابعة لشركة "لاند روفر" (Land Rover)، إذ حصلت شركة "إنفيزيكس" مؤخرًا على استثمار بقيمة 50 مليون دولار من قِبل وحدة الاستثمار في شركة "جنرال موتورز" (General Motors) وعملاقة توريد التكنولوجيا الكورية الجنوبية "هونداي موبيس" (Hyundai Mobis).

لماذا الهولوغرام؟

يُخبرنا الخيال العلمي بأنها ممكنة، لذا فكرت: لماذا لم تحدث بعد؟ والجواب ببساطة لأنها بالغة الصعوبة، فالضوء لا يعمل بالطريقة التي تُخبرنا بها أفلام وقصص الخيال العلمي. وعلى الرغم من ذلك، استطعنا تحقيق بعض الاختراقات الكبيرة، إذ نجحنا في تصميم مُعدّل ثلاثيّ الأبعاد يمكننا من خلاله تغيير سرعة الضوء، ما يُعَدّ أحد العناصر الأساسية، بالإضافة إلى استعمال الرياضيات بطريقة تجعل ما نقوم به يرى النور.

لقد أدركنا بسرعة أنّ المكان الملائم لتحقيق ذلك هو شاشات العرض الخاصة بالسيارات، فصمّمنا شاشة عرض علوية تعمل في 7 سيارات "جاغور-لاندروفر".

ويمكن القول عمليًّا إننا انكببنا على العمل لأربع سنوات لإنتاج هذه الشاشات، حتى نجحنا في شحن الوحدة الأُولى منها في فبراير 2015.

ما الذي أثار حماس مُصنِّعي السيارات بشأن هذه التكنولوجيا؟

كان الأمر الرئيسي هو السلامة الفعّالة، والقدرة على توجيه نظر السائق بالطريقة الأفضل، وتنبيهه إلى المخاطر الموجودة في بيئة المدينة.

وتُعَدّ الملاحة من أهمّ ميزات الاستخدام، إذ تتيح هذه الشاشة إمكانية الانتقال من الملاحة كما نستخدمها اليوم عندما ننظر إلى الخريطة، إلى ملاحة نستطيع من خلالها النظر إلى الخريطة وإلى العالم الذي يحيط بنا، وعندها نحاول ربط هذه المعلومات بعضها ببعض.

القدرة على مراكمة هذه البيانات على أرض الواقع أمر مثير للغاية، عندها تصبح الأسهم بمكانها الصحيح تحديدًا في الوقت الذي يترتب عليك فيه أن تُغيِّر وجهة سيارتك.

وكشفنا في يناير 2019، عن أول شاشة لعرض الواقع المعزز في معرض "CES"، لقد برهنت هذه الشاشة على قدرتها، ليس فقط عندما يتعلق الأمر بتجربة الشاشة التقليدية، بل أيضًا رصد المعلومات على ثلاثة ممرات للطريق السريع من بُعد بلغ 20 كيلومترًا ممتدًّا من أمام السيارة.

وشكّل هذا العرض إدراكًا لدى عالم صناعة السيارات بوجودنا كحقيقة ملموسة، وشكّل نقطة انطلاق للشركة، إذ إنّ أغلب مُصنّعي المعدّات الأصليين للسيارات في العالم قَدِمُوا لزيارتنا.

هل تشكّل لكم الأنظمة ذاتية العمل عاملاً إيجابياً أم تهديداً؟

عندما يتعلق الأمر بالمراحل التي تتطلب منك الانتباه الكامل (المرحلة 1 و2 بحسب تقسيمات النظام)، فهناك بالفعل استخدام جيّد لتقنيات للواقع المعزز، إذ تخبرك السيارة بشكل بصريّ بالمعلومات التي تجمعها، وما تفعله، ولماذا هي تفعل ذلك؟، ما يجعل الأمر أسهل، وما يعني أيضًا أنه بإمكانك نقل مسؤولية القيادة من السيارة إليك بشكل فوريّ، فيما إذا كنت تتفاعل فقط مع الطلبات الظاهرة على الشاشة، فلن يكون لديك المعلومات التي تحتاج إليها لاتخاذ قرارات بشكل جيّد.

وتعتبر المرحلة الرابعة والخامسة هي التي تكون فيها أنت راكبًا وتتسلّم السيارةُ كليًّا القيادة، وهذه المراحل من عمل النظام تشكّل فرصة مثيرة بالنسبة إلى شركات السيارات من حيث قدرتها على جني الأرباح منها في المستقبل. وذلك عبر الإعلانات أو توفير معلومات عمّا يدور في العالم، بالإضافة إلى قابلية جمع معلومات عن تفاعلك اليومي مع هاتفك الذكي، كل هذه الأشياء ستكون مُمكنة.

ما الجزء الأصعب عند تطوير هذا النظام؟

تُعطينا السيارة المعلومات التي نستخدمها لخلق هذه الصورة الثلاثية الأبعاد للعالم، وعمومًا فإنّ الهولوغرام مُعقَّد للغاية، إذ كي تخرج الصورة تحتاج إلى أعداد خيالية من العمليات الحسابية التي تجرى في كل ثانية. فنحن نتلاعب بسرعة الضوء مئات المرات في الثانية، وعلوم وهندسة الموادّ المُستعملة كأجهزة السيليكون وبنية المعالجة شكّلت بالنسبة إلينا تحديات استطعنا مُعالجتها وحلّها. فنحن الآن منخرطون بالنقاش على مستويات عدة مع شركات مختلفة حول العالم، وإنتاجنا الأول سيكون متاحًا من عام 2023 وصاعدًا.

بين ما يمكنكم عمله وما سيكون مربحاً فجوة. فما حجم هذه الفجوة؟ وما مدى سرعة سدّها؟

هدفنا الأوّلي هو للجزء الأكثر تميزًا في السوق، وهذا ما سنطلقه في عام 2023، لكننا نتوقع أنه ومع تطور تقنياتنا سيكون بمقدورنا التعامل مع كامل سوق السيارات. فنحن نعمل مع كل مصنع سيارات على حدة، بهدف فَهْم نظرتهم المستقبلية إلى تجربة قيادة السيارة، ونساعدهم على تحقيق هذه النظرة عبر تقنياتنا.

يشهد عالم السيارات ثورة، ويفترض معظم الناس أنّ هذه الثورة تنحسر في آلية الحركة وأنظمة القيادة الذاتية، لكن هذا ليس صحيحًا، فعندما تُفكّر في المستقبل تجدنا نتحرك دائمًا باتجاه عالم يكون فيه اندماج أكثر في السوق، ليكون في تصميمات السيارات تجانس بهدف زيادة الكفاءة إلى أقصى حدّ.

ومن المحتمل جدًّا أن تكون تجربة الراكب داخل السيارة من أهمّ الميزات التي تساعده على اتخاذ قرار اقتناء سيارة ما. وعندها ستتميز في هذا المجال منصّات كمنصّتنا، فتقديم تجربة قيادة تختلف بحسب كل فرد هو فعلًا ما يلوح في الأفق.