معاناة السوق ستحدد قرار بنك إنجلترا المقبل للفائدة

ارتفاع تكلفة التأمين ضد التخلف عن السداد لأعلى مستوى منذ التصويت على البريكست

موظفون يسرون في زقاق وقت الغداء بمدينة لندن في المملكة المتحدة.
موظفون يسرون في زقاق وقت الغداء بمدينة لندن في المملكة المتحدة. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أعادت الإجراءات الطارئة، التي اتخذها "بنك إنجلترا" بعض النظام إلى الأسواق المالية في المملكة المتحدة، لكن تفاقم معاناة جديدة ليس بعيداً جداً.

أثبت توقف بنك إنجلترا عن شراء السندات بمليارات الجنيهات خلال اليومين الماضيين أن الأمر مؤقت إلى حد ما، حيث يستمر تأرجح السندات الحكومية والجنيه الإسترليني بين المكاسب والخسائر، كما ارتفعت تكلفة التأمين ضد تخلف المملكة المتحدة عن السداد إلى أعلى مستوى منذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست" في 2016.

تسبب إصرار رئيسة الوزراء الجديدة، ليز ترَس بخطط التخفيضات الضريبية الممولة بالاقتراض في انخفاض الجنيه الإسترليني لقاع قياسية هذا الأسبوع، بجانب الارتفاع التاريخي لعوائد السندات، كما اصطفت بنوك وول ستريت للتشكيك في الموارد المالية للبلاد ودعت لتطبيق مزيد من إجراءات السياسة النقدية.

فيما يلي بعض تحركات السوق التي تلوح في الأفق، وقد تدفع المسؤولين في المملكة المتحدة إلى اتخاذ قرار.

تعادل الجنيه

سيكون تخطي الجنيه الإسترليني لما دون مستوى التعادل مع الدولار، للمرة الأولى على الإطلاق إحراجاً لـ"ترَس"، وسيصبح مؤشراً واضحاً على تراجع مكانة المملكة المتحدة، كما يمكن أن يكون له أيضاً تداعيات سياسية خطيرة، حيث ذكرت صحيفة "تليغراف" أن التعادل قد يدفع ترَس لمواجهة معارضة نواب المحافظين للتخفيضات الضريبية.

لقراءة المزيد: ما سر انهيار الجنيه الإسترليني المفاجئ؟

رغم تعافى الجنيه ليتداول حول 1.10 دولار، لكن تحركات الأيام الأخيرة تظهر مدى السرعة التي يمكن أن ينهار بها في ظروف معاكسة، فيما تشير عقود الخيارات لوجود فرصة بنسبة 1 إلى 3 لبلوغ العملة مستوى التعادل بحلول نهاية العام، كما قد يجعله ارتفاعه الأخير أرخص للمتداولين للرهان على تراجعه.

قال لين غراهام تيلور، الخبير الاستراتيجي في "رابوبنك": "يبدو أن الاقتراب من مستوى التعادل نقطة مهمة من الناحية النفسية"، وأضاف أنه يتعين على بنك إنجلترا أخذ انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني في الاعتبار لتسببه في تفاقم الضغوط التضخمية، وقال: "أعتقد أن السوق ستختبر مدى استعداد بنك إنجلترا لرفع أسعار الفائدة بقوة".

معاناة السندات البريطانية

على صعيد السندات الحكومية، تُعدّ طبيعة وظروف التداولات أهم بكثير من أي مستوى للعائد، حيث لاحظ أنطوان بوفيه، المحلل الاستراتيجي في "آي إن جي غروب" (ING Groep) أن متوسط فروق الأسعار بين العرض والطلب بمعظم السندات الحكومية البريطانية قد تحسن منذ تدخل بنك إنجلترا، لكن السيولة ماتزال مقيدة في السندات ذات آجال الاستحقاق الأطول.

يشير مؤشر السيولة بالسندات الحكومية البريطانية إلى أن ظروف التداول هي الأسوأ منذ 2011، فإذا استمرت الظروف السيئة أو ساءت بمجرد توقف بنك إنجلترا عن الشراء، قد يعطي ذلك ذريعة للمسؤولين لمواصلة التدخل لتحقيق الاستقرار المالي.

بالنظر للمستقبل، قد تزداد الضغوط إذا ما دفع البنك المركزي بتأجيل خطط بيع حيازاته من السندات.

لقراءة المزيد: "بنك إنجلترا" يتحرك لدعم السندات البريطانية

قال روهان خانا، محلل أسعار الفائدة في بنك "يو بي إس": "من الصعب افتراض قيامهم بالشراء الآن، ثم عكس المسار والبيع بعد أسبوعين ثم يرفعون سعر الفائدة بنسبة كبيرة. يبدو هذا اقتراحاً صعباً".

أزمة الرهن العقاري

بلغت عوائد عقود مبادلة أسعار الفائدة لأجل عامين، التي يستخدمها البنوك لتسعير الرهون العقارية، نحو 6% هذا الأسبوع وسط تقلبات السوق، بينما لا تزال تكلفة أغلب قروض الرهن العقاري بالمملكة المتحدة لمدة عامين أقل بكثير من ذلك المستوى، لتتراوح بين 3% و5% بحسب الجدارة الائتمانية للمقترض.

لا يمكن استمرار الفجوة بينهما حتى يستنفد المقرضون تحوطاتهم، بعدها ستضطر البنوك إلى رفع فوائد الرهن العقاري بشكل كبير حتى تتجنب شطب القروض بسبب الخسارة، حيث بلغت تكلفة الاقتراض لشراء منزل بالفعل أعلى مستوى لها منذ الأزمة المالية.

اقرأ أيضاً: العريان: "مقامرة الضرائب الكبيرة" تعني أن بنك إنجلترا يحتاج لرفع الفائدة 1%

أصبح فرض زيادات إضافية أمراً لا مفر منه مع رفع أسعار الفائدة للحد مع التضخم، لكن الارتفاع المفاجئ يهدد رأس المال السياسي، الذي استثمره حزب المحافظين في ملكية المنازل وسوق الإسكان.

تحذيرات ائتمانية

انطلقت أجراس الإنذار بالفعل في سوق الائتمان المقوم بالجنيه الإسترليني، حيث وصلت تكلفة إعادة تمويل السندات من الدرجة الاستثمارية المقومة بالجنيه لأعلى مستوى على الإطلاق، فرغم اقتراب العائدات من أكبر زيادة شهرية على الإطلاق، هناك مؤشر خطير يلوح في الأفق.

عند مستوى 6.6% ستكون العوائد على بُعد نحو 260 نقطة أساس من أعلى مستوى للمؤشر على الإطلاق عند 9.23% الذي سجله في 2009 عقب الأزمة المالية العالمية، وفقاً لمؤشر بلومبرغ، وفي ظل تحركات السوق مؤخراً، قد يحدث ذلك خلال أسابيع.

اقرأ المزيد: عائد السندات البريطانية لأجل 30 عاماً يتجاوز 5% لأول مرة منذ 20 عاماً

قد يؤدي ارتفاع العائد لأكثر من 10% إلى موجات ذعر في السوق، كما أن تخطي هذا المستوى، وهو الأقرب في الأسواق الناشئة، سيكون بمثابة صدمة للمستثمرين علماً بأن المؤشر يتتبع أكثر سندات الشركات المقومة بالجنيه الإسترليني أماناً، وسيضع البنوك في وضع غير مسبوق محفوف بالمخاطر.

الجنيه الاسترليني