ترَس تحتاج لإظهار كفاءتها وسط تفاقم الأزمة في بريطانيا

ضرورة التنسيق بهدوء مع بنك إنجلترا المنوط به كبح التضخم واستعادة الاستقرار المالي

مغادرة رئيسة وزراء المملكة المتحدة ليز ترَس مقر الحكومة، 10 داونينغ ستريت، قبل قيام وزير الخزانة البريطاني كواسي كوارتنج بتقديم الخطط المالية للبرلمان، في لندن، المملكة المتحدة، بتاريخ 23 سبتمبر 2022.
مغادرة رئيسة وزراء المملكة المتحدة ليز ترَس مقر الحكومة، 10 داونينغ ستريت، قبل قيام وزير الخزانة البريطاني كواسي كوارتنج بتقديم الخطط المالية للبرلمان، في لندن، المملكة المتحدة، بتاريخ 23 سبتمبر 2022. المصدر: بلومبرغ
محررو بلومبرغ
محررو بلومبرغ

الهيئة التحريرية في (رأي بلومبرغ)

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

دفع التخلص من سندات الحكومة البريطانية، عقب الإعلان الفاشل عن الميزانية، بنك إنجلترا إلى التدخل بشكل كبير، الأربعاء الماضي، حيث كان البنك المركزي قد وعد بشراء السندات طويلة الأجل بأي حجم ضروري لاستعادة النظام في السوق.

جاء التدخل بمثابة إعلان رسمي عن أزمة مالية وشيكة، تمحورت في صناديق المعاشات التقاعدية التي تواجه الإفلاس، مع انخفاض أسعار السندات. يبدو أن التدخل كان مجدياً، فقد استعاد الجنيه جزءاً من قيمته التي فقدها في وقت سابق من الأسبوع.

يصعب تصور إلقاء التهمة على سوء الإدارة الاقتصادية، ولكن بعدما سارت الأمور بشكل كارثي، ما الذي يمكن أن تفعله رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة، ليز ترَس، لإصلاح الضرر؟

طالع المزيد: مؤشرات سريعة على فشل "مغامرة" ليز ترَس التاريخية مع اقتصاد المملكة المتحدة

يتعين على ترَس أولاً تجنب المزيد من المزايدة السياسية والبدء في إظهار كفاءتها التنفيذية بثبات. كان ينبغي على ترَس البدء في التركيز على هذه النقطة المحورية بمجرد فوزها برئاسة الحزب خلفاً لبوريس جونسون في 5 سبتمبر. لكنها، ووزير ماليتها الجديد كواسي كوارتنغ، أعلنا فوراً عن تخفيضات ضريبية كبيرة وزيادة في الإنفاق، ما يُلقي الضوء على الآثار المترتبة على المالية العامة، والتنصل من التزام وزير المالية السابق بالاستدامة المالية، بالإضافة إلى تهميش مكتب مسؤولية الميزانية، وهو هيئة الرقابة المالية المستقلة في المملكة المتحدة.

تتناسب هذه القرارات مع النمط الأوسع للوضع السابق واللاحق لحملتها حيث بدت غير مهتمة بالعواقب بقدر اهتمامها بأن تبدو شجاعة وجريئة. شعر المستثمرون في الأيام القليلة الماضية بالخوف من قدرات الزعيمة الجديدة.

يبدو أنه ليس هناك حل مباشر بعد وقوع الكثير من الضرر فعلياً. لن ننسى الأسبوع الماضي الذي سيُعرّض بقية رئاسة ترَس إلى صعوبة تزيد عما وعدت به بالفعل. حثّ عدد من المعلقين الحكومة على إلغاء اقتراح الميزانية والبدء من جديد، إلا أن الارتداد المفاجئ قد لا يؤتي ثماره، وفي حال أشار ذلك إلى حالة من الذعر، ستُصبح الأمور أكثر سوءاً.

اقرأ أيضاً: الدفاع عن الجنيه الإسترليني.. الخيارات المحفوفة بالمخاطر أمام بنك إنجلترا المركزي

نصيحة لترَس

أفضل نصيحة يُمكن إسداؤها لترَس هنا هو ضرورة التوقف عن محاولة خلق حالة من الإثارة. هذا يعني التنسيق بهدوء مع المسؤولين في بنك إنجلترا، وإن لزم إحالة الأمر برمته إليهم، حيث إنهم المسؤولون عن كبح التضخم واستعادة الاستقرار المالي. التصور القائم بشأن الخلاف بين وزارة الخزانة والبنك المركزي حيال سياسة الاقتصاد الكلي هو تصور قاتل لكلا الهدفين.

طالع أيضاً: لماذا أخذت صلاحيات بنك إنجلترا منحنى سياسياً؟

ستحتاج ترَس بعد ذلك إلى الإعلان عن تصحيح المسار بحكمة. تعهدت الحكومة بوضع خطط أكثر تفصيلاً في 23 نوفمبر وهذه مدة انتظار طويلة للغاية. يجب الإعلان الآن عن اقتراح جديد يوضح نواياها المالية. لا يحتاج الأمر إلى التنصل من كل شيء في الميزانية الأصلية، ولكن يجب أن يتحول التركيز إلى ما عُرف بالمحافظة المالية. إن إجراء المزيد من التخفيضات الضريبية والتغييرات الأخرى في الميزانية مرهون بالتقدم الحقيقي في تقييد التضخم والتأكيد على هبوط الدين العام في أقرب وقت ممكن.

وسط دعوات التضحية بكوارتنغ لضمان بقاء ترَس كرئيسة للوزراء، لا بد أن العديد من المحافظين يفتقدون رئيس الوزراء جونسون، المُقال مؤخراً بسبب سلسلة من التدابير الإدارية السيئة. إن لم يحثّ هذا الأمر ترَس على إعادة ضبط الأوضاع، فما الذي سيحثّها إذاً؟