شركات كبرى تسعى للحصول على جائزة بـ 55 مليار دولار من أدوية سيولة الدم الآمنة

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تشير التقديرات إلى أن جلطات الدم سبب في وفاة شخص من كل 4 حالات وفاة في جميع أنحاء العالم، وتعد أدوية سيولة الدم الموصوفة للوقاية من الجلطات من بين الأدوية الأكثر استخداماً.

تُعرف هذه الأدوية تحت العلامتين التجاريتين "إليكويس" (Eliquis) و"زارلتو" (Xarelto) وهي بمثابة مثبط لعامل التخثر (Xa) للإنزيم الذي يثبطونه في عملية التخثر الطبيعية في الجسم. قد يؤدي توقف العامل (Xa)، في حالات نادرة، إلى عواقب غير مقصودة تتراوح من الإصابة بكدمات بسهولة إلى النزيف الداخلي الذي يهدد الحياة، ما يحد ممن يمكنه تناول الأدوية. تعمل شركات الأدوية الآن على بدائل تعمل على إنزيم مختلف لتقليل هذه المخاطر بشكل كبير.

قال أندرو بوم، المحلل في "سيتي غروب" (Citigroup Inc)، إنه في حال ثبوت أن العلاجات المستحدثة آمنة وفعالة، فإنها ستسمح لشركات الأدوية باستهداف التطبيقات الثمانية تقريباً حيث لا يمكن استخدام "إليكويس" و"زارلتو"، بما في ذلك منع السكتات الدماغية بشكل حاسم لدى الأشخاص الذين أصيبوا بسكتة دماغية بالفعل. سيستغرق الأمر بضع سنوات أخرى قبل توفر أي منها، فثلاثة من العقاقير التجريبية التي أحدثت ضجة كبيرة مثل تلك التي تصنعها شركة "باير" (Bayer) و"بريستول مايرز سكويب" (Bristol-Myers Squibb) وشريكتها "جونسون آند جونسون"، فضلاً عما تنتجه شركة "نوفارتس" التابعة لـ"أنثوس ثيرابيوتكس" (Anthos Therapeutics)، هي في مراحلها الأخيرة من التجارب. قال بوم إنه لن يكون لأي منها مبيعات كبيرة حتى 2028 تقريباً، وذلك بعد فقدان كل من "إليكويس" و"زارلتو" حماية براءات اختراعهما. لكن الإمكانات طويلة الأمد هائلة.

طالع المزيد: تحالف "فايزر" و"بيم" بـ 1.35 مليار دولار لتطوير عقاقير الأمراض الوراثية النادرة

أكبر صانعين للأرباح

قدَّر بوم أن تصل فئة الأدوية الجديدة لـ55 مليار دولار بحلول 2035. يظل "إليكويس" و"زارلتو" أكبر صانعين للأرباح حتى مع وجود عدد قليل من الحالات التي تستخدمهما، فقد جلب دواء "إليكويس" ما يقرب من 11 مليار دولار من مبيعات شركة "بريستول مايرز سكويب" العام الماضي، بينما سجل دواء "زارلتو" الذي تنتجه شركتي "باير" و"جونسون آند جونسون" مبيعات فاقت 8 مليارات دولار. يمكن لهذين الدواءين علاج حالات الرجفان الأذيني، والذي ينتج عنه عدم انتظام ضربات القلب التي قد تسبب جلطات ويعتقد أنها تؤثر على 37 مليون شخص على مستوى العالم.

قالت ليزلي ليك، رئيسة التحالف الوطني لتجلط الدم (National Blood Clot Alliance)، وهي مجموعة مناصرة غير ربحية، والمؤسسة المشاركة والمديرة الإدارية لشركة "إنفس فاينانشيال أدفايزر" (Invus Financial Advisor) في نيويورك، إنه "إذا كانت الأدوية تعمل بشكل جيد مثل العلاجات الحالية دون التعرض لخطر النزيف "فسيغير ذلك قواعد اللعبة. إنها حقاً صفقة كبيرة".

تعد الجلطات بمثابة سد في الأوعية الدموية، ما يمنع الدم الغني بالأكسجين من التدفق إلى الأعضاء الحيوية. تنتج هذه الجلطات بسبب خلل فيما يسمى بسلسلة التخثر، مثل كيفية منع الجسم لتدفق الدم عندما تجرح ذراعك أو تجرح نفسك أثناء الحلاقة. عمل العلماء على أدوية سيولة الدم على مدى أكثر من عقد.

الإنجازات المبكرة

تضمنت الإنجازات المبكرة دوائي "هيبارين" (heparin) و"وارفارين" (warfarin)، اللذين لا يزالان مستخدمين. إن مثبطات العامل (Xa)، التي تمت الموافقة عليها منذ حوالي 10 سنوات، هي أكثر الأساليب المستهدفة التي تم تطويرها حتى الآن. ومع ذلك، فإن أهمية إنزيم العامل (Xa) تجعل منعه أمراً محفوفاً بالمخاطر، وقد يؤدي منعه إلى نزيف حادة لا يمكن وقفه.

يوازن الأطباء، قبل وصفهم لأدوية "إليكويس" و"زارلتو"، مقدار استفادة الشخص من مسيلات الدم مقابل مدى المخاطر التي يمكن أن تتسبب فيها الآثار الجانبية. قال جون جيفريز، طبيب القلب في مركز علوم الصحة بجامعة "تينيسي"، إن الحطاب أو طاهي السوشي المصابين بالرجفان الأذيني، على سبيل المثال، لن يكونا مرشحين جيدين، لأن حركة واحدة خاطئة في العمل قد تتسبب في نزيف لهما.

أضاف: "أي شيء يمكنك القيام به لجعل شخص ما يتناول دواءً مضاداً لتخثر الدم دون التعرض لخطر النزيف هو شيء هائل".

كانت العوامل الوراثية أساسية لمساعدة العلماء على تحديد إنزيم مختلف لتخثر الدم لاستهدافه، وهو العامل (XIa). ينزف الأشخاص الذين يفتقرون لهذا الإنزيم أكثر قليلاً من الطبيعي، ولكن ليس بشكل سيئ كأولئك المصابين بأشكال أخرى من الهيموفيليا. أظهرت الأبحاث أن هؤلاء الأشخاص كانوا أقل عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية، ما أعطى شركات الأدوية الثقة لمحاولة تكرار هذه الظاهرة. استغرق وصول الأدوية إلى مراحل تطورها النهائية عقوداً. بدأت شركة "بريستول" عملها في وقت مبكر في 1999، واستغرق الأمر 10 سنوات لتكرير التركيب الكيميائي لإنتاج حبة دواء فعالة.

اليوم، تختبر شركتا "بريستول" و"جونسون آند جونسون" الجزيء المسمى ميلفيكسيان على البشر. قدمت الشركات خلال العام الماضي نتائج بعض التجارب في منتصف المرحلة. ولَّدت شركة "باير" قدراً من الإثارة في أبريل عندما أظهرت دراسة خاصة بمركبها، أسونديكسيان (asundexian)، الذي استهدف العامل (XIa) نزيفاً أقل بنسبة 67% من دواء "إليكويس".

اقرأ أيضاً: إلى أي مدى تقنية "كريسبر" للتعديل الجيني مهمة لعلاج الأمراض؟

مشاركة البيانات

شاركت كل من شركتي "بريستول" و"جونسون آند جونسون" بيانات في الآونة الأخيرة من دراسة لفحص ما إذا كان بإمكان ميلفيكسيان منع سكتة دماغية أخرى لدى الأشخاص الذين تعرضوا لها مؤخراً. فشلت التجربة في هدفها الرئيسي، لكنها أعطت الشركات ثقة كافية للدفع بميلفيكسيان لجولة أخيرة من الاختبارات، حيث أشار المسؤولون التنفيذيون إلى انخفاض خطر الإصابة بالسكتة الدماغية دون التعرض لخطر نزيف مقلق بنحو 30%. فشل مركب أسونديكسيان الخاص بشركة "باير" في تحقيق هدفها الأساسي أيضاً، لكن الشركة قالت إنها ستستمر فيه.

بدأت شركة "أنثوس ثيرابيوتكس" في تسجيل المرضى في تجارب المرحلة المتأخرة من الأجسام المضادة وحيدة النسيلة في مايو. قال جيفري بارنز، طبيب القلب والأوعية الدموية في جامعة "ميشيغان"، إن النتائج أشارت إلى أن الأدوية التجريبية أكثر أماناً من العلاجات الحالية. وأضاف بارنز، الذي استعانت به شركات "بريستول" و"جونسون آند جونسون" و"فايزر": "لكنني أعتقد أننا جميعاً بحاجة إلى التخلي عن بعض الحماس في حال عدم فعالية هذه الأدوية على النحو المأمول. ولن نعرف ذلك حتى نجري دراسات المرحلة الثالثة الكبيرة".

قالت ليك، البالغة 58 عاماً، والتي تلقت دواء "إليكويس" منذ أن اكتشف الأطباء جلطات دموية متعددة في رئتيها في 2018، إن المرضى يدعمون كافة الأدوية في طور الإعداد. أمر الأطباء ليك بالتخلي عن هوايات مثل ركوب الدراجات في مانهاتن وركوب الخيل بسبب خطر تعرضها لنزيف غير مرغوب فيه. قالت ليك: "قد يغير هذا الطريقة التي يعيش بها الناس حياتهم".

سيستغرق الأمر سنوات حتى تكمل الشركات الدراسات النهائية التي تحتاجها لإثبات فعالية الأدوية. سيحتاج آلاف الأشخاص حول العالم إلى التسجيل والمراقبة، وهو عمل ضخم. يعد فقدان دواء "إليكويس" لتفرده أحد الاعتبارات المهمة بالنسبة للرئيس التنفيذي لشركة "بريستول" جيوفاني كافوريو، لكن فرصة العلاج دائماً ما جعلت بحث الشركة عن دواء أكثر أماناً لعصر تجلط الدم "شعوراً ملحاً كان موجوداً دائماً لتطوير ميلفيكسيان بسرعة. لأننا نعلم أن هناك مرضى ينتظرون".