خفض إنتاج "أوبك+" يشكّل تهديداً جديداً لإدارة بايدن مع اقتراب موعد الانتخابات

شعار منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، في فيينا، النمسا.
شعار منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، في فيينا، النمسا. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

وسط استمرار سلسلة الانخفاضات في أسعار النفط على مدى 98 يوماً، سارع الرئيس جو بايدن إلى تلقي المديح في أغسطس الماضي على مواجهته أحد أخطر خصومه السياسيين: ارتفاع أسعار البنزين. وكان ذلك احتفالاً بانتصار قد يثبت قريباً أنه سابق للأوان.

بعد مرور أكثر من شهر على نشر بايدن تغريدة على تويتر بأنه تغلّب على "زيادة أسعار بوتين عند مضخة البنزين" ، يواجه اليوم قوى لا تستطيع حتى الحكومة الأميركية مضاهاتها، إذ يستعد تحالف "أوبك +" للدول المنتجة للنفط إلىخفض الإنتاج بأكثر من مليون برميل يومياً لدعم أسعار النفط العالمية. ورغم أن التحالف لن يتخذ أي قرار حتى يوم الأربعاء، فإن الاحتمال وحده تسبّب في ارتفاع أسعار النفط الخام بأكثر من 6% قبل أن يستقر عند مستوى أقل بقليل من 84 دولاراً للبرميل في نيويورك.

تحركات "أوبك"

علاوةً على الاعتبارات المحلية، تشير تحرّكات "أوبك+" إلى أن جهود الولايات المتحدة لعزل روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا -ووضع حد أقصى لسعر النفط الروسي– لا تسير على النحو الذي ترغب فيه إدارة بايدن. وتظهر مداولات التكتل أن موسكو تعمل مع مجموعة كبيرة من الدول بطريقة يرجح أن تُعزّز الموارد المالية للكرملين. ومن المقرر أن يحضر نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك -الذي فُرضت عليه عقوبات من قبل الولايات المتحدة- اجتماع المجموعة في فيينا، وفقاً لأشخاص مطلعين على الموقف.

فضلاً عن ذلك، تأتي الخطوة المحتملة لمنظمة "أوبك" في وقت غير مناسب لبايدن حيث يحاول السيطرة على ارتفاع الأسعار قبل انتخابات التجديد النصفي المقررة في نوفمبر، الي ستحسم ما إذا كان الديمقراطيون سيحتفظون بسيطرتهم على الكونغرس. كما تنذر القفزة الكبيرة في أسعار النفط بزيادة أسعار البنزين، وهي واحدة من أبرز علامات التضخم بالنسبة للناخبين.

كانت أسعار البنزين عند محطات تموين السيارات انخفضت بنسبة 24% بفضل تراجع أسعار النفط الخام بعد أن سجلت رقماً قياسياً في يونيو تجاوز 5 دولارات للغالون، غير أنها ترتفع حالياً بالفعل وقبل أن تفكر "أوبك" في خفض الإنتاج. ومنذ توقف انخفاض الأسعار الذي استمر لنحو 100 يوم، ارتفع المتوسط الوطني في 12 يوماً من آخر 13 يوماً، حيث أدى تعطل مصافي النفط وانخفاض الواردات على الساحل الغربي إلى الضغط على إمدادات الوقود.

خفض "أوبك+" إنتاج النفط لن يجدي نفعاً كبيراً

بلومبرغ: "أوبك+" سينظر خفض إنتاج النفط بأكثر من مليون برميل

ارتفاع الأسعار

في كاليفورنيا، التي تُعتبر موطن البنزين الأعلى تكلفة في الولايات المتحدة، تقترب الأسعار من ذروة شهر يونيو مرة أخرى، وتمتد الزيادة إلى الولايات المجاورة. أما ساحة المعركة الانتخابية في نيفادا فلديها أعلى سعر للبنزين بعد كاليفورنيا، كما تدفع ولايات رئيسية أخرى مثل ميشيغان وأريزونا أسعاراً للبنزين تتجاوز المتوسط الوطني البالغ 3.799 دولار للغالون، وفقاً لبيانات نادي السيارات "إي إي إي" (AAA).

قال كيفن بوك، العضو المنتدب لشركة الأبحاث "كلير فيو إنرجي بارتنرز" (ClearView Energy Partners): "يُعتبر ارتفاع الأسعار خبراً سيئاً بالنسبةِ إلى الديمقراطيين. وهو لا يساعد في دعم شعبية الرئيس وربما لا يدعم موقف الديمقراطيين في مراكز الاقتراع".

ورداً على سؤال يوم الإثنين حول خطوة "أوبك" المحتملة، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير أن تركيز إدارة بايدن ينصب على تأمين ما يكفي من الإمدادات في السوق. مضيفة: "بفضل جهودنا، شهدنا انخفاضاً حاداً في أسعار الطاقة بعد أن سجلت أعلى مستوياتها، ويدفع المستهلكون الأميركيون أقل بكثير مقابل البنزين في محطات الوقود. هذا ما سيكون محور تركيزنا".

تأتي أسعار البنزين على رأس أولويات الحكومة، وقد حذّر بايدن مرتين خلال الأسبوع الماضي شركات النفط من رفع الأسعار في محطات الوقود، وانتقد وزير الطاقة جينيفر غرانهولم علناً شركة "إكسون موبيل" (Exxon Mobil Corp) وغيرها من شركات النفط بسبب أرباحها القياسية زاعماً أنها تستغل المستهلكين.

وبصورة غير معلنة، التقى كبار مسؤولي بايدن مع مسؤولين تنفيذيين من بعض أكبر شركات النفط والتكرير في البلاد، بما في ذلك "فيليبس 66" (Phillips 66) و"شل" و"ماراثون بتروليوم" (Marathon Petroleum Corp)، في اجتماع عاصف حيث أشاروا إلى أنهم قد يضطرون الشركات إلى تخزين مزيد من الوقود إذا لم تتحرك طواعية، وطرحوا إمكانية فرض حدود على كميات التصدير.

ومن المقرر عقد اجتماعات إضافية مع الشركات هذا الأسبوع، وفقاً لشخص مطلع على الأمر، لكن المحللين يقولون إن الخيارات أمام إدارة بايدن محدودة فيما يتعلق بخفض أسعار البنزين بعد أن أمضت شهوراً طويلة في الضغط على شركات التكرير والمنتجين المحليين لزيادة الإنتاج.

وقد يؤدي فرض حظر على المنتجات المكررة مثل البنزين والديزل في نهاية المطاف إلى رفع الأسعار على الساحل الشرقي الذي يعتمد على الاستيراد مع معاقبة الحلفاء في أميركا اللاتينية وأوروبا.

السعي إلى خفض الأسعار

تستطيع الإدارة، التي طرحت فعلا كمية تاريخية من النفط الخام من احتياطي الطوارئ في البلاد بهدف تخفيض الأسعار، الاستفادة من هذه الموارد مرة أخرى. ومنذ مارس، باعت إدارة بايدن أكثر من 155 مليون برميل من النفط الخام من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي الأميركي، مع عقود لتسليم 10 ملايين برميل أخرى في 7 أكتوبر.

رغم أن الإدارة وضعت خططاً في الربيع تهدف إلى طرح ما يصل إلى مليون برميل من النفط يومياً لمدة ستّة أشهر -أو ما مجموعه 180 مليون برميل- فإن لديها مجالاً لمواصلة هذه الاستراتيجية، حيث لا يزال 416.4 مليون برميل من النفط الخام مخبأة في كهوف الملح تحت الأرض التي تشكل الاحتياطي. ومع ذلك، فإن قدرة الرئيس على ضخ خام النفط من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي في الحالات غير طارئة ليست بلا حدود. فالالتزامات الأميركية والدولية تشترط حدودا دنيا لكمية الاحتياطي بنحو 250 مليون برميل.

هناك سلاح آخر في صندوق أدوات الإدارة الأميركية هو مشروع قانون "لا تكتل لإنتاج وتصدير النفط" المعروف اختصاراً باسم "نوبك" (NOPEC) الذي من شأنه أن يسمح للحكومة الأميركية بمقاضاة أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بسبب التلاعب بسوق الطاقة، وربما السعي للحصول على تعويضات تُقدّر بمليارات الدولارات. وقال محللون إن تأييد البيت الأبيض لمشروع القانون المدعوم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الذي يعرّفه بعض المحللين بأنه الخيار "النووي" في ظروف غير مؤكدة، قد يؤدي إلى إقراره.

قال ديفيد غولدوين، رئيس شركة "غولدوين غلوبال ستراتيجيز" (Goldwyn Global Strategies)، لاستشارات الطاقة: "أعتقد أن الإدارة ستنتظر لترى مدى تأثير ذلك على الأسعار قبل الاستجابة"، محذراً: "لكن إذا رفعت (أوبك) أسعار النفط بينما تشهد أوروبا ارتفاعاً في الأسعار وتواجه الصين تحديات بسبب تفشي الجائحة، فإنهم يلعبون بالنار".