37 ولاية أميركية تتيح تسويق القنب لمن لديهم توصية من طبيب وأمراض تؤهلهم للحصول عليه
إذا حوّلت منتجاً غير مشروع إلى بضاعة تخضع لضرائب عالية ومعايير تنظيمية؛ ستحصل على تجربة نموذجية في مجال الأعمال. وإذا قمت بالتجربة مع مادة منشطة نفسياً خضعت لدراسات محدودة ولها مستقبل واعد في الاستخدام الطبي ومن المحتمل أيضاً أن تسبب الإدمان، ستحصل كذلك على تجربة في الصحة العامة.
هذا ما فعلته الولايات المتحدة مع نبات القنب، المعروف باسم الماريغوانا أو المخدرات أو الحشيش. سهّلت تغيرات في قوانين الدولة منذ 1996 حصول 74% من سكان الولايات المتحدة على أحد أشكال نبات القنب بشكل مشروع. يتخذ الرئيس جو بايدن الآن خطوات تجاه تقنين الماريغوانا على المستوى الفيدرالي.
من الصعب قياس ذلك، حيث ترصد كل ولاية البيانات بشكل مختلف، إن رصدتها أصلاً. تشير الأدلة الموجودة إلى أنه رغم إتاحة تقنين القنب لوظائف وتحقيقه إيرادات ضريبية، إلا أن تأثيراته الأكبر على المجتمع جاءت متباينة.
كانت التأثيرات على معدلات الجريمة والعدالة الاجتماعية إيجابية، وإن لم تكن بالكامل. يبدو أن بعض الأشخاص يستفيدون من سهولة الحصول على الماريغوانا، لكن هناك علامات أن سهولة الحصول عليها تُعرض المزيد من الأشخاص لخطر إدمانها وترفع من عدد حالات القيادة دون وعي كامل.
بعيداً عن تأثير النشوة التي تسببها للأشخاص، توجد أدلة قوية أنها تقلل الآلام المزمنة والتشنجات العضلية المرتبطة بمرض التصلب المتعدد والغثيان المرتبط بالعلاج الكيميائي، وفقاً لإحدى أكبر الدراسات، وهي تقرير صدر في 2017 وراجع أكثر من 10 آلاف ملخص لأبحاث علمية منذ 1999.
أجازت 37 ولاية أميركية تسويق القنب لمن لديهم توصية من طبيب وأمراض تؤهلهم للحصول عليه، ويختلف ذلك حسب الولاية القضائية. من بين هذه الولايات، تتيح 18 ولاية أيضاً لمن يبلغون من العمر 21 عاماً أو أكثر حيازته لأغراض ترفيهية، مع فرض قيود على الكميات والاستهلاك العام.
اقرأ أيضاً: المغرب يمنح أولى تراخيص صناعة القنب الهندي
أدّت قرارات التحرير هذه إلى ظهور الآلاف من المستوصفات المرخصة لبيع منتجات الحشيش. تشمل هذه المنتجات الزهرة، وهي برعم نبات القنب المجفف الذي يمكن تدخينه، والحشيش القابل للأكل، وهي الأطعمة الخفيفة والمشروبات المخلوطة بالماريغوانا، وعبوات ممتلئة بزيت القنب للتدخين الإلكتروني.
رغم أن الولايات المتحدة استمرت في تصنيف الماريغوانا على أنها غير قانونية، سلك المسؤولون في السنوات الأخيرة نهجاً متساهلاً نسبياً تجاه تطبيق هذا القانون. قال الرئيس بايدن في 6 أكتوبر إنه طلب مراجعة كيفية تعامل القانون الفيدرالي مع الماريغوانا، بما في ذلك ما إذا كان يجب تصنيفها كإحدى أكثر المخدرات خطورة، إلى جانب الهيروين. كما أضاف أنه سيعفو عن آلاف الأميركيين المدانين بتهم حيازة المخدرات.
قبل عِقد، كانت نصف الاعتقالات في جرائم المخدرات في الولايات المتحدة مرتبطة بالقنب، لذا ليس من المفاجئ تراجع هذه الاعتقالات. مع ذلك، فإن التوقع بأن تقضي السوق المرخصة للحشيش على التجارة غير المشروعة للماريغوانا ما تزال قيد إعادة التقييم، حيث تكافح المستوصفات المرخصة لمنافسة البائعين الأرخص سعراً في السوق السوداء.
في ولاية كولورادو، ارتفعت الجريمة المنظمة المرتبطة بالتجارة بالفعل من 31 حالة في 2012، وهو العام الذي أباحت فيه الولاية الاستخدام لأغراض ترفيهية، إلى 119 حالة في 2017، قبل أن تتراجع إلى 34 حالة في 2019.
اقرأ أيضاً: ارتفاع قياسي لاستهلاك الماريجوانا بين الشباب الأميركيين
نظراً لأن الاعتقالات التي شملت الأميركيين من أصول أفريقية حتى 2018 في الجرائم المرتبطة بالقنب بلغت قرابة 4 أضعاف تلك التي شملت البيض، رغم تشابه معدلات الاستخدام، طُرح القانون الذي يبيح القنب كحل لأوجه عدم المساواة التي نتجت عن ذلك، ومنها: التباين في فرض عقوبة الحبس، والأسر المشتتة، وسجلات الاعتقال التي تعيق الحياة المهنية. لكن الأمر لم يكن بهذه البساطة.
رغم انخفاض معدلات التوقيف في الجرائم المرتبطة بالماريغوانا بشكل عام، استمرت أوجه عدم المساواة بين الأجناس في قرارات التوقيف بسبب مخالفة قواعد الاستخدام القانوني للماريغوانا. وجدت دراسة في 2019 أن قبل وبعد تقنين الماريغوانا في العاصمة الأميركية واشنطن، ارتفع احتمال اعتقال البالغون من السود للحيازة غير المشروعة للقنب من 2.5 مرة إلى 5 مرات مقارنة بنظرائهم البيض.
بعد تقنينه في كولورادو، كان أكبر انخفاض في الاعتقالات من نصيب البيض، بنسبة تراجع بلغت 72% اعتباراً من 2019، مقابل 63% للسود و55% للأميركيين من أصول لاتينية. لدى 15 ولاية برامج تهدف إلى ضمان حصول أعضاء الأقليات على حصة عادلة من أرباح التجارة الجديدة.
لكن في دولة تبلغ نسبة السود فيها 13% من تعداد السكان، فهم يملكون أقل من 2% من شركات القنب، بحسب تقرير أصدرته "ماينوريتي كانابيس بيزنس أسوشييشن" (Minority Cannabis Business Association) في 2022. إحدى عقبات دخول هذا القطاع هي صعوبة الحصول على خدمات البنوك، التي يتجنب الكثير منها هذه الشركات طالما أن الحشيش غير قانوني على المستوى الفيدرالي.
حققت المبيعات أكثر من 11 مليار من الإيرادات الضريبية للولايات والمحليات بين 2014 و2021، بحسب معهد الضرائب والسياسة الاقتصادية. تتبع الكثير من البيانات الأخرى المتاحة لمنظمات داخل القطاع، لذا يجب التعامل معها ببعض الشك..
تتوقع شركة الأبحاث "نيو فرونتير داتا" (New Frontier Data) أن تقنين تجارة الحشيش في الولايات المتحدة سيحقق مبيعات تناهز 32 مليار دولار هذا العام. كما يُقدّر تقرير مشترك بين شركة "ليفي" (Leafy) المسؤولة عن سوق للتجارة الإلكترونية للماريغوانا، وشركة الاستشارات الصناعية "ويتني إكونوميكس" (Whitney Economics) أن الحشيش المباح قانوناً وفّر ما يعادل 428 ألف وظيفة بدوام كامل حتى يناير 2022.
قبل التغيرات القانونية، ساد اعتقاد أن وجود الماريغوانا المتوفرة بسهولة أكبر قد يرفع الاستخدام العرضي من خلال اجتذاب الفئة التي يثيرها فضول التعرّف على القنب. تظهر بيانات غير متوقعة أنها أيضاً شجعت ارتفاع أعداد من يتعاطون الماريغوانا بانتظام. شهدت الولايات المتحدة في 2019 ارتفاعاً كبيراً في نسبة الأشخاص فوق 26 عاماً الذين تعاطوا الماريغوانا خلال الشهر الماضي، بالإضافة إلى ارتفاع أعداد هؤلاء الذين استخدموها يومياً أو بشكل شبه يومي، وفقاً لمسح حكومي سنوي.
اقرأ أيضاً: تحديات متزايدة أمام حرب المخدرات في البحر
في كولورادو، أول ولاية تبيح الاستخدام لأغراض ترفيهية، بلغت نسبة من تعاطوا الحشيش يومياً بين 18 و25 عاماً 15%، وهي أعلى مرتين من المتوسط الوطني. وفقاً لتقرير مختلف، 48% ممن تعاطوا القنب في 2019 بكولورادو كانوا يستخدمونه على أساس يومي أو شبه يومي، ارتفاعاً من 44% في 2014. شهدت كندا، التي قننت الاستخدام لأغراض ترفيهية على مستوى الدولة في 2018، نتائج شبيهة.
بنهاية 2020، قال 20% من الأشخاص إنهم استخدموا الماريغوانا خلال الأشهر الثلاثة السابقة، مقابل 14% في بداية 2018. كما ارتفع أيضاً الاستهلاك اليومي أو شبه اليومي.
من الصعب الربط بين الاثنين، لكن هناك دلالات على ذلك.
افترض أنصار التقنين أن الحشيش المباح قانوناً قد يجعل الطرق أكثر أماناً، لأن الناس سيستخدمونه عوضاً عن المشروبات الكحولية، التي يدّعون أنها تعيق القيادة أكثر. من الصعب رسم صورة واضحة لما حدث فعلاً، نظراً لعدم وجود قانون موحد على مستوى الدولة للقيادة تحت تأثير المخدرات، ولا أي طريقة اختبار له مقبولة على نطاق واسع لها.
رغم ذلك، تشير الأدلة حتى الآن إلى أن المؤيدين متفائلون. تُظهِر الأدلة أن التقنين أدى إلى مزج مزيد من الأشخاص في الولايات المتحدة للقنب مع الكحول والمواد الأخرى. وفي 2019 بكندا، وهو العام الذي تلا التقنين، ارتفع عدد حالات القيادة تحت تأثير المخدرات 43%، مقارنة بالعام الذي سبقه، وارتفع معدل القيادة دون وعي كامل بشكل عام إلى 19%. أدى ذلك إلى توقف اتجاه هبوطي لهذه النسبة بدأ في 2011.