تخزين الطاقة يهدئ المخاوف من نقص الإمدادات في فصل الشتاء

أعمال الأنابيب في منشأة باد لوخشتادت لتخزين الغاز، ألمانيا
أعمال الأنابيب في منشأة باد لوخشتادت لتخزين الغاز، ألمانيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تشير الجهود الرامية إلى تخزين الوقود أن أوروبا وآسيا تقتربان من فصل الشتاء بمستوى صحي من المخزون، بسبب سعي الحكومات إلى مواجهة النقص الحادّ في الإمدادات الروسية.

امتلأت مواقع تخزين الغاز الطبيعي في أوروبا بنسبة 92% تقريباً، وتُعتبر هذه النسبة أعلى من متوسط خمس سنوات البالغ 87.6%. وسجل مخزون ألمانيا 95%، وهو المستوى الذي كانت تهدف للوصول إليه بحلول مطلع نوفمبر. وهو نفس الوضع في آسيا. ففي اليابان، ارتفعت مخزونات الغاز الطبيعي المسال التي تحتفظ بها محطات توليد الطاقة الكهربائية في البلاد إلى مستوى أعلى من المتوسط.

ارتفاع الاحتياطيات يغذي التفاؤل بأن أوروبا ربما تستطيع تجنب أزمة نقص الطاقة أو تقنين الاستهلاك، مع تراجع أسعار الغاز الطبيعي إلى أدنى مستوى لها منذ يونيو. حيث تمرّ المنطقة بأسوأ أزمة طاقة تشهدها منذ 50 عاماً مع خفض روسيا توصيل الإمدادات ردًّا على العقوبات المفروضة عليها إثر غزوها لأوكرانيا.

بريطانيا تسعى لتأمين الغاز المسال الأميركي قبل تفاقم أزمة الطاقة في الشتاء

تأمين المخزونات

"أدت المخاوف المتعلقة بأمن الطاقة إلى سعي الحكومات إلى بناء مخزونات قبل فصل الشتاء القادم في نصف الكرة الشمالي" وفق تصريحات وارن باترسون، رئيس استراتيجية السلع الأساسية في شركة " آي إن جي غروب" (ING Groep NV) في سنغافورة، الذي أشار إلى أنّ سعي الحكومات يبدو جلياً في أوروبا، حيث تجاوزت معدلات تخزين الغاز الأهداف الأولية بمستوياتٍ كبيرة.

مع امتلاء مواقع تخزين الغاز في أوروبا، يقوم تجار الطاقة أيضاً بتخزين الغاز الطبيعي المسال على متن السفن، حيث تمّ تخزين حوالي 2.6 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال قبالة سواحل أوروبا وآسيا في وقتٍ سابق من هذا الشهر، وفقاً لشركة معلومات الطاقة "كبلر"(Kpler). ويُعتبر هذا المعدّل الأعلى من أي وقت مضى.

وقد ساعدت هذه الجهود في تراجع العقود الآجلة للغاز الطبيعي، حيث انخفضت الأسعار المعيارية في أوروبا بنسبة 12% يوم الثلاثاء وحده لتغلق عند 113.22 يورو لكل ميغاوات ساعة. أو إلى ثلث الرقم القياسي الذي سجلته في أغسطس من هذا العام.

أمّا في آسيا، فيضعف الطلب على زيت الوقود، وهو أحد مشتقات البترول، فقد تراجعت واردات زيت الوقود في اليابان وكوريا الجنوبية وباكستان وسريلانكا وبنغلاديش بأكثر من 50% الشهر الماضي مقارنةً بشهر أغسطس، وكانت أقلّ بأكثر من 40% عن العام السابق، وفقاً لبيانات من شركة "فورتكسا" (Vortexa Ltd) لتتبع حركة السفن. وجاء ذلك عقب موجة من إعادة التخزين في أغسطس عندما ارتفعت أسعار الغاز.

من جهته أشار روزلان خصاونة، كبير محلّلي قسم زيت الوقود في "فورتكسا"، إلى "وجود بعض العلامات التي تُشير إلى زيادة كبيرة في الطّلب الآسيوي على زيت الوقود لتوليد الطاقة".

لأول مرة في تاريخها.. الحكومة اليابانية تتدخل لشراء الغاز تجنباً لأزمة الطاقة

شتاء أشد قسوة

من المؤكّد أن أسعار الطاقة لا تزال عند أعلى مستوياتها وسط استمرار حرب موسكو ضدّ كييف، ما أدّى إلى قلب حركة التجارة رأساً على عقب وتعطيل إمدادات المواد الخام. كما أنّها ترتفع بسبب الأزمة في سوق الشحن مع فرض العقوبات الصارمة ضدّ روسيا.

وقد يؤدّي كلٌّ من فشل الدّول الأوروبية في خفض استهلاكها من الطاقة واقتراب فصل الشتاء الأكثر برودة من المعتاد إلى نفاد الخزانات بسرعة، ما يجعل من الصعب إعادة ملئها خلال العام المقبل، خاصة مع تراجع إمدادات الغاز الروسي.

وقال باترسون من "آي.إن.جي": "قد يكون هناك عنصر تشعر من خلاله السوق بالرضا"، مشيراً إلى أن موسم ذروة التدفئة لم يحن بعد. لكن الأمر الأكثر إثارةً للقلق بالنسبة لأوروبا هو قدوم شتاء 2023 و2024، الذي يبدو أنّه سيكون أشد قسوة. وهذا يعني أن أسعار الغاز والغاز الطبيعي المسال والفحم من المرجح أن تواصل ارتفاعها حتى معظم عام 2023".

ومع ذلك، تُشير بعض توقّعات الطقس إلى قدوم شتاء أكثر دفئاً من المعتاد إلى أوروبا وأجزاء من آسيا بما في ذلك اليابان، الأمر الذي من شأنه أن يحدّ من الطلب المتفاقم على الطاقة خلال موسم ذروة التدفئة.

"شهدت الأشهر القليلة الماضية أكبر جهد عالمي لتخزين مواد الطاقة منذ سنوات، ما ساعد في تخزين الإمدادات الحالية"، بحسب جيمس ويسلر، العضو المنتدب لشركة "فانير غلوبال ماركتس" (Vanir Global Markets)، في سنغافورة. الذي أشار إلى أنّ درجات الحرارة معتدلة حالياً في جميع أنحاء أوروبا واليابان والصين وكوريا، ما يدفع الطلب على الكهرباء إلى أدنى مستوياته الموسمية.

غاز طبيعي