الحملات التنظيمية تفتح شهية المستثمرين مجدداً على العملات المشفرة

استطلاع: 60% من المشاركين يعتبرون الإجراءات القانونية إشارة إيجابية للقطاع

أحد الحضور أمام شعارات لعدد من العملات المشفرة خلال قمة "كريبتوكومبير ديجيتال أسيت"، التي عُقدت في مدينة بيلينغزغيت" مارس الماضي، في لندن، المملكة المتحدة
أحد الحضور أمام شعارات لعدد من العملات المشفرة خلال قمة "كريبتوكومبير ديجيتال أسيت"، التي عُقدت في مدينة بيلينغزغيت" مارس الماضي، في لندن، المملكة المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أثبتت الحملة التي شنّتها لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية وغيرها من الجهات الرقابية التي أجرت تحقيقات بشأن شركات العملات المشفرة الأكثر تسبباً في الاضطرابات بالسوق، أنها كانت تحمل ميزة بالنسبة إلى القطاع. وقال مشاركون في السوق إنهم من المرجّح أن يستثمروا في هذا المجال بعد إجراءات أكبر لتطبيق القانون.

أشار ما يقرب من 60% من المشاركين في استطلاع "إم إل آي في بالس" (MLIV Pulse) الأخير، البالغ عددهم 564 شخصاً، إلى أنهم ينظرون إلى الموجة الأخيرة من الإجراءات القانونية في مجال العملات المشفرة باعتبارها إشارة إيجابية لفئة الأصول، التي تبدّدت تقلباتها في الأشهُر الأخيرة.

وتشمل التدخلات الرئيسية إجراء تحقيقات من الجهات التنظيمية الأميركية لشركتَي التشفير المفلستين "ثري أروز كابيتال" (Three Arrows Capital) و"سلزيوس نتوورك" (Celsius Network)، بالإضافة إلى تحقيق لجنة الأوراق المالية والبورصات في ملف "يوغا لابس" (Yuga Labs)، وهي الشركة المبتكرة لمجموعة "بورد إيب" (Bored Ape) للرموز غير القابلة للاستبدال، أو المعروفة اختصاراً باسم "إن إف تي إس" (NFTs).

"سلزيوس" لإقراض العملات المشفرة تطلب الحماية من الإفلاس بعد أزمة السيولة

استثمار احترافي

قال كريس غافني، رئيس الأسواق العالمية في بنك "تي آي إيه إيه" (TIAA): "أنا في معسكر المؤيدين.. بصفتك مستثمراً محترفاً فأنت بحاجة إلى فرصة استثمارية منظمة، وإذا كانت أكثر تنظيماً فهي تفتح الأبواب أمام مزيد من المستثمرين المحترفين للانخراط في مجال العملات المشفرة. وكلما تمكنوا من إخراج العملات المشفرة من النطاق الفوضوي إلى الاستثمار التقليدي، كان ذلك أفضل".

يمتدّ الشعور العام نفسه إلى "بتكوين"، إذ ساد تفاؤل أكبر قليلاً لدى معظم المستثمرين بشأن العملة المشفرة مما كانوا عليه عندما سُئلوا في استطلاع يوليو الماضي. يتوقع ما يقرب من نصف المشاركين في الاستطلاع أن تستمر أكبر عملة مشفرة في العالم من حيث القيمة السوقية في التداول بين 17,600 دولار و25 ألف دولار حتى نهاية هذا العام، وهو خروج عن التوقعات السلبية لهذا الصيف، عندما رجّح معظمهم أن تنخفض العملة أولاً إلى 10 آلاف دولار بدلاً من الصعود إلى 30 ألف دولار. وكان لدى المشاركين هذه المرة قائمة خيارات أوسع مما كانت عليه في الاستطلاع السابق.

قالت ماري كاثرين-لادر، مديرة العمليات في "يونيسواب لابس" (Uniswap Labs)، في مقابلة تليفزيونية مع "بلومبرغ": "أدرك مستثمرونا وكذلك السوق أن البروتوكولات اللامركزية لها مزايا فريدة لا تفيد أسواق العملات المشفرة فحسب، بل تفيد أيضاً الأسواق التقليدية على نطاق أوسع".

بينما هوى سعر "بتكوين" بنحو 60% هذا العام، ظل السعر عالقاً بين 18,171 دولاراً و25,203 دولارات منذ إجراء الاستطلاع السابق، ولا يزال غير قادر على الخروج من هذا النطاق. وتراجعت التقلبات أيضاً إلى حد كبير مع انخفاض مؤشر تقلب "بتكوين تي3" (T3 Bitcoin) بنسبة 33% منذ أن وصلت العملة المشفرة إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 69 ألف دولار تقريباً في 10 نوفمبر.

طالع أيضاً: سوق العملات المشفرة تتلقى ضربة في الصميم بخسارة تريليوني دولار

صلة وثيقة

تحتفظ "بتكوين" بصلة وثيقة بالأصول التي تنطوي على مخاطر، وكذلك مؤشر "إس أند بي 500" منذ مارس الماضي، وبالكاد غيّرت العملة المشفرة مركزها في الأشهُر الثلاثة الماضية، إذ تخلّص المستثمرون منها بالوسيلة نفسها، شأنها شأن أي شيء آخر في بيئة تشهد ارتفاعاً بأسعار الفائدة. يرى نحو 42% من المشاركين في الاستطلاع أن ارتباط العملة المشفرة بأسهم التكنولوجيا سيبقى دون تغيير خلال الأشهُر الـ12 القادمة، فيما قال 43% فقط إنهم سيزيدون انكشافهم على الأصول الرقمية خلال الفترة نفسها.

كان العام الجاري منقسماً إلى نصفين بالنسبة إلى العملات المشفرة في عام 2022، إذ هيمنت الفوضى على النصف الأول من العام، وكانت هناك حالات إفلاس، مثل شركة "فوييجر ديجيتال" (.Voyager Digital Ltd)، ومحو 40 مليار دولار من نظام "بلوكتشين" لعملة "تيرا"، وخسارة نحو تريليوني دولار من القيمة الإجمالية للقطاع في أواخر عام 2021. وفي يونيو الماضي بدأت الأمور تتحوّل مع بدء العملة المشفرة في الاستقرار إلى مستواها الحالي محدد النطاق، إذ توترت بيئة الاقتصاد الكلي الأوسع وتحول المتداولون إلى أصول أكثر تقليدية مثل السندات والعملات الأجنبية من أجل جني الأرباح.

قالت كاتي ستوكتون، الشريك الإداري في "فيرليد استراتيجيز" (Fairlead Strategies)، إنّ التقلبات المنخفضة "من المرجح أن تكون مرتبطة بحالة التردد".

في سبتمبر الماضي، استكملت شبكة "إيثيريوم" ترقية كبيرة للشبكة تُعرف باسم "الدمج" (Merge)، الذي سيساهم وفقاً لأحد التقديرات في تقليص استهلاك طاقة "بلوكتشين" بنحو 99%. ومع ذلك قال نحو ثلث المستثمرين فقط إنهم يعتقدون أن ما يسمى بـ"التقليب" (Flippening)، الذي يشير إلى تفوق القيمة السوقية لعملة "إيثر" على نظيرتها "بتكوين"، يمكن أن يحدث خلال العامين المقبلين، وهو رقم راكد إلى حد كبير منذ يوليو.

اقرأ أيضاً: ترقية نظام "إيثيريوم" أمل جديد لعملات مشفرة صديقة للبيئة

انقسام

أظهر المشاركون في الاستطلاع أيضاً مجموعة واسعة جداً من الآراء حول العملات المشفرة، التي تشير إلى أنه على الرغم من شعور العار النسبي بين المتداولين في القطاع، فإنه لا يزال موضوعاً مثيراً للانقسام. عندما طُلب من المشاركين في الاستطلاع اختيار كلمة واحدة تصف هذا المجال، انقسمت الإجابتان الأكثر شيوعاً بالتساوي تقريباً بين "بونزي" و"المستقبل".

قالت فيكتوريا غرين، من "جي سكويرد برايفت ويلث" (G Squared Private Wealth): "الأمر يشبه العقيدة تقريباً، إذا كنت تؤمن بها فستؤمن دائماً بغضّ النظر عن السعر أو الرياح المعاكسة".

أضافت: "الانقسام بين الازدهار والانهيار يصف بشكل مثاليّ التشفير والنطاق الواسع من النتائج المحتملة. وهناك كثير من الأشياء المجهولة، بما في ذلك القوانين والمنصات، بالإضافة إلى ماهية واقعها والغرض التي تُستخدم من أجله. لذا، إذا كنت مؤمناً حقاً فأنت تجيب بأنه المستقبل. والأشخاص الذين لديهم وجهة نظر تقليدية قد يقولون إنها بونزي".