إنها أموال ترمب وليست علامته التجارية التي ينبغي أن تقلقه

الرئيس الأمريكي دونالد ترمب
الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المصدر: بلومبرغ
Timothy L. O'Brien
Timothy L. O'Brien

Timothy L. O'Brien is a senior columnist for Bloomberg Opinion.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ستتعرَّض "منظمة ترمب"التي تحمل اسمه لضغوط مالية بعد مغادرة الرئيس الحالي للولايات المتحدة منصبه الأسبوع المقبل، ولكنني أشك في أنَّ معظم تحديات الشركة لن تشمل "العلامة التجارية" لترمب التي أثارت الكثير من التكهنات.

فبعد كل شيء، ما الذي تمثِّله علامة ترمب التجارية؟ وكيف كانت قيمتها حقاً حتى قبل أن يُنفّر الرئيس نصف البلاد، وملايين لا حصر لها في الخارج، فضلاً عن فشله في الاستجابة على المستوى الفيدرالي لوباء كورونا القاتل، والتسبب في عزل نفسه للمرة الثانية من خلال إقناع تحالف من الحمقى، والبلطجية، والفوقيين البيض لفرض حصار على مبنى الكابيتول؟

سلسلة من الأعمال الفاشلة

هناك قائمة طويلة من منتجات علامة ترمب التجارية التي فشلت في الانطلاق. هل تذكرون نظارات "دونالد جيه ترمب"، أو إضاءات "دونالد ترامب ريجنسي كوليكشن"، أو "سيليكت باي ترمب" للقهوة، أو عطر "ساكسيس باي ترمب" ، أو مراتب وأثاث "ترمب هوم"، أو المياه المعبأة في زجاجات "ترمب آيس"، أو شرائح الستيك من "ترمب ستيكس"، أو "ترمب: ذا غيم" (Trump: The Game)، أو "ترمب فودكا"، أو الملابس الداخلية، وربطات العنق، والقمصان، والبدلات من "دونالد جيه ترمب سيغناتشير كوليكشن"؟ هل تتذكَّرون الاختبار المنزلي للبول "بريفا تيست" (PrivaTest) الذي أطلقه ترمب؟

ربما تتذكَّرون جامعة ترمب (Trump University) التي تعدُّ أكبر عملية احتيال تعليمي عبر الإنترنت، أو "ترمب نتوورك"، وهو برنامج التسويق المتعدد المستويات، و"مؤسسة ترمب" (Trump Foundation) التي تعدُّ عملية احتيال خيرية. قد تتذكرون هذه الشركات الثلاث فقط، لأنَّها تصدَّرت عناوين الصحف بسبب مخالفاتها. كما سيخبرك أي شخص في كلية إدارة الأعمال أو السجن، فإنَّ عمليات الاحتيال ليست أدوات جيدة لبناء العلامات التجارية. لقد ثرثر ترمب أيضاً أنَّه مورِّد الرفاهية للمشترين الأكثر تميزاً وثراءً، ولكنَّ الكثير من الأشياء المحطمة التي باعها كانت بالتأكيد موجَّهة للسوق المتوسط، أو تضمَّنت حزماً عقارية للوصوليين.

واختفت الكازينوهات التي تحمل علامة ترمب التجارية في مدينة أتلانتيك منذ فترة طويلة بسبب سوء الإدارة، وحالات الإفلاس. ولايزال يوجد فندق واحد من علامة ترمب التجارية في لاس فيغاس، ولكنَّه يدار بواسطة شريطه في الملكية. كما تعثَّرت بعض أبرز الفنادق، وملاعب الغولف التي تحمل علامة ترمب التجارية في الولايات المتحدة وخارجها حتى قبل اندلاع الوباء، لأنَّها لم تتمكن من الأداء بشكل جيد على الرغم من إبرازها لذلك الاسم في المقدمة في حروف بحجم مدينة الملاهي.

ويسيطر ترمب بشكل مباشر على معظم الفنادق وملاعب الغولف، في حين كانت بعض الأعمال الأخرى التي توقَّفت أو اختفت مملوكة لشخص آخر دفع لترمب رسوم لقاء الحصول على ترخيص باسمه، أو قام بها شخص آخر لوضع اسم ترمب على المنتج. إلا أنَّ هذه الرسوم والحيل لم تشكل أبداً جزءاً كبيراً من ثروة ترمب، فلم تكن مناجم ذهب بالرغم من أنَّها كانت جيدة للظهور والتسويق.

حكاية ترمب مع العقارات والغولف

وتعدُّ جدوى الفنادق وملاعب الغولف أكبر من الناحية المالية، ولكنَّها ليست أكبر مصادر ثروته أيضاً. وهنا تكمن الحكاية.

لقد بلغت قيمة ممتلكات ترمب التي نشأت في البداية من الثروة والصلات التي ورثها عن والده، حوالي 3.2مليار دولار، وفقاً لبلومبرغ نيوز، وتمثِّل خمسة عقارات فقط، وهي عبارة عن مبانٍ تجارية أو سكنية، حوالي 1.9مليار دولار، أو 60% من هذا المبلغ. وتقع أربعة من تلك العقارات في مانهاتن، وتشمل "ترمب تاور"، وكذلك رقم 40 في شارع "وول ستريت"، و رقم 502 في شارع "بارك أفينيو"، في حين يقع العقار رقم 6 إي في شارع 57، وهو عبارة عن مساحة مجوَّفة كانت مقراً لـ"نايكي تاون" (NikeTown) قبل أن تتركها منذ ثلاث سنوات، وكان عقد الإيجار على وشك التجديد في عام 2022. فهل تعرف شخصاً يريد استئجار مساحة ضخمة مبنية من الطوب والإسمنت ومخصصة للبيع بالتجزئة، حتى بعد انتهاء الوباء، وبغض النظر عن الاسم الموجود عليها ناهيك عن اسم غودزيلا؟

وتعدُّ العقارات في المناطق الحضرية، التي تأثَّرت بشكل كبير بوباء كورونا، جوهر ثروة ترمب. وقد سبق لها أن حققت بعضاً من أكثر مصادر دخله ربحاً، ولكنَّه كالعادة أثقل ممتلكاته بالكثير من الديون.

هل يفلس ترمب؟

وتقدَّر "فوربس" مديونية ترمب الإجمالية بحوالي 1.1 مليار دولار، وحوالي 900 مليون دولار مستحقة على مدار السنوات الأربع المقبلة، وتشمل هذا العام، في حين قالت صحيفة نيويورك تايمز، إنَّ ترمب ضَمن شخصياً حوالي 421 مليون دولار من هذا الدين.

لم يفلس ترمب، كما تكهن بعضهم في الشهور الأخيرة، إلا أنَّه قد ينتهي به الأمر في ضغوط مالية سيئة للغاية. فإذا لم تدر ممتلكاته ما يكفي من المال لسداد الدين، فسيتعين عليه بيع شيء ما، وقد يضطر إلى بيع عقاراته الاساسية بأسعار زهيدة للغاية، قد تترك له أقل مما كان يمكن أن يحصل عليه عند بيعها قبل عام، أو إذا كان قد قام بتصفية أعماله بشكل صحيح قبل أن يصبح رئيساً في عام 2017. وإذا استمرت معاناة الاقتصاد في الشهور المقبلة، فستقع تقييمات كل شيء يمتلكه ترمب تحت الاختبار.

تعدُّ حصص الأقلية التي يملكها ترمب في مبانٍ بسان فرانسيسكو ونيويورك اثنتين من أكثر ممتلكاته قيمة، فربما تبلغ قيمتهما حوالي 685 مليون دولار. وحصل ترمب على حصص في البنايتين،التي تسيطر عليهما شركة "فورنادو رياليتي تراست"، من خلال سلسلة من ضربات الحظ. وإذا احتاج ترمب إلى جمع الأموال عن طريق بيعها، سيتعين عليه الاعتماد على ستيفن روث، مؤسس "فورنادو"، لعقد صفقة. وعلى عكس ترمب، يعدُّ روث مالكاً رئيسياً لعقارات بنيويورك، وكثيراً ما نظر العديد من أبرز أعضاء المجتمع العقاري في نيويورك إلى الرئيس بريبة منذ فترة طويلة، في حين

لا يتضح حتى الآن، إن كان روث يريد ملاعبته.

عالم الأعمال يدير ظهره لترمب

استفادت ملاعب غولف ومنتجعات ترمب، التي تبلغ قيمتها حوالي 430 مليون دولار من رئاسته؛ لأنَّه أدار الأعمال الحكومية من هناك، كما أنَّ جعل منصبه نقطة جذب للباعة المتجولين ذوي النفوذ. إلا أنَّ تلك الملاعب والمنتجعات لا تزال تعاني من المشاكل، ومنها وباء كورونا. وبالفعل بدأت شعبية لعبة الغولف ونموها في الاستقرار عندما دخل ترمب قطاع الأعمال الخاص بها، لكنَّ مقتنياته البارزة في الغولف، مثل ملعبه في دورال بفلوريدا، قد تلاشت وهذه ليست مشاكل متعلِّقة بالعلامات التجارية في حدِّ ذاتها، بل بالإخفاقات الاستراتيجية والمالية.

وزادت مجهودات ترمب لتدبير انقلاب سياسي، والانتفاضة التي أثارها من الأمور تعقيداً؛ إذ يدير عالم الأعمال الأوسع ظهره له، بل ويتخلى عنه حلفاؤه الموثوق بهم مثل رابطة لاعبي الغولف المحترفين الأمريكية، و"دويتشه بنك".

وربما قد يضر تبدُّل وجه رابطة لاعبي الغولف المحترفين الأمريكية بكبرياء ترمب أكثر من محفظته، إلا أنَّ ابتعاد "دويتشه بنك" عنه يعدُّ فصلاً مختلفاً تماماً؛ إذ يحتاج رجال العقارات إلى البنوك لتمويل صفقاته. لقد قطعت البنوك الكبرى علاقاتها مع ترمب منذ فترة طويلة بعد تعثُّره في دفع القروض التي حصل عليها منهم مليارات الدولارات، فيما عدا "دويتشه بنك" الذي أجبر على الالتصاق بترمب من خلال الفضيحة، والإخفاقات، والتقاضي، وسيكلِّفه ذلك وداع البنك.

كما قطعت مدينة نيويورك علاقاتها مع ترمب أيضاً، مما أدى إلى وقف بعض العمليات الأقل إبهاراً نسبياً، التي يديرها بمبلغ 17 مليون دولار سنوياً. ولا يحب الكثيرون في نيويورك ترمب وعلامته التجارية بشدة، وهو حالياً مقيم في فلوريدا، ولكنَّه ولد هناك. وربما يضر هذا الشعور بكبريائه حتى إن لم يضر ذلك بحسابه المصرفي بقدر ما أضرَّته عقاراته المضطربة.

وهناك شخصان آخران لا يهتمان بعلامة ترمب التجارية، وهما المدعي العام لولاية نيويورك، ومحامي منطقة مانهاتن، فكلاهما يحقق مع ترمب وأبنائه وأعماله في احتمالية الاحتيال المالي والضريبي، والمحاسبي. وستصبح هذه التهديدات الوجودية أكثر إلحاحاً عندما يفقد ترمب الحماية القانونية والمؤسسية للبيت الأبيض.

الحقل الأخير

وتعدُّ السياسة من الأسواق التي تظل فيها علامة ترمب التجارية صانعة أموال فعلية،. فمنذ يوم الانتخابات، اكتشف ترمب أنَّه يستطيع تسييل الأكاذيب حول تزوير الانتخابات من خلال مطالبة مؤيديه بالمساهمة في "صندوق الدفاع عن الانتخابات"، ولقد جمع ما لا يقل عن 207 ملايين دولار قبل التوقُّف عن هذا المجهود. ومن المؤكَّد أنَّه سيعيد هذا مرة أخرى. كما يعدُّ إشعال الخدع طويلاً صفة لعلامته التجارية التي تدفع له أكثر مما تدفعه المراتب، وشرائح اللحم.