المركبات الكهربائية تقود نموّ سوق السيارات عالمياً

سيارات كهربائية
سيارات كهربائية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

شهدت مبيعات السيارات على مستوى العالم تراجعًا كبيرًا في النصف الأول من هذا العام، إذ أبعد الوباء المشترين عن صالات عرض السيارات. هذه السوق، التي بلغت ذروتها منذ عدة سنوات، انخفضت إلى مستويات غير مسبوقة، لم تشهدها حتى خلال الأزمة المالية منذ أكثر من عشر سنوات.

ضمن سوق السيارات العالمية عمومًا توجد فئة محركات الاحتراق الداخلي وفئة المحركات الكهربائية، وحتى ضمن سوق المركبات الكهربائية وحدها توجد ثلاث أسواق إقليمية رئيسية على مستوى العالم، كل منها تتبع مسارها الخاص.

وإذا نظرنا إلى السوق على صعيد الأرقام العالمية فإنّ مبيعات السيارات ربع السنوية بلغت ذروتها نهاية عام 2016 عند 22.7 مليون سيارة. وبالمقارنة فإنّ مبيعات السيارات بلغت في الربع الماضي 14.4 مليون سيارة، ولم تصل بذلك إلى ثلثَي ما كانت عليه عند أعلى مستوياتها.

تراجع المبيعات يتخطى مرحلة الأزمة المالية

ومقارنةً بالأزمة المالية العالمية، انخفضت مبيعات السيارات هذا العام على أساس سنويّ، بشكل أكبر وأسرع من انخفاض المبيعات خلال الأزمة المالية العالمية. ففي الربع الرابع من عام 2008 انخفضت المبيعات بنسبة 21.1% عن عام 2007، فيما تراجعت المبيعات في الربع الأول من عام 2020 بنسبة 25.3%، واستمرّ هذا التراجع في الربع الثاني.

ورغم تعافي مبيعات المركبات في بعض الأسواق الرئيسية، فإنها لم تعُد بعدُ إلى مستويات العام الماضي، إذ بلغت المبيعات في الولايات المتحدة خلال سبتمبر الماضي 15.2 مليون سيارة، محققة ارتفاعًا من عدد 8.6 مليون في أبريل، لكنها مع ذلك لا تزال أقلّ من مبيعات أغسطس في 2019 التي بلغت 16.8 مليون سيارة.

وبالانتقال إلى سوق السيارات الكهربائية، أو بالأحرى الأسواق الثلاث الرئيسية للمركبات الكهربائية، التي هي الصين وأوروبا وأمريكا الشمالية، فهذه الأسواق مجتمعة لا تزال تمثل فقط 4.8 في المئة من إجماليّ مبيعات المركبات.

ومع الانخفاض الحادّ في مبيعات السيارات عمومًا، أصبح بالإمكان تتبُّع أداء سوق السيارات الكهربائية نسبيًّا في سوق المركبات العالمية، إذ انخفضت مبيعات السيارات الكهربائية بشكل عامّ أيضًا في الربعين الأول والثاني من 2020، إلّا أنّ نسبة انخفاض المبيعات هذه بلغت 15% فقط، وهو ما يُعتبر أداءً أفضل من بقية أسواق المركبات عمومًا.

ومع انخفاض مبيعات السيارات بشكل عامّ في أمريكا الشمالية، يُلاحَظ انخفاض مبيعات السيارات الكهربائية بشكل أكبر من سيارات الاحتراق الداخلي. وفي الصين، ارتفعت مبيعات سيارات الاحتراق الداخلي بعض الشيء في الربع الثاني، فيما انخفضت مبيعات السيارات الكهربائية بشكل كبير.

وفي أوروبا، تختلف النتيجة بشكل جذريّ، أو في أسواقها الست عشرة الرئيسية على الأقل، باستثناء مولدوفا وليشتنشتاين وبعض الدول الأخرى، إذ شهدت القارّة أكبر انخفاض في مبيعات مركبات محركات الاحتراق (انخفضت بنسبة 56% تقريبًا عن العام السابق)، وكذلك زيادة هائلة في مبيعات السيارات الكهربائية (أكثر من 45%).

خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون

ويقول زملائي في "بلومبرغ NEF" إنّ نتيجة مبيعات أوروبا فاقت توقعاتهم، والأهمّ من ذلك ما ينوّهون به من أنّ عدة عوامل، من بينها برامج التحفيز الحكومية، وإطلاق الطرازات الحديثة من المركبات الكهربائية، وضغط صانعي السيارات لتحقيق أهداف خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الخاصة بهم، لا بد أنها جميعًا تحافظ على نموّ هذه السوق. وكل هذا يدفع للتوقع بنموّ سوق السيارات الكهربائية في 2020 مقارنة بالعام الماضي.

وخلال الشهور الماضية، عندما نشرت "بلومبرغ NEF" توقعاتها لسوق المركبات الكهربائية طويلة الأجل كانت النتائج مختلفًة تمامًا عمّا لدينا الآن، إذ توقعت حينها انخفاضًا في مبيعات السيارات الكهربائية بنسبة 18% هذا العام عن 2019. ويشير استمرار زيادة مبيعات السيارات الكهربائية في فترة ما بعد ذروة السوق العالمية للسيارات إلى نموّ سوق السيارات الكهربائية مستقبلًا مع زيادة حصتها في السوق.

من منظور الأعمال التجارية، وبالنظر إلى أسواق السيارات العديدة في العالم، تبرز ضمن أسواق السيارات الكهربائية الرئيسية اتجاهات التفضيلات بين أنواعها المختلفة، وهي حقيقة يجب أن تأخذها الشركات المُصنِّعة التي تحاول الاستفادة من هذا الاتجاه العالمي بعين الاعتبار.

وتتجه أوروبا إلى أنواع من السيارات الكهربائية أقرب إلى السيارات اليابانية الصغيرة من حيث الطراز، أكثر من سيارات الدفع الرباعي الكبيرة الأمريكية، فيما في الصين يدفع التحفيز الحكومي والسياسات الرامية نحو زيادة إنتاج وتصنيع السيارات الكهربائية مبيعاتها إلى درجة لم نشهدها في أي مكان آخر، ما يعني أنّ أرقام المبيعات هذه يمكن أن تتغير وفقًا لرغبات بكين.

وانتقالًا إلى الهند وجنوب شرقي آسيا فإنّ المبيعات تتوجه نحو السيارات الكهربائية، فيما يدفع انخفاض الإقبال على مركبات العجلات الثنائية والثلاثية في المنطقة إلى حدوث انخفاض بالاستهلاك هناك بمقدار 600 ألف برميل يوميًّا، وهو ما يؤثر أيضًا في الطلب العالمي للنفط.

وقد تكون التفاصيل معقدة، إلا أنّ الرسالة الإجمالية لمبيعات السيارات واضحة وبسيطة، وهي: السيارات الكهربائية ستقود النموّ العالمي لسوق السيارات في السنوات المقبلة.