الدراجات الكهربائية بأفريقيا تبشر بمستقبل بلا كربون

تعمل شركة آمبر ساند للدراجات النارية الكهربائية في رواندا ولديها قائمة انتظار تضم حوالي 7 آلاف سائق.
تعمل شركة آمبر ساند للدراجات النارية الكهربائية في رواندا ولديها قائمة انتظار تضم حوالي 7 آلاف سائق. المصدر: شركة آمبر ساند
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عندما قال رئيس رواندا في أغسطس 2020 إنه يريد أن تصبح كافة الدرَّاجات النَّارية في البلاد كهربائية بأسرع وقتٍ ممكن، خرجت قائمة انتظار شركة "آمبر ساند" (Ampersand) عن السيطرة. فهناك 7 آلاف سائقٍ ينتظرون في الصف للحصول على درَّاجات من شركة الدراجات النارية الكهربائية الأولى في البلاد. ولكن، تكمن المشكلة في أنها باستطاعتها تسليم 40 درَّاجة فقط بنهاية مارس 2021.

وبالنسبة لجوش وايل، المدير التنفيذي لـ"آمبر ساند"، يُظهر الطلب أنَّ سكان أفريقيا غير راضين عن الدراجات المستعملة التي تباع فيها بعد استيرادها من البلدان الغنية. حيث يتحرَّقُ الناسُ شوقاً للحصول على التكنولوجيا الأكثر فعالية للبلاد.

وقال وايل: "تخطت البلدان هنا خطوط الهواتف الأرضية وانتقلوا مباشرةً إلى الهواتف المحمولة، كما تخطوا العمليات المالية التقليدية، منتقلين على الفور إلى حلول الصيرفة المتنقلة". وأضاف: "تتخطى أفريقيا الآن البنزين للانتقال إلى المركبات الكهربائية بسرعة".

تصنيع الدراجات الكهربائية يزدهر في شرق أفريقيا

وتتجلَّى الحماسة في القارة بقوةٍ بشكلٍ خاص في شرق أفريقيا، وهي المنطقة الأسرع نموًا، حيث من المتوقع أن يزداد عدد السكان بأكثر من الضعف بحلول 2050، وأن يتدفق المال من أجل تنمية شبكة الكهرباء المختصة بالشحن وتحقيق استقرارها. ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة تستأثر الطاقة المتجددة على 90٪ من إمدادات الطاقة في بعض البلدان في المنطقة.

وظهرت الشركات الناشئة لتصنيع الدرَّاجات النارية الكهربائية في كافة أنحاء المنطقة خلال العامين الماضيين، وذلك لتلبية وإدارة سائقي الدرَّاجات النارية بالأجرة والذين يشغلون أكثر وسائل النقل العام شيوعًا في معظم المدن.

وتعمل كل من "آمبر ساند" وشركة ناشئة أخرى تدعى " Safi" في رواندا، حيث تُدعى الدرَّاجات النارية "موتوز" (motos). وتُسمى في معظم الأحيان "بودا بودا" (boda-bodas) في كينيا، حيث سيتم إطلاق "إيه آر سي رايد" (ARC Ride) و"إيكوبودا" (Ecobodaa) قريبًا. كذلك الحال في أوغندا، حيث تقدم كل من "بوداويرك" (Bodawerk) و"زيمبو" (Zembo) نُسخًا كهربائية للسائقين المحليين.

الاعتماد على الطاقات المتجددة يتزايد

ويتزايد اعتماد التكنولوجيا الخضراء في كينيا، حيث أنفقت الجهة الحكومية المنتجة للكهرباء مئات ملايين الدولارات على استخراج الطاقة الحرارية الأرضية من الوادي البركاني. ويُزَوِّدُ ذلك حوالي نصف طاقة شبكة الكهرباء الخاصة بالبلاد، والتي ستستخدمها "إيه آر سي رايد" لشحن أسطولها من الدراجات النارية الكهربائية.

وبداية من يناير الجاري، من المقرر أن يعمل سائقي "إيه آر سي رايد مع "سندي" (Sendy) و"أميتراك" (Amitruck)، وهما أكبر شركتي توصيل في البلد، بالإضافة إلى نقل الأشخاص. وستكون مركبات " أي آر سي رايد" الكهربائية من بين أوائل المتنافسين مع الدراجات النارية بالأجرة التي تعمل بالبنزين في نيروبي، والتي يتخطى عددها الـ 100 ألف دراجة.

وتقول الشركة إنها تجري محادثات مع "بولت" (Bolt) للمساعدة على إمداد السائقين بالمركبات من أجل خدمات تقاسم الركوب والتوصيل الخاصة بهم. وقد رفضت "بولت" التعليق على تفاصيل دقيقة مرتبطة بخططها.

وتُعد معظم الدرَّاجات النارية في شوارع شرق أفريقيا، درَّاجات رخيصة تعمل بالبنزين، وعادةً ما يتم استيراد قطعها من الهند والصين قبل تجميعها، مع محركاتٍ صاخبة وتكاليف تصليحٍ مرتفعة تستنزف مدخول السائقين. وفي المقابل، فإنَّ الدراجات الكهربائية أكثر هدوءً بكثير، وتتمتَّع بتكاليف تصليح منخفضة، ويمكن تبديل بطارياتها في غضون دقائق قليلة فقط.

الدَّراجات الكهربائية توفر المال

ويقول ثاسيان مبوزيهوز، أول سائقٍ يشتري دراجة على أساس الاستئجار بقصد التملك من "آمبر ساند" عندما تمَّ إطلاقها تجاريًا في 2019: "منذ أن بدأت أقود الدراجة الكهربائية، توفر معي المزيد من المال لأحضر الهدايا لأطفالي". وأضاف: "اعتقد السائقون الآخرون أن هذه الدراجات وسيلة للتحايل من الشركات. لكن مع الوقت، وبعد أن أصبحت أكسب المزيد من المال، بدأ السائقون الآخرون يقتربون مني ليسألوني كيف حصلت عليها".

وتُعدُّ الدرَّاجات الكهربائية، والتي لا تُولِّد أي انبعاثات كربونية مباشرة، أمرًا جيدًا لجودة الهواء في المنطقة. ففي العديد من المدن، يتخطى التلوث في شرق أفريقيا بشكلٍ كبير المستويات التي تعتبرها منظمة الصحة العالمية آمنة. وتتخطى جودة الهواء في كمبالا، عاصمة أوغندا، المستوى الآمن الخاص بمنظمة الصحة العالمية بعشر مرات.

تحديات أمام المركبات الكهربائية

ولا تزال هناك تحديات تواجه نمو السيارات الكهربائية في المنطقة، حيث الإمداد بالكهرباء منخفض والسياسة التنظيمية لا تزال حديثة. وفي 2018، وعد رئيس كينيا بتوجيه البلاد نحو استهلاك الطاقة المتجددة بنسبة 100٪ بحلول 2020، إلا أنه كان بطيئًا في تشريع كيفية بلوغ ذلك. وفي رواندا، حيث يمكن لحوالي ربع السكان فقط الوصول إلى الكهرباء، فإنَّ هدف الحكومة المتمثل بوصل البلاد بأكملها بشبكة الكهرباء بحلول 2024 يبدو غير واقعي.

ويقول كريستوف دومكي، أخصائي الطاقة وكبير المدراء في الشركة الاستشارية "FTI": "يُعدُّ عدم الاستقرار السياسي أكبر تحدٍ ربما لهذه البلاد". وأضاف: "لكن هناك نوايا حسنة للغاية تجاه المشاريع المتجددة في عددٍ من بلدان شرق أفريقيا".

وهناك أملٌ بأن يسهم ارتفاع الطلب على المركبات الكهربائية في دفع الحكومات للاعتماد على الطاقات المتجددة في تغذية شبكة الكهرباء. وتخطط "إيه آر سي رايد"، ما إن تفتح في كينيا، إلى نشر المركبات الكهربائية في رواندا، حيث ستصلها بمحطات الشحن في شبكاتٍ صغيرة تعمل بالطاقة الشمسية مبنية من قبل شركة "إيه آر سي" للطاقة، وهي شركتها الشقيقة.

وتحت أشعة الشمس الاستوائية الحارقة، تصبح البطاريات من الألواح الشمسية مشحونة بالكامل بحلول الساعة 11 صباحًا، لذا فإنَّ البطاريات مزودة دائمًا بفائضٍ من الطاقة يمكن استخدامه.

ويقول وايل، المدير التنفيذي لـ"آمبر ساند": "نحتاج جميعنا إلى بلوغ نقطة التحول لهذه للمركبات الكهربائية. وأصبحت نقطة التحول هذه متوفرة في العديد من الأسواق". وأضاف أن "الأسواق جاهزة للانطلاق في شرق أفريقيا. حيث يرى واضعو السياسات الفوائد المتعلقة بتوفير المال، وتوفير الوقود، وزيادة سعة الشبكة. إنها تنتظرنا".