الروبوتات وحدها لا تكفي.. الصين تحتاج البشر أيضاً

بكين تواجه نقصاً في القوى العاملة الماهرة وتخطط لمضاعفة عدد الروبوتات الصناعية بحلول 2025 لكن ذلك ليس حلاً

روبوتات صناعية
روبوتات صناعية المصدر: بلومبرغ
Anjani Trivedi
Anjani Trivedi

Anjani Trivedi is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies in Asia. She previously worked for the Wall Street Journal.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تواجه الصين نقصاً في العمال المهرة، مثل أغلب الدول الصناعية حالياً. دفع انخفاض القوى العاملة والحاجة الملحة لرفع الإنتاجية بكين لاقتراح حل يتمثل في تركيب المزيد من الروبوتات الصناعية في المصانع. مع ذلك؛ فإنَّ هذا الحل لا يكفي.

سعياً لتجديد خطوط الإنتاج التي يمكنها إنتاج السلع مرتفعة القيمة بوفرة، أعلنت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية الشهر الماضي عن خطتها لزيادة الروبوتات. هناك هدف واضح لتلك الخطة يتمثل في مضاعفة عدد الروبوتات في القطاع الصناعي بحلول 2025. جدير بالذكر أنَّ هذا العدد كان 246 روبوتاً لكل 10,000 عامل في 2020، كما توصي الخطة بالتوسع في استخدام الآلات في مجالات مثل محطات الطاقة الكهرومائية، ومزارع الرياح، والشبكات الكهربائية المهمة.

زيادة الحاجة للروبوتات

توضح "دايوا كابيتال ماركتس هونغ كونغ" (Daiwa Capital Markets Hong Kong) أنَّ وضع تلك الأهداف للتقنية هو أسلوب العمل الذي تتبعه بكين لتحقيق أحدث أهدافها (فكر في خطة صُنع في الصين 2025)، فلن يحتاج عدد الروبوتات إلا إلى نمو 13% كل سنة، وفي الوقت نفسه من المرجح أن تنخفض القوى العاملة التصنيعية بالبلد على مدى السنوات الثلاث القادمة. كما حدث في 2020؛ فإنَّ زيادة الإنتاجية مستمرة في التباطؤ، مما يزيد الحاجة للآلات الصناعية. إجمالاً، تشير التوجهات إلى حالة مثالية من الطلب والعرض على الآلات.

الموظفون يحتفظون بموقفهم القوي في سوق العمل رغم مخاوف الركود

الشركات المحلية مثل "إستون أوتوميشن" (Estun Automation) و"شنزن إينوفانس تكنولوجي" (Shenzhen Inovance Technology) تصنع -بسرعة ودقة- آلات يمكنها تجميع السيارات والحركة في مستويات ثلاثية الأبعاد والالتواء بطرق معقدة تكاد تشبه ذراع الإنسان، كما توجد آلات أخرى يمكنها لحام البراغي وتثبيتها ووضع علامات بالليزر.

تُقبل شركات تصنيع المعادن، وشركات قطع غيار السيارات على تلك الآلات، حيث زادت المبيعات 72% في الربع الأخير من 2022، وتسيطر الشركتان اليابانيتان "فانوك " (Fanuc) و"ياسكاوا إليكتريك" (Yaskawa Electric) على الحصتين السوقيتين الكبريين وتوفر معظم الطلب.

في الوقت الحالي، تسبّبت الحملات السابقة للحكومة لأتمتة المصانع في امتلاك الصين لأضخم مخزون تشغيلي في العالم من الروبوتات، وأعلى نسبة تركيبات سنوية، مما ساعد على تسريع عمليات الإنتاج وحسّن من دقة التصنيع.

جذب العمال الشباب

برغم ذلك؛ فإنَّ وجود عدد أكبر من الروبوتات في المصانع لا يعني أنَّ الصين ستجني مكاسب تقنية سريعة وقفزات كبيرة في الإنتاجية، ففي حين يكمن الغرض من هذه الآلات في سد فجوة القوى العاملة؛ فإنَّها تحتاج أيضاً لعمال بالغي المهارة لجني عوائد التصنيع الذكي، فلا يمكن للعاملين برمجة المعدات الآلية وتشغيلها دون مستويات المهارة المناسبة.

بالمعدل الذي تطبق به الصين هذه التقنية، لن يتمكن 300 مليون عامل من العمال المهاجرين بالدولة من الإسهام في الناتج المحلي الإجمالي لقطاع التصنيع، حيث لم يمثل من حصلوا على تعليم جامعي أو درجة علمية أعلى إلا 12.6% اعتباراً من 2021.

خسائر متوقعة في الاقتصاد الصيني مع إنهاء سياسة "صفر كوفيد"

إنَّه أمر مقلق بالنسبة إلى أكبر قوة عاملة في العالم، حيث يُنفذ مئات الملايين من العمال المهاجرين 40% من الأعمال التي من المرجح أن تنفذها الآلات بنهاية هذا العقد، كما أنَّ أكثر من نصف هؤلاء العمال في الـ41 من العمر أو أكبر، وعملية تدريبهم تشكّل مهمة شاقة.

في الوقت الراهن؛ فإنَّ جلب صينيين أصغر سناً وأعلى مهارة وتعليماً سيستغرق وقتاً، لكنَّه لن يحدث بنفس وتيرة زيادة عدد الروبوتات، ولا في الإطار الزمني التي حددته الوزارة. هناك حالياً عدد أقل من الذين يختارون دخول مجال التصنيع ويفضلون قطاع الخدمات بدلاً من ذلك، كما تراجعت حركة المواطنين نظراً لإيجادهم وظائف أقرب جغرافياً إلى منازلهم.

إغراءات للعودة

لوقف ذلك النزيف؛ بذل المخططون في الدولة مجهوداً جباراً لإغراء العمال بالعودة ضمن مجهودات التعافي في مرحلة ما بعد تحقيق صفر كوفيد، فكشفوا عن مجموعة كبيرة من الإعانات، ونشروا آلاف الحافلات والطائرات والقطارات لنقل الأفراد إلى مراكز التصنيع ومشروعات التشييد بعد رأس السنة القمرية.

في مدينة دونغقوان الجنوبية، أنفق المسؤولون 3 مليارات دولار تقريباً لتوظيف الناس، وفي حين أنَّ هذا الرقم قد يكفي لإنشاء البنية التحتية والخدمات، فقد تقوض الجهود إذا تمكّن قلة من تشغيل الروبوتات المعقدة في المصانع في أرجاء الصين.

حوّل واضعو السياسات اهتمامهم إلى تدريب العمال ورفع مستوى مهاراتهم، كما شجعوا الشركات على الاستثمار في التعليم المهني. وعلى الرغم من أنَّ هذا يمكن أن يساعد؛ لكنَّ بكين ستحتاج إلى تقديم المزيد لعمالها لمواكبة الروبوتات، فالصين لا ترغب في كومة من الآلات العاطلة.