كيف تعمل عقود مقايضة العجز الائتماني؟ وكيف تحيد عن مسارها؟

عقود المقايضة تمثل تحوطاً ضد مخاطر عدم السداد وظهورها في الأخبار يشير لخلل بالسوق

لافتة شارع وول ستريت أمام بورصة نيويورك في نيويورك، الولايات المتحدة، في 9 نوفمبر 2022.
لافتة شارع وول ستريت أمام بورصة نيويورك في نيويورك، الولايات المتحدة، في 9 نوفمبر 2022. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يشير ظهور عقود مقايضة العجز الائتماني (CDS) في الأخبار عادة إلى حدوث خلل بالأسواق، فهذه المشتقات تشبه تأميناً يُدفع في حالة تخلف شركة أو دولة عن سداد ديونها. غالباً ما يستخدمها المستثمرون على أنها تحوط، لأنها تنقل مخاطر التخلف عن السداد إلى طرف ثالث. كما يمكن استخدامها في التوقع، مثل المراهنة على انهيار جهة اقتراض.

أطلق وارن بافيت على تلك العقود والمشتقات المعقدة اسم "أسلحة الدمار المالي الشامل"، محذراً من الدور الكبير التي أدته عقود مقايضة العجز الائتماني المرتبطة بالرهن العقاري في الأزمة المالية في 2008-2009.

أدت الأزمات المصرفية في مارس إلى ارتفاع كبير في عقود مقايضة العجز الائتماني للبنوك، مع سعي المزيد من الأطراف لحماية أنفسهم من احتمال تخلف شركة مالية عن السداد. بعدها بقليل، تسبب تداول عقد مقايضة العجز الائتماني المرتبطة بمصرف "دويتشه بنك" في مبيعات كثيفة بالسوق العالمية.

1) ما هو عقد مقايضة العجز الائتماني؟

هو أحد أنواع المشتقات المالية عبارة عن عقد تُشتق قيمته من تحركات أسعار الأصل أو المؤشر أو الأداة المالية الداعمة. في هذه الحالة، ترتبط قيمة العقد بخطر تخلف الشركة أو الدولة عن سداد ديونها.

قراءة في أسباب أزمة المصارف الأخيرة وتوابعها المحتملة على الاقتصاد

يتلقى مشتري عقد مقايضة العجز الائتماني مدفوعات من البائع إذا فشلت الجهة المقترضة في الوفاء بالتزاماتها المالية.

2) كيف تعمل عقود مقايضة العجز الائتماني؟

يسدد مشترو المشتقات الائتمانية -وهم من مستثمري الديون عادة- أقساطاً إلى البائع الذي سيتوجب عليه الدفع إلى المشتري إذا لم تفِ الجهة المقترضة بالتزاماتها. إذا تخلف المقترض عن سداد الفائدة أو تخلف عن سداد الدين، تحدد الرابطة الدولية لعقود المقايضة والمشتقات (ISDA)، وهي منظمة للتداول، إذا ما كانت قيمة عقد المقايضة ستُسدد أم لا.

3) ما هي استخداماتها؟

يمكن استخدام المشتقات كتحوطـ، أي أدوات للحد من المخاطر، أو للمراهنات. قد يرغب بنك في التأمين ضد التخلف عن السداد من خلال شراء عقد مقايضة عجز ائتماني تسدد قيمته في حالة التأخر عن سداد القرض. مع ظهور مؤشرات التخلف عن السداد منذ عقدين، أصبح من السهل على المستثمرين المراهنة على تحركات السوق. حالياً تحولت عقود مقايضة العجز الائتماني المربوطة بتلك المؤشرات إلى المشتقات الائتمانية الأكثر سيولة في السوق.

4) كيف ورّطت المستثمرين؟

وصفت إحدى حلقات برنامج "60 مينيتس" (60 Minutes) في أكتوبر 2008 المشتقات الائتمانية بأنها "الرهان الذي دمر وول ستريت"، وقال عنها جورج سوروس إنها "أدوات تدمير" يجب حظرها.

القواعد التنظيمية لن تحول دون وقوع الأزمة المالية المقبلة

يمكن لمهنيي وول ستريت الجدال حول الدور البارز الذي اضطلعت به المشتقات الائتمانية في الأزمة العالمية، لكن إسهام عقود المقايضة في الانهيار كان جلياً. استخدم المضاربون ومديرو الأموال المشتقات الائتمانية للمراهنة ضد تريليونات الدولارات من سندات الرهن العقاري عالية المخاطر والأوراق المالية ذات الصلة، على النحو الموثق في كتاب "العجز الكبير" (The Big Short) والفيلم الذي يحمل نفس الاسم.

باعت "أميركان إنترناشيونال غروب إنك" (American International Group Inc.) بعض عقود المقايضة. لكن مع تدهور سوق الإسكان الأميركية، اضطرت المجموعة لوضع المزيد من الضمان على مراكزها الاستثمارية. إصدار هذه الضمانات إلى جانب خسائر المجموعة في الحيازات الأخرى، فرض على الحكومة الأميركية إنقاذ الشركة. لجنة تقصي الحقائق للأزمة المالية التي شكلها الكونغرس للتحقيق في أسباب انهيار البورصة الأميركية، اكتشفت لاحقاً لأن المشتقات الائتمانية ساعدت على تفاقم أزمة الإسكان.

5) ما هو دور عقود المقايضة في الأزمة المصرفية الأخيرة؟

بعد أن دفع ذعر عملاء "سيليكون فالي بنك" الجهات التنظيمية لتولي إدارته في مارس، قفزت أسعار التأمين على ديون البنوك أياً كان حجمها، رغم أن الزيادة كانت أدنى من مستويات 2008 بكثير، مع تحول البنوك الأوروبية إلى مصدر كبير للقلق. ينظر المستثمرون في بعض الأحيان إلى عقود مقايضة العجز الائتماني على أنها مقياس للخوف، لذلك فاقم التغير المفاجئ الكبير في الأسعار المخاوف إزاء كفاية رسملة البنوك. وهكذا، يمكن لأسعار عقود مقايضة العجز الائتماني في بعض الأوقات أن تكون غير مقيدة بالمعطيات الأساسية وأن تصبح محققة لذاتها، وهي مشكلة كبيرة للقطاع المصرفي الذي يعتمد على ثقة المودعين للاستمرار. وقال البنك المركزي الأوروبي إنه يجب على الجهات التنظيمية مراجعة السوق بعد الأزمة الأخيرة. وركزت الجهات التنظيمية على مراهنة بنحو 5 ملايين يورو (5,4 مليون دولار) على عقود المقايضة المرتبطة بدين ثانوي لمصرف "دويتشه بنك" يشكّون في أنه تسبب في بدء المبيعات العالمية الكثيفة في أواخر مارس.