لحظة "تشات جي بي تي" الفارقة تشكل تهديداً جديداً لـ"غوغل"

دمج الإضافات الجديدة للأداة يحولها إلى مساعد افتراضي "قوي" وزيادة عدد الشركات التي تربط نفسها مع "تشات جي بي تي"

شعار شركة "أوبن إيه آي" مطورة "تشات جي بي تي"
شعار شركة "أوبن إيه آي" مطورة "تشات جي بي تي" المصدر: أ.ف.ب
Parmy Olson
Parmy Olson

Parmy Olson is a Bloomberg Opinion columnist covering technology. She previously reported for the Wall Street Journal and Forbes and is the author of "We Are Anonymous."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في الوقت الذي بدأنا نعتاد فيه على فكرة استخدام "تشات جي بي تي" (ChatGPT) في كتابة الرسائل الإلكترونية وإجراء عمليات البحث، أصدرت "أوبن إيه آي" (Open AI) نسخة محدّثة بإمكانات جديدة تجعل منه تهديداً أكبر بالنسبة إلى كبريات شركات التكنولوجيا، مثل "غوغل". تُعد الإضافات الجديدة على "تشات جي بي تي" التي صدرت الأسبوع الماضي، تقدماً كبيراً في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

باختصار، انتقل "تشات جي بي تي" من مجرد أداة لتوليد النصوص إلى اتخاذ إجراءات على الإنترنت، ما يجعل منه مساعداً افتراضياً قوياً بشكل ما، لا تزال "غوغل" التابعة لشركة "ألفابت" و"أبل" تحاولان بناءه منذ سنوات.

الإضافة الجديدة

تتيح تحديثات "تشات جي بي تي" للشركات، إضافة هذه الأداة بشكل أساسي إلى أنظمتها لتتمكن من القيام بأمور مثل البحث في مجموعات بيانات الملكية، أو حتى تنفيذ مهام مثل الحجز في مطعم، أو كتابة مجموعة رموز برمجية وتنفيذها. مثل هذه المسألة، تكتنفها مخاطر جسيمة محتملة، لكن في لعبة الأفضلية التقنية بين الشركات، تكون "أوبن إيه آي" بذلك قد فتحت جبهة مخيفة جديدة في وجه شاغلي الوظائف من الأفراد.

يرجع السبب في ذلك إلى ضرورة زيارة موقع "تشات جي بي تي" نفسه لاستخدام هذه الإضافات، وفقاً للعروض التوضيحية للنظام الجديد. فعلى سبيل المثال، سيتمكن مستخدمو "تشات جي بي تي" في الولايات المتحدة قريباً، من الانتقال إلى الصفحة الرئيسية للأداة واختيار إضافة "كلارنا بنك" (Klarna Bank)، وهي إحدى شركات تسهيل المدفوعات لآلاف العلامات التجارية مثل "نايكي" و"غوتشي".

جيوش عمالقة التكنولوجيا للذكاء الاصطناعي نادرة الإبتكار

فور اختيار المستخدم "كلارنا"، يمكنه أن يطلب من "تشات جي بي تي" التوصية بمنتجات لهدية إلى شقيقته مثلاً. وبفضل النموذج اللغوي القوي الذي يدعم "تشات جي بي تي" المعروف باسم "جي بي تي-4" (GPT-4)، يمكن للمستخدم تقديم التفاصيل التي قد يشاركها مع بائع تجزئة من البشر، ليوضح مدى حب شقيقته للأفلام وقوارب التجذيف الصغيرة (الكاياك) وأنها في الثلاثينيات من العمر، على سبيل المثال، وبذلك يتمكن "تشات جي بي تي" من التوصية بالهدية المناسبة.

طريقة جديدة للبحث

أخبرني ديفيد ساندستورم، المدير التنفيذي للتسويق في شركة "كلارنا"، بأن لديهم قاعدة بيانات ملكية لأطنان من المنتجات التي يمكن أن يقوم "تشات جي بي تي" بإعدادها، "وعوضاً عن البحث عن المنتجات في قاعدة بيانات منتجاتنا، سنتحدث مع مساعد التسوق".

من الناحية الفنية، كان يمكن للشركات تطبيق هذا بالفعل، إذ أتاحت "أوبن إيه آي" نماذجها اللغوية للغير منذ 2020. لكن نظام الإضافة هو الطريقة الأيسر لتسهيل ذلك، حسب إيدو ليبرتي، الرئيس السابق لمختبرات الذكاء الاصطناعي في شركة "أمازون" والرئيس التنفيذي الحالي لشركة "باين كون" (Pinecone) وهي شركة ناشئة للذكاء الاصطناعي لديها شراكة تقنية مع "أوبن إيه آي" في إضافة "استخراج المعرفة" (Knowledge retrieval)، والجدير بالذكر، أن بلومبرغ أطلقت نموذجها اللغوي للماليات والمرجح أن ينافس "جي بي تي-4".

اقرأ أيضاً: "غوغل" تضخ 400 مليون دولار في مطور منافس لـ"تشات جي بي تي"

وعن إضافة الاستخراج التي تستخدمها "كلارنا"، قال ليبرتي إنها لاقت رواجاً على الفور بين مطوري البرمجيات. ويُعزى الإقبال الكبير إلى زيادة عدد مستخدمي "تشات جي بي تي" ممن يواجهون أخطاء في موضوعات بعينها، إذ يمكن للشركات منع "هلوسة" الأداة في عملها بإضافتها إلى بياناتها.

كمثال، إذا أراد باحث صياغة جدول بالمراحل الرئيسية في الحد من تغير المناخ، يمكنه أن يطلب ذلك من "تشات جي بي تي" باستخدام إضافة الأمم المتحدة، ليقدم له موجزاً عن الخطوات الرسمية، حسب إحدى النسخ التجريبية، أكثر موثوقية مما إذا طلب من "تشات جي بي تي" –دون الإضافة- المعلومات ذاتها اليوم.

استخدامات أخرى

بوجه مشابه، يمكن لشركات صنع السيارات إضافة "تشات جي بي تي" إلى دليل المستخدم ليتسنى للسائقين الحصول على إجابات فورية للأسئلة عن مركباتهم، كما يشير ليبرتي.

برامج الذكاء الاصطناعي المجانية عرضة للمخاطر الأمنية

كما يمكن للشركات استخدام التقنية للأغراض الداخلية أيضاً، بالطريقة ذاتها التي تستخدم بها شركة "مورغان ستانلي" "جي بي تي-4" للإجابة عن أسئلة 200 من مستشاري الثروات خلال تعاملهم مع العملاء. أخبرتني الشركة بأن النظام الجديد يتيح للمستشارين الجمع بين بيانات الملكية لفئة أصل ما للعملاء، في ثوانٍ بدلاً من نصف ساعة.

بالطبع ستكمن الأهمية الأكبر للمستهلكين من مستخدمي "تشات جي بي تي" في البحث وحجز تذاكر الطيران والمشتريات، رغم توفير "غوغل" لهذه الإمكانية لسنوات عبر مساعدها، وصفحة بحثها، إلا أن زيادة عدد الشركات التي تربط نفسها بأداة "تشات جي بي تي"، وشعبية الأداة التي تحولت بالفعل إلى لوحة تحكم بالإنترنت، ستوجهان الأنظار بعيداً عن خدمات "غوغل".

اللحظة الفارقة

"بارد" (Bard)، منافس "تشات جي بي تي" من "غوغل"، لديه ميزة المنظومة الشائعة من المنتجات التي يستخدمها مئات الملايين، والتي يمكن إضافته إليها، من "جيميل" (Gmail) إلى مستندات "غوغل".

"مايكروسوفت" تتيح مساعد الذكاء الاصطناعي للأمن السيبراني

على سبيل المثال، تخيل أن تستيقظ صباحاً على رسالة إلكترونية كتبها "بارد" مسبقاً إلى صديقك الذي نسيت عيد ميلاده، لكنه أمر مخيف على المستوى الشخصي، إذ يتدرب النظام على تفاعلاتك السابقة. هذه مسألة لم تعلنها "غوغل"، لكنها إحدى الخدمات المقنعة التي قد تراها في نهاية الأمر، مُقدمة مع "بارد".

لا تملك "أوبن إيه آي" منتجات شائعة مشابهة يمكنها دمج "تشات جي بي تي" بها، لكنها طرف ثالث محايد يمكن لملايين الشركات استغلاله سريعاً بأدنى المتطلبات. أثبتت الشركة أنها أكثر فطنة من "غوغل" بكثير.

وصف البعض إضافات "تشات جي بي تي" بأنها "لحظة أيفون" لأداة الذكاء الاصطناعي، أي العلامة الفارقة التي سمحت فيها "أبل" للمرة الأولى لمطوري تطبيقات الطرف الثالث بالتطوير لجهاز "أيفون"، ما أطلق شرارة الرواج الهائل للجهاز. في النهاية، بدأت كل الشركات في تصديق ضرورة امتلاكها لتطبيق، وإذا تمكنت "أوبن إيه آي" من التعامل مع الطلب، فقد نشهد وصول "تشات جي بي تي" إلى المرحلة ذاتها.