اعتماد الصين على التكنولوجيا الغربية لن يطول كثيراً

زيادة الشركات الصينية على قائمة أكبر المنفقين على البحث والتطوير في العالم و"هواوي" تحتل المرتبة السادسة

أيقونتا تطبيقي "وي تشات" من "تينسنت هولدينغ" و"تيك توك" الذي تملكه "بايت دانس" على هاتف ذكي.
أيقونتا تطبيقي "وي تشات" من "تينسنت هولدينغ" و"تيك توك" الذي تملكه "بايت دانس" على هاتف ذكي. المصدر: بلومبرغ
Justin Fox
Justin Fox

Justin Fox is a Bloomberg Opinion columnist covering business. He was the editorial director of Harvard Business Review and wrote for Time, Fortune and American Banker. He is the author of “The Myth of the Rational Market.”

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تنامى تحفظ الدول الغربية على مشاركة التكنولوجيا مع الصين، مع فرض الولايات المتحدة وهولندا مؤخراً قيوداً جديدة على صادرات أشباه الموصلات ومعدات تصنيعها. في الوقت نفسه، ارتفع تصنيف الشركات الصينية على قائمة أكبر الشركات العالمية إنفاقاً على البحث والتطوير، وربما يكون ذلك علامة على أن حاجتها للتكنولوجيا الغربية لن تطول.

نمو إنفاق الشركات الصينية على البحث

في المرة الأخيرة التي أعددت فيها إحدى تلك القوائم قبل 5 أعوام، حلت شركة "هواوي إنفستمنت آند هولدينغ كو" (Huawei Investment & Holding Co.) المتخصصة في البنية التحتية لشبكات الجوال وتصنيع أجهزة الجوال في المرتبة السادسة بعد "مايكروسوفت"، أي أنها ما زالت في نفس المرتبة، لكنها كانت الشركة الصينية الوحيدة في قائمة أكبر 25 شركة عالمياً في الإنفاق على البحث والتطوير.

هواوي تسجل أول تراجع في أرباحها منذ 10 سنوات وتركز على البحوث

كما انضمت إليها "بايت دانس ليمتد" مالكة "تيك توك"، و"تينسنت هولدينغز ليمتد" مالكة "وي تشات" وعملاقة الألعاب، و"مجموعة علي بابا القابضة" مقدمة خدمات التجارة الإلكترونية والمدفوعات والحوسبة السحابية.

أنفقت شركة "بايت دانس" حوالي 14.6 مليار دولار على البحث والتطوير في العام 2021، وفقاً لتقرير شاركته الشركة الخاصة مع الموظفين العام الماضي، ونشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" في أكتوبر. أما البيانات المُعلن عنها في 1 أبريل فتشير إلى أن الشركة أبلغت مستثمريها بارتفاع إيراداتها 30% في 2022، لذا أظن أن إنفاقها على البحث والتطوير في 2022 سيحل في مرتبة أعلى.

"أمازون" لا تكشف عن تكلفة التطوير

كل تلك الأرقام أعلاه مصدرها القوائم المالية المنشورة علناً، لكن الشركات لها قدر مناسب من التفاوت المسموح به في تحديد المكونات التي تشكل الإنفاق على البحث والتطوير.

"أمازون" تبدأ اختبار خدمة إنترنت الأقمار الصناعية العام المقبل

فشركة "أمازون" لا تكشف عن إنفاقها على البحث والتطوير من الأساس، عوضاً عن ذلك، تضيف سطراً في قوائم دخلها يخص "التكنولوجيا والمحتوى"، الأرجح أنه يخص البحث والتطوير لكنه مبهم.

أرسلت "هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية" (SEC) إلى "أمازون" في 2017 و2018 سلسة من الخطابات تحثها فيها على الإبلاغ عن الإنفاق على البحث والتطوير كما تفعل الشركات الأخرى، لكن الهيئة تراجعت بعدما جادلت "أمازون" بأن نموذج أعمالها يشجع على البحث والتصميم والتطوير والصيانة المتزامنة للمنتجات والخدمات الحديثة والقائمة معاً، وأن فصل البحث والتطوير فقط سيكون عسيراً وعديم الجدوى لمستثمريها.

يحتمل أن توجد شركة خاصة أخرى تنفق على البحث والتطوير أكثر من إنفاق شركة "بي إم دابليو" التي حلت في المرتبة 25 بإنفاق 7,5 مليار دولار، لكنه أمر مستبعد. رغم أن "هواوي" هي شركة يملكها الموظفون، إلا أنّها تصدر تقريراً سنوياً، كما تفعل شركة "روبرت بوش" الألمانية لتصنيع قطع غيار السيارات والتي أسستها وتملكها العائلة، وأنفقت "بوش" 6,7 مليار دولار في 2022، ما يضعها في المرتبة 34، وكحال الشركات الأوروبية واليابانية الأخرى، كانت ستحل في مرتبة أعلى في هذا التصنيف المقوم بالدولار إذا كان سعر صرف اليورو والين مرتفعاً.

شروط الإنفاق على البحث والتطوير

يوجد عدد كبير من بين أكبر الشركات الخاصة الأخرى لا يُعلن عن إنفاقه على البحث والتطوير، كما لا تنطبق على أغلبها شروط الشركات كبيرة الإنفاق على البحث والتطوير.

"غوغل" تحقق تقدماً أضخم من الذكاء الاصطناعي

تتضمن تلك الشروط العمل في مجالات التكنولوجيا أو المستحضرات الصيدلانية أو تصنيع السيارات، وكان هذا صحيحاً لعقود. لكن عدد شركات التكنولوجيا زاد، وتحتل "أمازون" و"ألفابت" (Alphabet Inc.) مالكة "غوغل" و"ميتا بلاتفورمز" مالكة "فيسبوك" -القادمون الجدد نسبياً- المراتب الثلاث الأولى حالياً، بينما انضمت الشركات الصينية إلى القائمة مؤخراً.

لكن عندما وجدت قائمة ترتيب أعلى 20 شركة في البحث والتطوير في 2004، والتي أعدتها شركة "بوز ألين هاملتون" من بيانات بلومبرغ، فوجئت بعدد الأسماء المألوفة بها.

من بين الشركات المذكورة هنا لكنها غير موجودة بالقائمة الحالية، ظلت كلها على قائمة أكبر 50 شركة إلا شركة واحدة، إذ حلت "باناسونيك هولدينغ" وريثة "ماتسوشيتا إلكتريك" في المرتبة 61.

مجموع الإنفاق على البحث والتطوير في "مرسيدس بنز غروب" و"ستيلانتيس"، نتاج تقسيم "دايملر كرايسلر" في 2007 –وإضافة "فيات"- كان سيضعها في المرتبة 16. إذا تساءلت عن مرتبة رائدة صناعة أشباه الموصلات "تايوان سيميكوندوكتور مانوفاكتشورينغ كو" في كل هذا، فإنها في المرتبة 41 في الإنفاق على البحث والتطوير، لكنها في المرتبة الرابعة في الإنفاق الرأسمالي، بعد "أمازون" و"سامسونغ إلكترونيكس" و"أرامكو".

ارتفاع كبير في الإنفاق

ما تغير منذ 2004 هو مدى تقدم أكبر الشركات إنفاقاً على منافسيها. لننح "أمازون" وحساباتها الفريدة من نوعها جانباً، بالنظر إلى "ألفابت" التي تشغل حالياً المرتبة الثانية تنفق ما يزيد عن 4 أضعاف ما تنفقه "بريستول مايرز سكويب" التي تحل في المرتبة 20 على البحث والتطوير، بينما في 2004، أنفقت "مايكروسوفت" أقل من ضعف ما أنفقته "ميرك" في المرتبة 20.

"مايكروسوفت" تتيح مساعد الذكاء الاصطناعي للأمن السيبراني

تنفق غالبية كبرى شركات تصنيع السيارات مبالغ متقاربة على البحث والتطوير، بعد تعديلها حسب التضخم، كما في 2004، باستثناء "فولكس واجن" و"بي إم دابليو"، حيث تنفقان مبالغ أكبر بكثير، و"فورد موتور" التي تنفق أقل بنحو الثلث. عادةً ما تنفق شركات الأدوية مبالغ أكبر بكثير، لكن أكبر الزيادات الهائلة كانت في إنفاق شركات التكنولوجيا، ومن ضمنها شركات أظن أن علينا بدء الإشارة إليها باسم شركات "MAAAM" –اقترح البعض تسميتها "MAMAA" لكنهم مخطئون- وهي "مايكروسوفت" و"أبل" و"أمازون" و"ألفابت" و"ميتا بلاتفورمز"، وباستثناء "أبل"، يوجه إنفاق هذه الشركات على البحث والتطوير لابتكار وتحسين الخوارزميات ونظم الذكاء الاصطناعي وما إلى ذلك بشكل أكبر من المنتجات المادية، ما ينطبق على نظيراتها الصينية "بايت دانس" و"تينسنت" و"على بابا" أيضاً.

أعلنت أغلب هذه الشركات في الولايات المتحدة عن موجات تسريح كبيرة، لكن الأثر على إنفاقها على البحث والتطوير بالكاد تمكن ملاحظته.

أما عن الشركات نفسها، فقد تكون هذه الزيادات الضخمة في الإنفاق على البحث والتطوير ذات قيمة محدودة، إذ أظهرت دراسة أجراها علماء المحاسبة بجامعة واشنطن وجامعة تكساس في 2020 أنه بينما وُجدت علاقة قوية بين الإنفاق على البحث والتطوير والربحية المستقبلة، ضعفت تلك العلاقة منذ التسعينيات.

فيما يخص الاقتصادات الوطنية والإقليمية، ما زالت الأدلة تشير إلى مردود من جهة زيادات الإنتاجية والنمو، رغم أنه من السابق لأوانه أن نعرف ما إذا كان هذا صحيحاً بالنسبة للارتفاع الكبير في الإنفاق على البحث والتطوير في السنوات القليلة الماضية أم لا، فإذا صح ذلك، فإن الولايات المتحدة والصين هما الأقدر على الاستفادة.