ثورة الطب الحيوي تحتاج إلى اقتصاديين صالحين

عائدات الاستثمار في المجال دون المستوى ويجب قياس الأثر الاقتصادي لتحقيق التقدم

طفل يحتفل بحصوله على اللقاح، الولايات المتحدة الأميركية
طفل يحتفل بحصوله على اللقاح، الولايات المتحدة الأميركية المصدر: أ.ف.ب
Tyler Cowen
Tyler Cowen

Tyler Cowen is a Bloomberg Opinion columnist. He is a professor of economics at George Mason University and writes for the blog Marginal Revolution. His books include “The Complacent Class: The Self-Defeating Quest for the American Dream.”

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

نعيش العصر الذهبي للطب الحيوي، فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أنقذت لقاحات "mRNA" المعتمدة على على مايسمى (الحمض النووي الريبوزي المرسال) حياة ملايين البشر، وساعدت على استئناف الأعمال والحياة الاجتماعية بمستويات أكثر أماناً، كما يجري العمل على لقاحات للملاريا وحمى الضنك، وأظهر كلا اللقاحين علامات مبشرة على النجاح.

يوجد حديث جاد عن استخدام "كريسبر" (Crispr) والتي تعني (المتكررات متكتلة بانتظام القصيرة التواتر) لعلاج فقر الدم. رغم أن استخدام "mRNA" لعلاج بعض أشكال السرطان مسألة نظرية أكثر منها واقعية، إلا أنه يبدو ممكناً.

تظهر الأدوية الأخرى التي أعيد استخدام بعضها من الأدوية المضادة للسكري، نتائج واعدة جداً في الحد من السمنة،

ويتم استخدامها بالفعل من قبل ملايين الأمريكيين، وتشير بعض التقارير إلى قرب إنتاج عقاقير أشد قوة وفاعلية. نظراً لأن السمنة هي المشكلة الصحية الرئيسية في أميركا ، فإن هذه أخبار مهمة للغاية. من مدة قصيرة اكتظت الصحف بمقالات عن تعطل خطوط إمداد المستحضرات الدوائية.

قياس الأثر الاقتصادي

رغم ذلك، يثير كل هذا التطور مسألة الأثر الاقتصادي، فلن يعارض المنافع الإنسانية إلا قلة من الناس، لكن ما تأثير هذا التطور على الاقتصاد؟ ففي النهاية، كان أداء الاستثمارات في الطب الحيوي متواضعاً في الفترة الأخيرة.

دراسة: "كوفيد" لا يزال أكثر خطورة على المصابين من الإنفلونزا

ما نحتاج إليه هو مقاييس جديدة لزيادة الأثر الاقتصادي لتلك المكاسب، أو العودة إلى المقاييس القديمة في بعض الحالات. وإلا سنواجه خطر التقليل من قدر الأثر الثوري للتطورات التكنولوجية الحالية.

لننظر للقاحات كورونا، أهم حقيقة عنها بالطبع أنها خفضت حجم الوفيات والإصابات، لكن ما أثرها الاقتصادي؟ قدمت اللقاحات مساعدة كبيرة للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة، أي كبار السن والمصابين بحالات مرضية مسبقة، وهم ليسوا المجموعة الأكبر إنتاجاً في الاقتصاد، لذلك فربما أدت فعالية اللقاحات فعلياً لانخفاض عديد في المعدلات الاجتماعية مثل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أو نصيب الفرد من الإنتاجية.

منفعة الحياة

الحياة الممتدة هي منفعة محضة، لكن صياغة تلك المنفعة في صورة أرقام يتطلب النظر إلى الإجماليات، لا المعدلات وحدها. كمثال، قد لا تزيد إنتاجية القوى العاملة في الساعة بالضرورة، لكن إجمالي عرض العمالة وإجمالي عدد السكان سيزيدان.

إذا كان هناك ما يمكن فعله، أقترح العودة إلى أيام مؤيدي النزعة التجارية وآدم سميث معاً. فعلى منوالهما، يجب على اقتصاديي عصرنا الحالي أن يأخذوا في اعتبارهم إجمالي الدخل القومي وعدد السكان وعرض العمالة، ليس الارتفاعات في نصيب الفرد فقط.

ميزة لقاحات الشباب

هناك ميزة أخرى للقاحات تخص الشباب، فلن يتعين عليهم عيش الحياة في خوف من نقل العدوى لأجدادهم أو والديهم والتسبب في وفاتهم أو إصابتهم بمرض طويل الأمد، كما قد يزيد انخفاض مستويات تلك الضغوط من سعادة أولئك الشباب وإنتاجيتهم في العمل. مع ذلك، فالأغلب أن تلك المكاسب النفسية لن تظهر في أرقام الناتج المحلي الإجمالي.

"فايزر" تستحوذ على "سيجين" لأدوية السرطان بـ43 مليار دولار

وجود مؤشر للتقدم في مجال الطب الحيوي ومدى انتشاره بين السكان سيكون إضافة مُرحب بها في الحوار الدائر حول النمو الاقتصادي، فإذا حقق قطاع الرعاية الصحية 29% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2040 كما توقع الاقتصادي روبرت ويليام فوغل الحائز على جائزة نوبل، ستزداد أهمية ذلك المؤشر.

تواجه مقاييس الناتج المحلي الإجمالي الكثير من الانتقادات، لكنها ترتبط برفاه الإنسان بشكل أكبر مما يدركه الجميع. مع ذلك، فإن الأرقام والطرق الأساسية لقياس الناتج المحلي الإجمالي وُضعت في فترة كان الابتكار في الطب الحيوي بلا أهمية نسبياً.

ضع في الاعتبار أيضاً العلاجات الجديدة للسمنة، خاصة مع توافرها على نطاق واسع، والتي تنتشر حالياً بين المشاهير نظراً لأسعارها المرتفعة، لكن حال انخفاض أسعارها، فلديها القدرة على أن تنتشر بين الناس بالتساوي. بمرور الوقت، قد تساعد علاجات السمنة، القابعين في قاع منظومة توزيع الدخل أكثر مما تساعد الجالسين في قمتها، وسيكون هذا أمراً حسناً، حتى لو تسبب انخفاض معدل إنتاجية العامل أو نصيب الفرد منها.

ضعف عائدات الاستثمار

في الفترة التي انخفضت فيها مقاييس متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة، حتى قبل جائحة كورونا، كان لتلك التقدمات أهمية خاصة، وفيما تسوء سلوكيات المجتمع الأميركي حيال إدمان المواد الأفيونية والعنف واستخدام السلاح، والمشاعر المعارضة للقاحات، سيتزايد اعتماده على التقدم الطبي لتحسين صحة الناس وزيادة سعادتهم.

ماذا عن العائدات دون المستوى على الاستثمارات في الطب الحيوي؟ إنها تشير إلى أن ثمار أغلب مكاسب الابتكار يجنيها المرضى والمستخدمون والمستهلكون، ليس المستثمرون. أليس هذا بالتحديد ما يطالب به الجميع؟

بعد عقود من الآن، سينُظر للحقبة الحالية على أنها فترة مميزة في تاريخ العلم، ويجب على الاقتصاديين أن يتأكدوا من ألا تفوتهم فرصة قياس كل منافعها.