تناقض البيانات الصينية يفاقم جدل الحاجة إلى تحفيز اقتصادي

التضخم يتراجع في مارس الماضي رغم زيادة الائتمان والصادرات

حاويات شحن في محطة ذكية بنيت بالتعاون بين شركتي "هواوي تكنولوجيز" و"تيانجين بور غروب" بميناء تيانجين في مدينة تيانجين، الصين
حاويات شحن في محطة ذكية بنيت بالتعاون بين شركتي "هواوي تكنولوجيز" و"تيانجين بور غروب" بميناء تيانجين في مدينة تيانجين، الصين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعطي المؤشرات الاقتصادية الأخيرة للصين علامات متضاربة حول التعافي الاقتصادي، مما يثير الشكوك إزاء توقُّعات النمو، ويفاقم الجدل حول ما إذا كانت بكين تحتاج لزيادة برامج تحفيزها.

كشفت بيانات مارس الماضي إلى حد الآن صعوداً في قطاع الخدمات، إذ ينفق المستهلكون أكثر على السفر والمطاعم حالياً بعد أن تراجعت موجات تفشي مرض كوفيد. لكن في الوقت نفسه، هبطت معدلات التضخم الشهر الماضي، مما يدل على ضعف الطلب المحلي.

بعد 5 شهور من الانخفاض، أبرزت البيانات الرسمية يوم الخميس قفزة مفاجئة في الصادرات الصينية تُعزى بطريقة كبيرة للطلب الأقوى من الأسواق الآسيوية مع عودة المصانع إلى نشاطها الطبيعي. جاء ذلك على النقيض من إشارات استطلاعات رأي مديري المشتريات الأسبوع الماضي، التي توقَّعت تراجع قطاع التصنيع بذلك الشهر.

اتسمت أرقام الائتمان الصادرة أيضاً الأسبوع الجاري بالقوة، برغم أنَّ خبراء اقتصاد قالوا إنَّ هذا ربما يرتبط بدرجة أكبر بنمو السيولة، وليس الصعود الحقيقي في الطلب على القروض من قبل المستهلكين والشركات.

تعاف غير موثوق

بالجمع بينها، تدل البيانات على أنَّ مسار التعافي غير موثوق، وسيتطلب الأمر من صنّاع السياسات الاقتصادية البقاء على أهبة الاستعداد لبلوغ أهدافهم للسنة الحالية، بما فيها تحقيق هدف النمو عند 5% تقريباً. ستقدم أرقام الناتج المحلي الإجمالي الأسبوع المقبل، والاجتماع المحتمل للمكتب السياسي للحزب الشيوعي بوقت لاحق من أبريل الجاري أدلة حيوية بشأن الأفق المستقبلية.

في الوقت الراهن، أسفرت البيانات المتناقضة عن توقُّعات متباينة لمسار التحفيز النقدي والمالي. يعتقد بعض خبراء الاقتصاد، على غرار لو تينغ من شركة "نومورا هولدينغز"، أنَّ البيانات الأخيرة تدل على أنَّ النمو بدأ يفقد قوته الدافعة، ويمنح بكين مبرراً لتبني مزيد من التدابير. يحتج آخرون، على غرار وي ياو من مصرف "سوسيته جنرال" ودينغ شوانغ من مصرف "ستاندرد تشارترد"، بأنَّ الاقتصاد آخذ في التعافي، لذلك لا ضرورة لتقديم دعم أكثر.

صادرات الصين تقفز خلافاً للتوقعات في إشارة إيجابية للاقتصاد

أوضح دينغ: "يمر الاقتصاد بمرحلة التعافي، وسيكون التوقيت خاطئاً من أجل تعزيز برامج التحفيز حالياً، وسأتمسك بوجهة نظري التي تعود لمدة طويلة بأنَّه ليس هناك حاجة لزيادة التحفيز الاقتصادي".

يتبنّى المضاربون وجهة نظر مناهضة، برغم ذلك؛ فإنَّ التدفق على الاستثمار في السندات الحكومية يقوم على رهانات وجود تيسير نقدي أكثر احتمالاً في المستقبل. بلغت عوائد السندات الحكومية لأجل 10 أعوام للبلاد مستويات هي الأدنى بالنسبة لها خلال 6 شهور عند 2.81% أمس الأربعاء بعد صدور بيانات تراجع التضخم. صعدت العوائد للمرة الأولى خلال 5 جلسات يوم الخميس بعد نشر أرقام صادرات قوية بطريقة غير منتظرة.

ثقة المستهلكين

سيكون تعافي ثقة المستهلكين والشركات عاملاً أساسياً في تعافي الاقتصاد الصيني العام الجاري. بينما كشفت قفزة الائتمان خلال مارس الماضي أنَّ الشركات والمواطنين كانوا على استعداد أكبر للاقتراض، كانت توجد أيضاً مؤشرات على توخيهم الحذر لأنَّهم عززوا المدخرات أيضاً.

كتب مينغ مينغ من "سيتيك سيكيوريتيز" في تقرير يوم الأربعاء: "لم يستخدم خط الائتمان الذي أُطلق له العنان والزيادة الضخمة للمعروض النقدي في إنتاج أو استهلاك البضائع، وبقي استعداد المستهلكين لتوسيع ميزانياتهم العمومية محدوداً جراء التأثير المتواصل لعمليات تراجع التوظيف ومستوى الدخل الناجم عن تفشي مرض كوفيد.

التضخم الضعيف في الصين يعزز الدعوات بفرض سياسات تحفيزية

توجد مؤشرات إيجابية بسوق العقارات، التي على ما يبدو بدأت تتعافى بعد هبوط تاريخي لمبيعات المساكن لأكثر من سنة. زادت مبيعات المنازل الجديدة من قبل كبار شركات التطوير العقاري الصينية للشهر الثاني على التوالي خلال مارس المنصرم، في حين تحسّن عنصر يمثل قروض الرهن العقاري.

برغم ذلك، نبّه لو من "نومورا" من التفاؤل المفرط؛ محذّراً من أنَّ التعافي ربما يكون قصير الأجل بما أنَّ الطلب المكبوت على المنازل الجديدة تراجع بصورة كبيرة بأوائل أبريل، بقيادة المدن ذات المستوى المنخفض بصفة أساسية. وقال إنَّ ضعف الطلب على القروض، لا سيما الرهون العقارية، وتزايد المدخرات قلصا أيضاً أرباح المصارف، مما دفع بعض المصارف الصغيرة لخفض الفوائد على الودائع في الآونة الأخيرة.

ضعف الاقتصاد

كتب لو في تقرير: "في أعقاب تعديل التأثيرات الأساسية، نلاحظ عدداً متنامياً من مؤشرات تراجع قوة دفع التعافي بعد وباء كوفيد، لا سيما بقطاع العقارات، ونتوقَّع أن تعزز بكين دعم السياسة المالية خلال الشهور المقبلة".

توجد ضغوطات محدودة للغاية ناجمة عن التضخم أيضاً، مما يدل على ضعف الاقتصاد. برغم أنَّه من المنتظر صعود تضخم أسعار المستهلكين خلال الشهور المقبلة وخروج أسعار المنتجين من حالة الانكماش؛ لكنَّ التوقُّعات تشير إلى أنَّ الأرقام ستكون منخفضة نوعاً ما لبقية السنة الحالية.

كتبت إيريس بانغ من "آي إن جي غروب" بمذكرة للعملاء في أعقاب صدور بيانات التضخم الأسبوع الحالي: "لا تعد هذه علامة سليمة تدل على التعافي الاقتصادي تماماً، والحكومة تحتاج لتعزيز برامج تحفيز الاقتصاد أكثر". تتضمن بعض الخيارات ضخ استثمارات أكثر في البنية التحتية، وحوافز الاستهلاك على دعم السيارات الكهربائية، وتقليص أسعار الفائدة.