آبار نفطية أميركية مهجورة بحاجة إلى 30 مليار دولار لإغلاقها

14 ألف بئر غير مفعّلة ولا منتجة في المياه الأميركية بخليج المكسيك

منصات نفط بحرية في ميناء "فورشون" قبالة سواحل خليج المكسيك، في لويزيانا، أميركا، يوم 21 أبريل 2021
منصات نفط بحرية في ميناء "فورشون" قبالة سواحل خليج المكسيك، في لويزيانا، أميركا، يوم 21 أبريل 2021 المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

على مدار ما يقرب من 160 عاماً، منذ أن حفر إدوين دريك أول بئر نفطية أميركية في تلال بشمال غرب ولاية بنسلفانيا، جرى حفر أكثر من 4.5 مليون بئر للنفط والغاز. عندما تكون نشطة، تتسبب هذه الآبار، كما هو معروف، بمخاطر بيئية تشمل انبعاثات الميثان وتلوث الهواء، ومخاطر الإصابة بالسرطان بالنسبة إلى البشر الذين يعيشون بالقرب منها. اللافت أن العديد من هذه المخاطر، لا يزال قائماً حتى بعد توقف الحفر، ما يجعل مصير الآبار المستهلكة أمراً في غاية الأهمية.

لكن الحل الأكثر شيوعاً هو تغطية آبار النفط فيما يُعرف باسم "الإغلاق والهجر"، وهذه أيضاً عملية مكلفة. في المياه الأميركية بخليج المكسيك وحده، هناك 14 ألف بئر بحرية وساحلية غير مفعّلة ولا منتجة، وفقاً لدراسة أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا في ديفيس، وجامعة ولاية لويزيانا، نشرت اليوم الإثنين في مجلة "نيتشر إنرجي". تقدر الدراسة تكلفة سدّ هذه الآبار فقط، بأكثر من 30 مليار دولار.

يقول مارك أغيرتون، الأستاذ المساعد في اقتصاديات الزراعة والموارد في جامعة كاليفورنيا في ديفيس، والمؤلف المشارك للدراسة: "لا نريد هذه الأشياء في المياه التي نشرب منها، أو براً بجوارنا أو في طعامنا".

يُفترض أن تبادر الشركات التي تمتلك آبار النفط والغاز إلى إغلاقها في نهاية عمرها الإنتاجي، رغم أن القواعد الدقيقة تتباين وفقاً للولاية التي تقع فيها البئر، وما إذا كانت خاضعة للنفوذ الفيدرالي أو لسلطة الولاية ذاتها. لكن، من الناحية العملية، لا يحدث الإغلاق في كثير من الأحيان، حيث تترك بعض الشركات الآبار غير النشطة، غير مشغّلة، على أمل إعادة تشغيلها لاحقاً؛ فيما تقوم شركات أخرى بنقل ملكيتها، أو أنها تتخلى عنها وتهجرها بكل بساطة.

إدارة بايدن تصدر عقود إيجار للتنقيب عن النفط والغاز في خليج المكسيك

آبار بلا صاحب

عندما لا تكون للبئر جهة مالكة أو كيان مسؤول قانونياً عن رعايتها، تصبح "بلا صاحب". بالنسبة إلى الآبار البحرية في المياه الفيدرالية، فإن هذا يعني أن مسؤولية الإغلاق والتخلي يمكن أن تقع على عاتق الولايات. ركّز أغيرتون وزملاؤه في الدراسة على الآبار الساحلية والبحرية، لأن تكلفة سدّها غير مفهومة كما هي الحال مع نظيراتها البرية.

تبيّن للباحثين في جميع أنحاء المنطقة التي درسوها، وجود عدد أكبر بكثير من الآبار غير النشطة وغير المسدودة، مقارنة بالآبار النشطة والمنتجة، خصوصاً قبالة سواحل ولايتي لويزيانا وتكساس. كان بحث سابق بقيادة ماري كانغ في جامعة "ماكغيل"، قد كشف أن ثلاثاً من كل خمس آبار حُفرت في الولايات المتحدة (سواء برية أو بحرية) غير نشطة حالياً، ولكن تم سدّ ثلثها فقط والتخلي عنها بشكل دائم.

لدى العديد من الولايات برامج مصممة لمعالجة الآبار غير المملوكة لأي جهة. لكن "عندما تنظر إلى مبلغ التمويل المتاح بالنسبة إلى عدد هذه الآبار، فإن ما تراه هو أمر غير مسبوق، ولم يكن التمويل يوماً كافياً لمواكبة عدد الآبار"، بحسب غريغوري أبتون جونيور، الأستاذ الباحث المشارك في جامعة ولاية لويزيانا، والمؤلف المشارك في الدراسة التي نُشرت في "نيتشر إنرجي".

محكمة أمريكية توقف برنامج إيجار النفط البحري لخليج المكسيك بسبب البيئة

أموال إضافية

في العام الماضي، خصّصت إدارة بايدن 4.7 مليار دولار لبرنامج فيدرالي جديد لمعالجة الآبار غير المملوكة لأي جهة، بما في ذلك 1.8 مليار دولار مخصصة للولايات. لكن نتائج الباحثين توضح مقدار الأموال الإضافية التي ستكون مطلوبة، خصوصاً إذا استمرت الولايات المتحدة في التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري.

يقول أغيرتون: "السؤال الأساسي والجوهري هنا يكمن في تحوّل الطاقة، إذ أن هناك كل هذه الأصول القديمة التي من المفترض أن يجري تطويرها. أنّى لك أن تدفع كل هذه المبالغ مقابل ذلك؟".

تقدم دراسة "نيتشر إنرجي" مقترحاً بإعطاء الأولوية للآبار الضحلة القريبة من الشاطئ، حيث يكون السد والتخلي، أرخص، مع مردود بيئي أكبر.

تحظى الآبار البحرية في المياه الفيدرالية بسند تنظيمي مهم، وهو: إذا أفلس مالك البئر في تلك المياه، فإن مسؤولية سدّ البئر وهجرها تقع على كاهل المالك السابق. ولتحقيق هذه الغاية، وجدت الدراسة أن ما يقرب من 90% من الآبار البحرية التي حددتها في المياه الفيدرالية في خليج المكسيك الأميركي، تنتمي حالياً أو سابقاً إلى شركات النفط العملاقة، بما في ذلك "شيفرون" (.Chevron Corp) و"شل" (.Shell Plc) و"إكسون موبيل" (.Exxon Mobil Corp) و"كونوكو فيليبس" (ConocoPhillips) و"بي بي" (.BP Plc) و"توتال إنرجيز" (TotalEnergies SE) و"إيني" (.Eni SpA).

يشير أغيرتون إلى إفلاس شركة "فيلدوود إنرجي" (Fieldwood Energy) في عام 2020، التي كانت يوماً ما تمتلك العديد من الآبار في خليج المكسيك، للتأكيد على أهمية هذا الالتزام. يقول: "استحوذت (فيلدوود) على كل الآبار القديمة السيئة، وضمّتها ضمن شركة سيئة أفضى بها الحال إلى الإفلاس، ثم أنشأت شركة جديدة ذات أصول أفضل. نفضت الشركة يدها نوعاً ما من مسؤولية الإغلاق وهجر الآبار، وأنشأت شركة سيئة".

في عام 2021، أصدر قاضٍ فيدرالي قراره بأن كلاً من "إكسون موبيل" و"بي بي" و"هيس" (.Hess Corp) و"رويال داتش شل"، بصفتها الجهات المالكة السابقة لآبار "فيلدوود" في خليج المكسيك، عليها دفع جزء من تكاليف سدّها، والتي تقدر بنحو 7.2 مليار دولار.