كيف يمكن زيادة الاستثمار في تكنولوجيا المناخ؟

خطط مواجهة زيادة انبعاثات الكربون لا تسير بالسرعة المطلوبة
خطط مواجهة زيادة انبعاثات الكربون لا تسير بالسرعة المطلوبة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

شهد أكتوبر من عام 2019 تعهدات جديدة من جهات مختلفة، تستهدف تحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية في غضون العقود القليلة القادمة.

وبالرغم من التزام الصين بتلك التعهدات، وكذلك شركة "ولمارت"، إلا أنَّ تقريراً صدر في سبتمبر من عام 2020 عن "وكالة الطاقة الدولية"، التي تقدِّم المشورة للحكومات بشأن سياسات الطاقة، قدَّر أنَّ ما يقرب من نصف التقنيات التي سنحتاجها لتحقيق صافي صفر انبعاثات عالمياً بحلول عام 2050 ليست متاحة حتى بالصورة التجارية بعد؛ وهذه تعدُّ مفاجأة.

ويكمن السر لإزالة الكربون بشكل عميق في أنَّه لن يتمَّ بمجرد الحصول على الطاقة من مزرعة للرياح أو شراء تعويضات الكربون في غابة استوائية. فبدون تقنيات جديدة، سيصبح من المستحيل كبح جماح الانبعاثات الصادرة عن القطاعات الاقتصادية الأكثر كثافة لإطلاق الانبعاثات الكربونية، مثل الصناعات الثقيلة، وصناعة النقل لمسافات طويلة.

خطة للطاقة المبتكرة

ولدى "فارون سيفارام"، عالم الفيزياء وخبير الطاقة النظيفة، خطَّة لكيفية تسريع الرئيس جو بايدن من خطوات الحكومة نحو الطاقة المبتكرة.

إنَّ "سيفارام"، الذي يعمل حالياً كباحث أوَّل في "مركز سياسة الطاقة العالمية" بجامعة كولومبيا، تعاون مع زملائه لتأليف كتاب "إمداد أمريكا بالطاقة: خارطة طريق لإطلاق مهمة ابتكار الطاقة الوطنية".

ويوضِّح الكتاب، الذي صدر في سبتمبر 2020، بالتفاصيل بند الميزانية بما في ذلك مقدار الأموال التي يجب أن تنفقها الولايات المتحدة، وكيف ينبغي أن تقوم بإنفاقها.

وقال سيفارام، في مقابلة أجريت معه مؤخراً: "إنَّ الابتكار ليس واحداً من الأشياء التي نحتاج إلى القيام بها لمواجهة تغيُّر المناخ، فهو يمثِّل نصف الحل فقط. وإذا ما أخطأنا في معالجة هذه القضية، سنهلك".

وتتمثَّل الخطوة الأولى كما يراها سيفارام وزملاؤه، في قيام الرئيس الجديد بوضع مهمة وطنية لابتكار الطاقة، وإنشاء فرقة عمل بالبيت الأبيض لتنسيق الإنفاق عبر الوكالات الفيدرالية المختلفة. وقد قام سيفارام وفريقه بتضمين مسودة أمر تنفيذي في تقرير، من أجل أن تتبع الإدارة الجديدة خطوات التنفيذ فقط.

أما الخطوة الثانية، فهي زيادة الإنفاق على البحث والتطوير في مجال الطاقة من المعدِّل الحالي البالغ حوالي 9 مليارات دولار سنوياً، إلى 25 مليار دولار على الأقل بحلول عام 2022.

ويصف سيفارام هذا الرقم أنَّه "ممكن جداً"، موضحاً أنَّه "أقل من ربع ما تستثمره الحكومة في الابتكار الصحي، وأقل من عُشر ما تستثمره في الابتكار في المجال العسكري".

خطوات التنفيذ

لكنَّ الجزء الأكثر إثارة للاهتمام في التقرير الذي وضعه سيفارام، هو كيف يقترح إنفاق 25 مليار دولار، وتُقَسِّم الخطة إزالة الكربون إلى 10 فئات، إذ ينبغي تحقيق بعض التطورات التي تشمل استخدام الوقود النظيف، والنظم الزراعية النظيفة، وتقنيات احتجاز الكربون وإزالته. ويعدُّ تحديد هذه الفئات أمراً أساسياً كونه يسمح بالانتقال للخطوة التالية؛ وهي ملاءمة الأموال وفق الحاجة.

إنَّ واحدة من أكثر المقاطع إقناعاً في التقرير، تتمثَّل في رسم بياني يوضِّح الفصل بين القطاعات المسؤولة عن الانبعاثات في الولايات المتحدة، وميزانية البحث المقابلة لها من خلال وزارة الطاقة. إذ تنتج الكهرباء 27% من الانبعاثات، ولكنَّها تحصل على 47% من أموال الأبحاث، وفي حين تنتج الصناعة 22% من الانبعاثات، إلا أنَّها تتلقى 6% من تمويل الابتكار الذي يحدُّ من الانبعاثات.

ويعالج تقرير فريق كولومبيا هذه المعضلة عن طريق إضافة الأموال إلى القطاعات التي تعاني من نقص التمويل، لمضاعفة الأموال المخصصة لاحتجاز الكربون بمقدار ثلاثة أضعاف من 115 مليون دولار سنوياً إلى 300 مليون دولار.

دعم الصناعات الناشئة

ويشير سيفارام إلى أنَّ احتجاز الكربون، وهي عملية يتمُّ من خلالها احتجاز الغاز وتخزينه حتى لا يتسرب إلى الغلاف الجوي، تعدُّ مثالًا رائعاً؛ ليس من أجل كيفية تعزيز أموال البحث التي يتمُّ رصدها للتكنولوجيا المطلوبة فقط؛ بل تدعم أيضاً الصناعات الناشئة التي تتطلَّب وظائف ذات أجور مرتفعة.

وقال سيفارام: "الولايات المتحدة تتصدَّر مجال احتجاز الكربون. ولم يتم تحديد التكنولوجيا الأنسب لذلك، وتعدُّ تلك نقطة رائعة، إذ يمكننا التنافس دولياً على شيء يصعب تراجعه، ورعاية صناعة محلية كذلك".

ويضيف سيفارام أنَّ أحد أكثر الأشياء إثارة في التقرير هو الاستقبال الإيجابي الذي حظيَّ به من جانب الديمقراطيين والجمهوريين على حدٍّ سواء في الكونغرس. وقال إنَّه في الواقع، لقد طلب الموظفون الديمقراطيون (لم يحدد الغرفة أو اللجنة) الاطلاع على التقارير التي استندت إليها أرقام الميزانية، لكنَّه لا يزال قلقًا من أنَّ ذلك لن يكون كافياً.

وأضاف سيفارام أخيراً: "إنَّني قلق من أن يضيع ابتكار الطاقة في خضم تنافر المطالب. إنَّ الابتكار مجرد أحد الأمور على قائمة المتطلبات العادية؛ إنَّه أمر

أساسي ".