الحكايات المصورة المتحركة الرقمية أحدث صادرات كوريا الجنوبية

"ويبتونز إنترتينمنت" جذبت 86 مليون مستخدم حول العالم من بينهم 12 مليون أميركي

كين كيم، رئيس "ويبتون أميركا" في مكتب الشركة بمدينة لوس أنجلوس
كين كيم، رئيس "ويبتون أميركا" في مكتب الشركة بمدينة لوس أنجلوس المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كان من الصعب ألّا يلاحظ أي أمريكي مشترك بخدمات "نتفلكس" طفرة الدراما الكورية الجنوبية. إلا أن ظاهرةً ثقافية كورية أخرى كانت تتسلل بهدوء إلى المنظومة الإعلامية الأميركية، فيما استغرق الجمهور بمشاهدة مسلسلات "لعبة الحبار" (Squid Game) و"كلنا موتى" (All of Us Are Dead) خلال العامين الماضيين؛ ألا وهي الحكايات المصورة الرقمية المكناة اختصاراً "ويبتونز" (Webtoons).

تقوم الفئة الإبداعية سالفة الذكر على رسوم ملونة رقمية صُممت بحيث ينتقل المشاهد بين صفحاتها الرقمية عبر التمرير على شاشات الأجهزة المحمولة، إذ عادةً ما تتألف من قصص مسلسلة مقسمة إلى حلقات قصيرة. كانت هذه الوسيلة التي تدعمها شركات التقنية والاتصالات الكورية الجنوبية، مثل "نافير" و"كاكاو"، قد شكلت قوة في موطنها منذ ظهورها قبل عقدين تقريباً.

لقد سهلت هذه المنصات على المؤلفين نشر محتوى ربما لم يجذب الناشرين التقليديين، ما سمح لفئات جديدة من المبدعين بالوصول إلى جماهير عريضة، وفي بعض الحالات على الأقل، جني أموال طائلة على غرار ما حققته قنوات التوزيع الرقمي الجديدة. فاكتسبت القصص المصورة الرقمية شهرة لإنتاجها محتوى تمتد جاذبيته إلى ما وراء جمهور مجموعات القصص المصورة التقليدية من الشباب الذكور.

ديفيد لي، مدير المحتوى في مكتب "ويبتون أميركا" بمدينة لوس أنجلوس
ديفيد لي، مدير المحتوى في مكتب "ويبتون أميركا" بمدينة لوس أنجلوس المصدر: بلومبرغ

نموذج ناجح

كانت "نافير"، التي تدير أيضاً محرك البحث الأشهر في كوريا الجنوبية، قد أنشأت تابعة لها بمدينة لوس أنجلوس في 2016 بغية التركيز على السوق الأميركية. الشركة، التي يديرها كين كيم، جزء من "ويبتون إنترتينمنت" باعتبار الأخيرة ذراع "نافير" العالمية لإنتاج القصص المصورة الرقمية.

ثم تطورت المنصة الأميركية لتصبح ثاني أكبر منصة إقليمية تابعة لشركة "ويبتونز إنترتينمنت" بعد كوريا الجنوبية. فقد تجاوز عدد مستخدميها في الولايات المتحدة ضعف مستواه في 2019 وبلغ 12 مليوناً في يونيو، مقابل إجمالي مستخدمي منصات القصص المصورة الرقمية التابعة لشركة "نافير" وعددهم 86 مليون مستخدم.

"نتفلكس" تخترق آسيا من بوابة الأفلام الكورية

في البداية، أمدت "نافير" منصتها في الولايات المتحدة بمحتوى كوري أخضعته للتعديل بحيث يلائم ذوق الجمهور الأميركي، لكنها وظفت أيضاً مؤلفين غير كوريين لكتابة قصص تناسب ذوق القراء على مستوى العالم.

قال كيم جونكو، الرئيس التنفيذي لشركة "ويبتون إنترتينمنت"، إن الشركة تخطط لإدراج أسهم "ويبتون إنترتينمنت" في أسواق المال الأميركية: "يمكنك القول إننا اختبرنا هذا النشاط التجاري في سوقنا المحلية. واضح أنه نموذج ناجح".

ماذا عن الأرباح؟

مع ذلك، ما تزال تابعة "نافير" لا تجني أرباحاً. فقد أخبر مسؤولوها التنفيذيون المستثمرين خلال مكالمة عن بعد في 8 مايو لمناقشة الأرباح، أنهم كانوا يخفضون التكاليف ويهدف ذلك جزئياً للتمهيد لإدراج أسهمها في أسواق المال الأميركية، وأنهم يتوقعون إنجاز ذلك في العام المقبل.

وصف المسؤولون التنفيذيون جهودهم لجني الأرباح من منصة القصص المصورة الرقمية عبر الإعلانات بأنها في بداياتها، وقالوا إنهم يتوقعون أن تحقق أرباحاً بحلول نهاية العام، باستثناء بعض نفقاتها.

يمكن لمنصة "ويبتون إنترتينمنت" تحقيق الأرباح عبر تسويق إنتاجها من المسلسلات التليفزيونية والأفلام أو صفقات الترخيص الأخرى، فضلاً عن رسوم الاشتراكات والإعلانات. شكلت سلسلة "لور أوليمبوس" من إبداع ريتشيل سمايث، وهي معالجة حديثة للأسطورة اليونانية التي تدور حول اختطاف بيرسيفوني، واحدة من أكبر نجاحات "ويبتون إنترتينمنت". تحول الإصدار، الذي تجاوزت حلقاته 200 حلقة، إلى رواية مصورة حصدت مجموعة من الجوائز، كان أبرزها تصدر قائمة صحيفة "نيويورك تايمز" للروايات الأكثر مبيعاً في فئتها.

فازت سلسلة "لور أوليمبوس" بجائزة "هارفي" لأفضل كتاب رقمي عن عامي 2021 و2022 على التوالي، إضافة إلى جائزة "أيسنر" لأفضل قصة مصورة رقمية في 2022. قال سون يو هو، المؤلف الكوري الذي احترف كتابة القصص المصورة الرقمية تقريباً منذ بداية ظهورها، إن نجاح سلسلة "لور أوليمبوس" يبرز إمكانات نمو المنصة الإعلامية في الولايات المتحدة . قال المؤلف الكوري: "عندما تنمو السوق، ستتمدد بشكل هائل، ربما إلى حد يفوق تصوري".

جاذبية عالمية

تابع سون قوله إن الطبيعة الاجتماعية السريعة للقصص المصورة الرقمية تجذب المستخدمين الشباب الذين نشؤوا وأنظارهم لا تحيد عن شاشات هواتفهم بدلاً من قضاء فترة ما بعد الظهيرة في مكتبات القصص المصورة.

غالباً ما يبادر القراء لمشاركة آرائهم بشأن الحلقات الجديدة على الفور عبر التعليق، إما من خلال تطبيقات مخصصة لنشر الحكايات المصورة الرقمية أو تلك المخصصة للقراءة بوجه عام.

أضاف الكاتب الكوري: "إنها صناعة شديدة الحساسية لأحدث اتجاهات السوق. الأمر الذي قد يجعل هذه المنصة بمثابة نقطة انطلاق لثقافة المحتوى بأسرها".

تعمل "ويبتونز إنترتينمنت" أيضاً على تعزيز أشكال أخرى من الثقافة الكورية التي تحظى بجاذبية عالمية. تعد سلسلة "كلنا موتى" من إنتاج "نتفلكس" أحد أنجح الأعمال غير الناطقة بالإنجليزية على المنصة، وفقاً لعدد ساعات المشاهدة خلال أول 28 يوماً من عرضها.

يذكر أن مسلسل "هيل باوند" (Hellbound) كان في البداية قصة مصورة رقمية. أعلنت شركة "نتفلكس" في 25 أبريل أنها ستعزز استثماراتها، التي بدأتها في كوريا الجنوبية في 2016، عبر إنفاق 2.5 مليار دولار على المحتوى الكوري على مدى أربع سنوات.

"سكويد غيم" يحقق أعلى مشاهدات في تاريخ مسلسلات "نتفلكس" الأصلية

يشكل ذلك رهاناً جيداً بالنظر إلى أن سلاسل الحكايات المصورة الرقمية ستدخل في نطاق هذا الالتزام بالتوسع في الاستثمارات. قدر وودي لي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "كيناز" لإنتاج القصص المصورة الرقمية، أن نحو 30% من الأعمال الدرامية قيد الإعداد في كوريا الجنوبية قائمة على الفئة الإبداعية سالفة الذكر.

قال لي إن المنتجين المحليين والعالميين يرون أن رواج الحكايات المصورة الرقمية دليل على أن لديها جمهور متأصل قادر على زيادة فرص نجاحها. قال الرئيس التنفيذي لشركة "كيناز": "أرى كثيراً من الأضواء الخضراء تلوح من هوليود إيذاناً بالمضي قدماً" في إنتاج محتوى قائم على هذه الفئة الإبداعية.