الدولة الآسيوية تفوقت على الصين ويعيش بها خمس البشرية أو ما يعادل 1.4 مليار شخص
تفوقت الهند على الصين كأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة. وفي ظل وجود 2.4% من كتلة الأراضي اليابسة عالمياً بها تقريباً، أصبحت الدولة الآن موطناً لما يقرب من خُمس البشرية (ما يزيد عن 1.4 مليار شخص) أو ما يعادل أكثر من إجمالي سكان الأميركتين أو أفريقيا أو أوروبا.
بالطبع، لا تزال مثل هذه المقارنات تنطبق أيضاً على الصين، التي تتميز أيضاً بأن حجمها يبلغ ثلاثة أضعاف الهند. لكن سكان الهند يقعون في فئة الشباب نسبياً ويتزايدون، في حين أن سكان الصين يتقدمون في العمر وتقل أعدادهم. وتفرض مثل هذه التحولات الديموغرافية تحديات اقتصادية واجتماعية جمّة أمام الدولتين الآسيويتين العملاقتين، اللتين تكافحان من أجل التكيف مع هذه التغيرات.
تجاوز عدد سكان الهند 1.4286 مليار نسمة، وهو رقم أعلى قليلاً من نظيره في الصين البالغ 1.4257 مليار نسمة، وفقاً لتقديرات منتصف 2023 التي أحصاها مؤشر التعداد السكاني التابع للأمم المتحدة.
أجرت الهند آخر تعداد سكاني في 2011، وأجلت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي التعداد الذي يجري مرة كل عقد في 2021 بسبب الاضطرابات الناتجة عن وباء كوفيد. ولم يكن هناك ما يشير إلى موعد استئناف الجهود الضخمة والمعقدة لإحصاء سكان الدولة الواقعة في جنوب آسيا، لذا؛ فالبيانات الحالية تستند إلى مجرد تقديرات وتوقعات. كما أضافت الهند حوالي 23 مليون طفل تقريباً في 2022، على الرغم من تباطؤ معدل المواليد – الذي يعني عدد المواليد الأحياء لكل 1000 من السكان- إلى 19.7 في 2019 مقارنة بـ24.1 في 2004. ويستمر عدد سكان البلاد في النمو وإن كان بوتيرة أبطأ.
في العام الماضي، سجّلت الصين نحو 9.56 ملايين مولود جديد فقط، وهو أدنى مستوى منذ 1950 على الأقل. وبسبب تسجيل مزيد من الوفيات، انخفض عدد السكان هناك للمرة الأولى منذ الستينيات. ومن المتوقع أن تستمر الهند في زيادة المواليد حتى يصل عدد سكانها إلى الذروة في السنوات القليلة التالية لعام 2060، في حين أنه من المتوقع انخفاض عدد السكان في الصين بشكل متواصل.
تظهر بيانات الأمم المتحدة أن الهند ليس لديها عدد مواليد متزايد فحسب، بل تتمتع أيضاً بواحد من أصغر متوسطات أعمار السكان على مستوى العالم. فأكثر من نصف سكانها تقل أعمارهم عن 30 عاماً، ويبلغ متوسط أعمارهم 28 عاماً. يقارن ذلك بحوالي 38 عاماً في كل من الولايات المتحدة والصين. ويمكن أن تلعب ميزة الشباب هذه دوراً مهماً في إطلاق العنان للنمو الاقتصادي.
في ظل وجود أكثر من ثلثي سكانها في سن العمل - بين 15 و 64 عاماً- يمكن للهند إنتاج واستهلاك المزيد من السلع والخدمات، ودفع الابتكار ومواكبة التغيرات التكنولوجية المستمرة. لكن هذا الأمر مرهون بتوفير العدد الهائل من الوظائف التي تحتاجها أثناء انتقالها إلى الاقتصاد الصناعي، بعيداً عن التركيز على الزراعة. كان مودي، الذي من المتوقع أن يسعى للحصول على فترة ثالثة في الحكم خلال العام المقبل، يضغط من أجل تحسين حصة التصنيع في الاقتصاد إلى 25% مقارنة بنسبة 14% التي لا تستطيع البلاد تجاوزها حالياً.
تواجه الهند العديد من التحديات فهي بحاجة إلى معالجة المشاكل الأساسية للفقر والجوع وسوء التغذية بشكل فعال، وتوفير صحة وتعليم أفضل، وتشييد البنية التحتية، وجعل القرى والمدن صالحة للعيش.
في السبعينيات من القرن الماضي، بدأت حكومة الهند في الترويج بشكل جاد لفكرة تحديد النسل. وأصبح الشعار الهندي - "هم دو، هومار دو" – الذي يعني بالعامية الهندية "زوج وزوجة وطفلين" –والذي ظهر لأول مرة في الخمسينيات - منتشراً في كل مكان من الإعلانات على محطات التلفزيون والإذاعة الحكومية وحتى الصحف والمجلات. تم توفير عمليات العقم للإناث وقطع القناة الدافقة للرجال ووسائل منع الحمل بثمن بخس أو مجاناً من خلال المستشفيات والعيادات الحكومية.
لهذه الأسباب.. تغير المناخ هو الخطر الأكبر على تطور البشرية
في السنوات الأخيرة، اختفى هذا البرنامج تدريجياً، ولكن ربما كان له تأثير، حيث أظهرت بيانات البنك الدولي أن معدلات الخصوبة بدأت بالفعل في الاتجاه نحو الانخفاض في الستينيات، وانخفضت الآن إلى مستوى "2"، أي أقل بقليل من مستوى الخصوبة البالغ "2.1" طفل لكل امرأة، وفقاً لبيانات حكومية. وتوقعت الأمم المتحدة أن يصل عدد سكان الهند إلى 1.668 مليار نسمة بحلول 2050.
على الجانب الآخر وفي الصين، كانت البلاد تتقلب على مر السنين بين سياسات الحد من المواليد إلى تشجيع إنجاب المزيد، خوفاً من التداعيات الاقتصادية لتقلص القوى العاملة. وتوقعت الأمم المتحدة في وقت سابق أن يبلغ عدد سكان الصين 1.317 مليار شخص بحلول 2050.
بغض النظر عن تفاخر الهند بلقب الدولة الأكثر سكاناً في العالم، فإن الوضع الجديد للبلاد ليس فقط باعتبارها أكبر دولة ديمقراطية في العالم، ولكن أيضاً الأكثر اكتظاظاً بالسكان، يمكن أن يعزز مطالبتها بمقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. (خمس دول فقط تتمتع بهذا الوضع الآن، هم: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وروسيا والصين).
كيف سيتغير العالم بعد بلوغ عدد سكانه 8 مليارات نسمة؟
كما تستخدم الهند بالفعل قوتها السوقية المتزايدة لترسيخ مكانتها كلاعب جيوسياسي مهم على الساحة الدولية، وتبني علاقات قوية مع الولايات المتحدة واليابان وأستراليا ضمن منظومة دول الحوار الأمني الرباعي، وترسم أيضاً مساراً خاصاً بها للسياسة الخارجية. وأحجمت عن الانضمام إلى العقوبات العالمية ضد روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا واستمرت في شراء الخام الروسي الرخيص.