ترمب يحكم قبضته على الحزب الجمهوري في ظل كثرة المرشحين

رغم إخفاقه في التعامل مع الجائحة والانقلاب الفاشل في 6 يناير.. ما يزال ترمب هو الرئيس الذي يريده الناخبون

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب المصدر: غيتي إيميجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يبدو الناخبون الجمهوريون غير مستعدين للتخلي عن دونالد ترمب، حتى لو كان متبرعو الحزب والاستراتيجيون السياسيون يفضّلون أي مرشح آخر تقريباً.

بدا ذلك جلياً في منتصف أبريل في مدينة مانشستر بولاية نيو هامبشير، حيث تجمهر حشد صغير من أشد مناصري ترمب تمسكاً به في الناحية المقابلة من أحد الفنادق بوسط المدينة حيث كان مقرراً أن يُلقي حاكم ولاية فلوريدا رون دي سانتيس خطاباً. لوّح الحشد بأعلام كبيرة الحجم تحمل شعار "ترمب 2024"، فيما استخدمت بعض السيارات المارة أبواقها تعبيراً عن تأييدها.

عبّر الحشد عن إخلاصه لترمب، الذي زادت شعبيته بسبب قرار المدعي العام لمقاطعة مانهاتن، قبل أسابيع، توجيه تهم له بتزوير سجلات تجارية. قالت باولا جونسون، وهي وكيلة عقارات تعمل قرب مدينة ناشوا: "ترمب رجل أعمال وليس سياسياً، وهو ليس طرفاً في الدولة العميقة، ولذلك يكرهونه بشدة. كانت لائحة الاتهامات تلك أكبر مزحة في العالم".

كان ترمب ما يزال هو الرئيس الذي يريده الناخبون في البيت الأبيض، رغم إخفاقه في التعامل مع الجائحة والوثائق السرية والانقلاب الفاشل في 6 يناير وذلك العشاء في مارالاغو مع أحد مشاهير المؤمنين بتفوق العرق الأبيض.

قالت جينيفر هورن، الرئيسة السابقة للحزب الجمهوري في نيو هامبشير بين 2013 و2017، لكنها الآن مستقلة وتخطط للتصويت لصالح الرئيس جو بايدن: "خلق ترمب حركة وأبدى استعداداً لأن يقاتل بلا وازع كلما اقتضى الأمر في كل معركة حتى نهايتها. أضحت البنية التحتية للحزب معتمدة على ترمب لجمع المال وتنشيط قاعدة الناخبين لدرجة أنَّ التخلي عنه أصبح غير ممكن".

أبرز المرشحين

مما يثير دهشة الليبراليين واستياء بعض عتاة الجمهوريين أنَّ ترمب ما يزال أبرز المرشحين للفوز بترشيح الحزب الجمهوري بفارق كبير، متفوقاً على دي سانتيس، الذي يُعد أقرب منافسيه، بنحو 36 نقطة مئوية، وفقاً لأحد متوسطات استطلاعات الرأي الأولية الذي تقدمه "ريل كلير بوليتيكس" (RealClearPolitics). تقل نسبة تأييد كل المرشحين الآخرين في ساحة المنافسة في الحزب الجمهوري، بمن فيهم نائبه السابق، عن 10% في استطلاعات الرأي.

المرشحون المحتملون للرئاسة الأميركية.. من يواجه ترمب؟

مثلما كان الحال في 2016، فإن ترمب يسرق الأضواء في المشهد السياسي بين الجمهوريين، فقد ابتكر ترمب أسماء مستعارة لرون دي سانتيس، مثل "رون دي سانكتيمونيوس"، وهي تورية تلمح إلى النفاق. وتمكن من جعل اللقاء الذي نظمته "سي إن إن" أمام جمهور شديد التأييد انتصاراً. بل إنَّ ترمب تمكن من تصوير نفسه على أنه مرشح من خارج المؤسسة، رغم أنه تولى الرئاسة لأربعة أعوام قبل أن ينضم دي سانتيس رسمياً للسباق الرئاسي في 24 مايو.

قال نيوت غينغريتش، رئيس مجلس النواب السابق الذي يعمل مستشاراً غير رسمي لترمب: "يسهل نسيان أنه سياسي محنك بشكل استثنائي. في 2016، تنافس مع 16 شخصاً وتغلب عليهم. لم يحقق أي شخص ترشح أمام ترمب إنجازاً كبيراً"

أوضح غينغريتش أنَّ ترمب كان شخصية قومية لفترة طويلة جداً، بصفته مطوراً عقارياً ونجماً في تلفزيون الواقع وسياسياً، بما يتيح له فهم كيفية جذب الانتباه وتحريك الدورات الإخبارية بطريقة لا يفهمها اللاعبون الجدد في ساحة مرشحي الحزب الجمهوري. قال غينغريتش عن ترمب: "إنه يفهم اللعبة ويلعبها بتركيز شديد وبلا هوادة بشكل يصعب على العقل تصديقه".

مزيد من الدعم

بعد إعلان قائمة الاتهامات التي وجهها المدعي العام لمقاطعة مانهاتن لترمب، اضطر منافسوه للتعبير عن دعمهم له لتفادي الإساءة إلى قاعدة مؤيديه، وهم نحو 30% من الناخبين الجمهوريين الذين قال عنهم ترمب مازحاً إنهم سيصوتون له حتى لو أطلق النار على شخص ما في قلب الجادة الخامسة في نيويورك.

لا يُبدي أولئك الموالون ما يدل على تخليهم عن ترمب مع بداية السباق الرئاسي لعام 2024، ذلك إلى جانب أنَّ كثرة عدد المرشحين المتنافسين في الحزب الجمهوري، وهو ما سيشتت الأصوات، سيكون في صالح ترمب.

قد يحقق أحد المرشحين الجمهوريين نجاحاً على مدى الأشهر الستة المقبلة ويشكل تحدياً حقيقياً لترمب، أو قد تقلب متاعبه القانونية السباق الرئاسي رأساً على عقب. لكن في الوقت الحالي، تتصرف حملة ترمب وكأنه المرشح الحتمي، إذ أنها تبدأ بتغيير مسارها لانتقاد بايدن مباشرة في قضايا التضخم والجريمة والهجرة.

يعتزم المستشارون أيضاً التركيز على سجل ترمب في الضرائب والتجارة، إلى جانب اختياراته لقضاة المحكمة العليا، كجزء من رسالتهم للانتخابات في 2024.

كيف تؤثر مشكلات ترمب القانونية على ترشحه للرئاسة في 2024؟

يتعامل موظفو ترمب بمهنية ونظام أكثر بكثير في 2023 مما كان الوضع عليه في 2016، وبشكل يتسم بمزيد من التماسك أيضاً. بدلاً من الخلافات الداخلية، هناك تركيز على سبل تحقيق الفوز في انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية، إذ تسعى الحملة للفوز بتأييد أعضاء الكونغرس والمندوبين وقيادات الحزب في الولايات التي سيجري فيها التصويت مبكراً.

يأمل منافسون مثل تيم سكوت، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ساوث كارولينا، ودي سانتيس في شق طريقهم في ولاية أيوا بين الناخبين الإنجيليين، الذين لم يدعم بعضهم ترمب على الإطلاق. خسر ترمب في المؤتمرات الحزبية في ولاية أيوا خلال 2016 أمام عضو مجلس الشيوخ عن ولاية تكساس تيد كروز.

بشائر وعقبات

قال كريغ روبنسون، المدير السياسي السابق للحزب الجمهوري بولاية أيوا: "ما يزال ترمب يحقق نتائج جيدة في استطلاعات الرأي بولاية أيوا. لكن إذا كنت ناخباً جمهورياً يرغب في اختبار الناخبين، ستجد فرصاً كثيرة لذلك في هذه الولاية. لا ينطبق ذلك إن كنت تعيش في جورجيا أو ألاباما"، وذلك لأن ترمب ربما يكون قد ضمن الترشح بحلول الوقت الذي تعقد فيه تلك الولايات الانتخابات التمهيدية.

إذا تمكن ترمب من الفوز بترشيح الحزب الجمهوري، فسيواجه عقبات في الانتخابات العامة أثناء محاولته كسب المستقلين والناخبين ممن يعيشون في الضواحي، الذين ابتعد كثير منهم عن الحزب الديمقراطي في الانتخابات النصفية بسبب موقف الحزب المتشدد من الإجهاض ومن إصرار ترمب على فوزه في انتخابات 2020.

أفول نجم ترمب يبدو محالاً

لا يُبدي هؤلاء الناخبون علامات قوية على العودة لدعم الحزب الجمهوري، لذا يخطط فريق ترمب لبذل الجهد والاستعانة بالموارد لجذب شرائح من الناخبين ليست جزءاً من قاعدته، مثل السود وذوي الأصول الإسبانية من الناخبين.

في نهاية الأمر، ستتوقف نتائج انتخابات 2024 على الناخبين في ضواحي المدن والبلدات في ولايات أريزونا وجورجيا وبنسلفانيا وويسكونسن، وهي تجمعات ضئيلة قد تحسم مسار الانتخابات الوطنية في حالة الاستقطاب الشديد تلك.

قال دوغ سوسنيك، وهو مستشار أول سابق للرئيس بيل كلينتون إنَّ ترمب "ضد ما يؤمن به هؤلاء الناخبين في الضواحي". لكن انتقاد بايدن بلا هوادة بشأن الاقتصاد والهجرة وتحقيق تقدم مع مجموعات تدعم الديمقراطيين عادةً قد تكون استراتيجية ناجعة.

قال سوسنيك: "يعتقد كلا الحزبين أنَّ سر النجاح هو أن يكون مرشحه أقل إثارة للاعتراض من مرشح الحزب الآخر".