انتعاش مفاجئ يجتاح السندات السيادية الأعلى مخاطرة في العالم

أداء فائق للسندات الحكومية المصدرة بالدولار ذات التصنيف غير الاستثماري من السلفادور إلى نيجيريا وتركيا في يونيو

ترام يمر بين المتسوقين في شارع الاستقلال في إسطنبول، تركيا
ترام يمر بين المتسوقين في شارع الاستقلال في إسطنبول، تركيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تشهد السندات السيادية الأعلى مخاطرة في العالم انتعاشاً واسع النطاق، حيث يسعى مستثمرو "وول ستريت" لتحقيق عوائد مرتفعة من البلدان التي تظهر بوادر على التحول إلى سياسات منسجمة مع متطلبات السوق.

تفوق أداء السندات الحكومية المصدرة بالدولار ذات التصنيف غير الاستثماري من السلفادور إلى نيجيريا وتركيا خلال يونيو، حيث يتخذ مديرو الاستثمار رهانات محفوفة بالمخاطر مقابل الحصول على عوائد كبيرة.

السؤال المطروح الآن هو ما إذا كان بإمكان السياسات التقليدية أن تستمر في جذب رؤوس الأموال بينما تؤكد البنوك المركزية الكبرى التزامها بخفض التضخم.

قال زايس لو، مدير استثمار لدى "ناينتي وان يو كيه" (Ninety One UK): "هذه النوعية من الأصول ما يزال أمامها فرصة ومجال كبير للارتفاع"، في إشارة إلى السندات السيادية مرتفعة العائد.

أضاف: "غير أن المرحلة التالية من الصعود ربما تكون أشد صعوبة، حيث ما يزال هناك عدم يقين فيما يتعلق بكيفية مواجهة الأصول الخطرة استمرار النقص في السيولة عالمياً".

عانت أصول الأسواق النامية، حتى بدأ هذا النوع من الارتفاع الذي توقعه المحللون خلال 2023، حيث فقد التعافي الاقتصادي قوته في الصين، وأبقى كبار المسؤولين عن السياسة النقدية أسعار الفائدة مرتفعة.

في غضون ذلك، ارتفع عدد حالات التخلف عن السداد لدى حكومات البلدان الناشئة إلى مستوى قياسي- مما أدى إلى بذل جهود كبيرة لتسريع عملية إعادة هيكلة الديون السيادية.

عودة بريق سندات الأسواق الناشئة بأقوى وتيرة منذ 17 عاماً

هذا الوضع يجعل تفوق أداء السندات مرتفعة المخاطر حدثاً بارزاً خلال الشهر الجاري.

ارتفعت الديون ذات العوائد العالية التي أصدرتها الأسواق الناشئة نحو 3% منذ بداية يونيو، وجاءت أكبر المكاسب من البلدان صاحبة السندات عالية المخاطرة والمصنفة عند "CCC".

التحول إلى سياسات أكثر تقليدية

في غضون ذلك، لم تتغير سندات الدول ذات التصنيف الاستثماري منذ بداية يونيو.

قال بريندان ماكينا، المحلل لدى مصرف"ويلز فارغو" في نيويورك: "لقد أدى التحول إلى سياسات أكثر تقليدية ومنسجمة مع السوق إلى تفوق أداء السندات السيادية في الآونة الأخيرة" في دول مثل تركيا ونيجيريا وغيرها.

أضاف: "هذا اتجاه يمكن أن يستمر في مختلف الأسواق الناشئة في المستقبل".

ارتفعت سندات نيجيريا عندما شرع الرئيس بولا تينوبو في تطبيق سلسلة من الإجراءات المالية الجريئة وتحرير سعر صرف العملة وإلغاء دعم الوقود المطبق منذ عقود وباهظ التكلفة.

تلا ذلك ارتفاع السندات في تركيا أيضاً، حيث عيّن الرئيس التركي المعاد انتخابه حديثاً، رجب طيب أردوغان اثنين من المصرفيين السابقين في وول ستريت لإدارة الشؤون المالية للبلاد، مما أثار التفاؤل باتباع نهج أكثر تقليدية.

ارتفعت السندات الكينية المصدرة بالدولار لأجل 2024 إلى 94.5 سنت لكل دولار، يوم الجمعة، بعد أن ذكرت "بلومبرغ" أن الحكومة تدرس إعادة شراء بعض الديون من السوق.

قبل شهرين فقط، أظهر المستثمرون قلقاً من أن تضطر كينيا إلى إعادة هيكلة الديون، بعد دول أفريقية أخرى بما في ذلك غانا وزامبيا.

حتى أن الأرجنتين المتخلفة عن سداد ديونها شهدت ارتفاعاً في سنداتها المصدرة بالدولار خلال يونيو، حيث يتأهب المستثمرون لإجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في البلاد.

استبعد الرئيس ألبرتو فرنانديز الترشح لإعادة انتخابه مع ارتفاع التضخم فوق 100% ونفاد السيولة المالية لدى خزينة الدولة، مما يفتح الباب أمام تولى إدارة جديدة زمام الأمور ذات أولويات منسجمة مع السوق.

إثارة القلق بشأن الاقتصاد العالمي

في الوقت نفسه، يتصاعد الجدل في "وول ستريت" حول كيفية تداول سندات الأسواق الناشئة المحفوفة بالمخاطر، حيث تواصل البنوك المركزية الرئيسية موقفها المتشدد في مجال السياسة النقدية.

أشار كل من الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي إلى ضرورة مواصلة رفع أسعار الفائدة لكبح التضخم، مما أدى إلى إثارة القلق بشأن المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي.

رجح زايس لو، مدير استثمار لدى "ناينتي وان يو كيه" أن يبحث المستثمرون في أصول الأسواق الناشئة ذات العوائد المرتفعة عن أدلة تفيد بإمكانية تجنب أن يحدث ركود عميق ومؤلم.

لكن مايزال هناك أيضاً احتمال لما يسمى بالهبوط السلس في الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي، والذي من شأنه جذب تدفقات رؤوس أموال المستثمرين إلى الأسواق الناشئة، وفقاً للمحللين الاقتصاديين روبن بروكس وجوناثان فورتون من "معهد التمويل الدولي".

استفادت السلفادور، على سبيل المثال، من التحول الأوسع في شهية المخاطرة من جانب المستثمرين الأجانب خلال الأسابيع القليلة الماضية، وفقاً لـ"سيوبان موردن"، العضو المنتدب لاستراتيجية الدخل الثابت في أميركا اللاتينية لدى "ستاندر يو إس كابيتال ماركتس"

( Santander US Capital Markets LLC).

تقييم المخاطر

بالطبع، المخاطر ملازمة للاستثمار في السندات. ما يزال العديد من هذه السندات يتداول عند المستويات التي يعتبرها المستثمرون متعثرة أو بالقرب منها - وبالتالي فهي معرضة بشكل أكبر لخطر التخلف عن السداد في نهاية المطاف.

السندات المصدرة بالدولار من 16 سوقاً ناشئة يجري تداولها عند مستويات متعثرة لا تقل عن 10 نقاط مئوية فوق سندات الخزانة الأميركية، وفقاً لبيانات جمعها مؤشر "بلومبرغ".

ما تزال السندات المصرية المصدرة بالدولار منخفضة بنحو 10% منذ بداية 2023، حتى بعد صعودها في يونيو. يكافح اقتصاد مصر للتعافي من أثار الجائحة وتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، حتى بعد إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي وخفض قيمة العملة المحلية(الجنيه).

لكن هذا لا يثني سونال ديساي، كبيرة مسؤولي الاستثمار في شركة "فرانكلين تمبلتون" لأدوات الدخل الثابت، التي أشارت إلى قيمة السندات.

قالت ديساي:"أود أن أشير إلى أن الأسواق الواعدة ستواجه المخاطر دائماً.. لكننا ما زلنا نجد فرصاً جذابة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن بعض التقييمات مرتفعة للغاية".

أحداث جديرة بالمتابعة

يتابع المتعاملون عن كثب تحركات البنك المركزي التركي. تتوقع "بلومبرغ إيكونوميكس" أن يقفز معدل الفائدة الرئيسي إلى 15% من 8.5% حالياً. رفع الفائدة على الليرة التركية بمقدار 650 نقطة أساس (6.5 نقطة مئوية) من شأنه أن يشير إلى بداية الابتعاد عن الموقف النقدي التيسيري.

من المتوقع أن تخفض البنوك التجارية الصينية أسعار الفائدة التفضيلية على الإقراض لمواجهة ضعف البيانات الاقتصادية خلال مايو.

لكن الاقتصاديين الذين شملهم مسح أجرته "بلومبرغ" يقولون إن هناك حاجة إلى مزيد من التحفيز لإعادة الانتعاش إلى مساره.

من المرجح أن يبقي البنكان المركزيان في الفلبين وإندونيسيا على أسعار الفائدة الحالية لديهما دون تغيير. وسوف تعلن سنغافورة وماليزيا عن بيانات التضخم.

في البرازيل، سوف يراقب المتعاملون قرار السياسة النقدية للبنك المركزي ويتوقع المحللون أن يخفف المسؤولون من حدة التشديد النقدي في البيان الصادر بعد الاجتماع.

من المتوقع أن يبقي محافظا البنك المركزي في المكسيك وتشيلي على أسعار الفائدة القياسية في اجتماعاتهما خلال يونيو دون تغيير، حيث يواصل التضخم اتجاهه الهبوطي.