هل ركود الاقتصاد الأميركي لا يزال محتملاً.. الإجابة نعم

الاقتصاد أكثر عرضةً الآن لصدمات مستقبلية وتوقعات "الهبوط السلس" تبدو سابقة لأوانها

رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول
رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول المصدر: بلومبرغ
Allison Schrager
Allison Schrager

Allison Schrager is a Bloomberg Opinion columnist. She is a senior fellow at the Manhattan Institute and author of "An Economist Walks Into a Brothel: And Other Unexpected Places to Understand Risk."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قولوا عليّ مؤمن بالخرافات أو متناقض أو ربما مجرد مسوّف، لكن القلق بشأن الوقوع في براثن الركود بدأ يستبد بي الأسبوع الماضي. كان ذلك عندما قطع أحد المعلّقين البارزين بأنه لن يكون هناك ركود في الأشهر الستة المقبلة، في حين أعلن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو أن الولايات المتحدة على الطريق الذهبي للحد من التضخم.

يستحيل أن أكون الشخص الوحيد الذي يعتقد بأن هذا يبدو وكأنه مصير محتوم، أو على الأقل جولة أخرى من عناوين على شاكلة "لماذا لم يتوقع الاقتصاديون هذا الركود؟". غير أن الأنكى هو أن هذه التنبؤات تبدو سابقة لأوانها ويصعب التوفيق بينها وبين بعض البيانات.

التضخم لا يزال مرتفعاً

بادئ ذي بدء، التضخم لا يزال مرتفعاً، فقد هبط من ذروته البالغة 8.9 إلى 3%. لكن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قال إنه لن يوقف سياسته الساعية لتهدئة نمو الاقتصاد، أو بعبارة أخرى "الهبوط السلس"، إلى أن يصل التضخم إلى 2%، لذا فمن شبه المؤكد أن تستمر أسعار الفائدة في الارتفاع.

دائماً ما كانت هناك أسباب للاعتقاد بأن التغلب على المرحلة الأخيرة المتبقية من التضخم ستكون الأصعب. صحيح أن بعض هذا التضخم المرتفع في بادئ الأمر كان مؤقتاً، بسبب اضطرابات سلاسل التوريد والإفراط في الإنفاق الحكومي وإنفاق المستهلكين بعد الجائحة مما وفروه خلالها، لكن كل هذه العوامل تراجعت وتلاشى التضخم بينما ظلت العمالة قوية. أما ارتفاع الأجور وأسعار الخدمات، فهو أكثر رسوخاً وتغلغلاً في الاقتصاد. قد يتطلب خفض هذا التضخم رفع أسعار الفائدة لفترة أطول، أو حتى البطالة.

أبرز 5 استنتاجات من تقرير التضخم الأميركي لشهر يونيو

يتعين الوضع في الاعتبار أن أثر رفع أسعار الفائدة لم يتسلل بعد إلى مفاصل الاقتصاد وأركانه، خاصة في قطاعات مثل العقارات التجارية. فلا تزال الشركات ومطورو العقارات التجارية ينعمون بفائدة منخفضة على قروضهم حصلوا عليها قبل بضع سنوات. ومع ذلك، سيتعين على هذين القطاعين في العام أو العامين المقبلين إعادة تمويل القروض بمعدلات فائدة أعلى بكثير.

وضع صعب ينتظر الشركات

على صعيد الشركات، ثمة احتمال بأن بعضها لا يزال يسيّر أموره بفضل معدلات الفائدة المنخفضة في العقد الماضي، لكنها لن تكون قادرة على تحمل المعدلات الأعلى وستغلق على أثر ذلك. شركات أخرى قد تكون في وضع أفضل، بيد أنه سيتحتم عليها تسريح عمال في بيئة تتسم بضعف الطلب وارتفاع أسعار الفائدة. الصورة بالنسبة للعقارات التجارية تبدو أسوأ، فبنايات وسط المدن لا تزال غير ممتلئة، وقيمة العقارات المكتبية وعقارات التجزئة لم تعد مثلما ما كانت من قبل. وبمجرد زيادة أسعار الفائدة، ربما ينسحب بعض مالكي العقارات من السوق. قد لا يكون هذا جزءاً كبيراً من الاقتصاد. لكن له آثاراً كبيرة على صناديق الأسهم الخاصة، وصناديق الاستثمار العقاري، وفي نهاية المطاف، صناديق التقاعد.

تراجع أرباح الشركات القياسي شاهد على ركود الاقتصاد الأميركي

لكن من يعلم؟ ربما نكون محظوظين. فتوقع حدوث ركود ضرب من الحماقة. ومع ذلك، هناك طريقة للحكم على مدى ضعف الاقتصاد في مواجهة الركود، وهي متابعة رد الفعل عندما يحدث شيء غير متوقع.

فالصدمات السياسية والاقتصادية والمالية والفيروسية، شائعة إلى حد ما. ويجب توقع البعض، مثل انهيار العقارات التجارية، بينما يأتي البعض الآخر من حيث لا يدري أحد أو يتوقع، مثل ارتفاع أسعار النفط جراء الحرب في أوكرانيا. في بعض الأحيان، يمكن للاقتصاد أن يتحمل صدمة دون حدوث ركود، مثلما فعلت الولايات المتحدة مع مصرف "سيليكون فالي بنك". ومسألة تردد صدى صدمة في أنحاء النظام من عدمه، أو ما إذا كانت تُحدث ضرراً كافياً لإحداث ركود، فكلها أمور على مدى متانة الاقتصاد ومرونته.

أسباب تدعو للقلق

حتى إذا تمكنت الولايات المتحدة من تجنب الركود هذا العام، فهناك أسباب تدعو للقلق من أن الاقتصاد أصبح أكثر عرضة للخطر الآن مما كان عليه قبل عام، أو حتى في عام 2019. فالميزانيات العمومية للأسر أضعف بكثير بعد ارتفاع التضخم لسنوات وانخفاض الأجور الحقيقية. كما أن الديون المستحقة على بطاقات الائتمان مرتفعة. في حين أن التضخم تراجع، فلا تزال حالة عدم اليقين إزاءه كبيرة، مما يعني ارتفاع عوائد السندات جراء زيادة علاوة المخاطر. لذا، فإنه حتى إذا خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في نهاية المطاف، فإن الشركات والمستثمرين سيواجهون تكاليف تمويل أعلى.

العريان: نظرية "الهبوط السلس" للاقتصاد الأميركي تكتسب زخماً

الأمر لا يتعلق فقط بالقطاع الخاص- فالحكومة الفيدرالية لديها مستويات ديون لم نشهدها منذ الحرب العالمية الثانية، مما قد يقوّض جهود مجلس الاحتياطي الفيدرالي لمكافحة التضخم ويلزمه برفع أسعار الفائدة. بل إن الأمر الأكثر إثارة للقلق ربما يكون الولايات والبلديات، التي دخلت الجائحة في وضع غير ملائم، ثم اعتادت على مستويات إنفاق أعلى من التي موّلتها مساعدات الحكومة الفيدرالية لتخفيف أثر الجائحة. وقد تواجه "لحظة حساب" في بيئة ذات معدلات فائدة أعلى، قد تضطرها إلى تسريح عمال أو تقليص خدمات.

لماذا أنا قلق؟

فلماذا أنا قلق من الركود؟ ليس الأمر أنني أعرف شيئاً لا يعرفه رئيس الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو.

في الواقع، أنا متأكد من أنني لست أعرف. من الواضح أن الاقتصاد أكثر عرضةً الآن لأي صدمات مستقبلية. وحتى لو كنا ماضين على "طريق ذهبي"، فإن كون الاقتصاد أكثر عرضة للخطر ليس انتصاراً كبيراً.