تدهور الروبل بعد تمرد "فاجنر" يمهد لرفع سعر الفائدة في روسيا

القرار سينهي أطول توقف مؤقت عن زيادة الفائدة.. والتمرد أدّى إلى زيادة تدفق الأموال إلى الخارج

المقر الرئيسي لبنك روسيا المركزي في موسكو
المقر الرئيسي لبنك روسيا المركزي في موسكو المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تستعدّ روسيا لأول زيادة لأسعار الفائدة منذ بدء التدابير الطارئة بعد غزو أوكرانيا قبل 17 شهراً تقريباً، إذ إن التراجع الحادّ المستمرّ في قيمة العملة يجبر البنك المركزي على ذلك.

دفع التمرد الفاشل (من قبل مرتزقة فاجنر) في شهر يونيو الروبل إلى مركز الاهتمام وفاقم الضغوط الناجمة عن تدهور التجارة الخارجية، لتصبح العملة الروسية إحدى أسوأ العملات أداءً هذا العام في الأسواق الناشئة. وإلى جانب التبعات الاقتصادية الناتجة عن الحرب، يشير تراجع قيمة العملة إلى توقعات أسوأ لزيادة الأسعار في المستقبل.

يعجّل ضَعف الروبل بالإطار الزمني للتشديد النقدي بعد شهور من تحذيرات البنك المركزي من أن رفع أسعار الفائدة كان في طريقه للحدوث، ردّاً على المخاطر التضخمية الناجمة عن الإنفاق الحكومي الكبير، والعقوبات القاسية، ونقص العمالة الناتج عن استدعاء الرجال للقتال في أوكرانيا.

يتوقع كل الخبراء الاقتصاديين –تقريباً- الذين استطلعت بلومبرغ رأيهم اتخاذ صانعي السياسات القرار يوم الجمعة، فيما تتراوح توقعات الزيادة بين 25 و75 نقطة أساس. كان بنك "غولدمان ساكس" هو الوحيد الذي خالف التوقعات، متكهناً بأن يبقى سعر الفائدة الأساسي عند 7.5%.

التمرد فاقم انخفاض الروبل

قالت تاتيانا أورلوفا من شركة "أوكسفورد إيكونوميكس" (Oxford Economics): "البيع الكثيف للروبل يقتضي دورة جديدة من التقشف النقدي".

وأضافت: "قد يكون التمرد أسهم بشكل غير مباشر في موجة البيع الكثيف بالتأثير في اختيار المصدّرين لما إذا كان عليهم بيع عائدات التصدير في السوق المحلية أو الاحتفاظ بها، أو زيادة وتيرة هرب رأس المال عبر قنوات أخرى".

التمرد المسلح لمرتزقة "فاجنر" الذي هدد سلطة الرئيس فلاديمير بوتين لفترة قصيرة، يحمل في طياته خطر التسبب في زيادة التدفقات النقدية الخارجة، في فترة يستنزف فيها تراجع أرباح الطاقة وانتعاش الواردات الاقتصاد والعملة الصعبة.

ضغوط الحرب تدفع روسيا إلى الإسراع في إصدار الروبل الرقمي

يُتوقع أن يستمر انخفاض الروبل في الأشهر المقبلة، إذ فقدت العملة الروسية نحو 18% من قيمتها هذا العام، وحدث ثُلث هذا التراجع بعد محاولة "فاجنر" الزحف إلى موسكو.

رغم أن محافِظة بنك روسيا المركزي إلفيرا نابيولينا وصفت سعر الصرف المرن للروبل بأنه "نعمة" على الاقتصاد، يؤدي تراجع العملة إلى ارتفاع أسعار الواردات بشكل أكبر، مع اقتراب مؤشر الزيادة السنوية في الأسعار من مستهدف البنك المركزي عند 4%.

أما توقعات التضخم للاثني عشر شهراً المقبلة، وهو مصدر قلق رئيسي للبنك المركزي، فتجاوزت 11% في يوليو، ما يشكل الارتفاع الأكبر في ما يزيد على عام.

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"

"من المتوقع أن يكون توجيه البنك المركزي متشدداً، ويشير إلى أن زيادات أخرى مطروحة للمناقشة في الاجتماع المقبل في سبتمبر. نتوقّع أن يصبح خطاب البنك المركزي أكثر تشدداً أو معتدلاً، اعتماداً على ما إذا كانت الزيادة على أساس سنوي في الإنفاق العامّ تتسارع أم تتباطأ عن مستوى 20% الذي أعلن عنه في النصف الأول من 2023"، حسب ألكسندر إساكوف، الخبير الاقتصادي المختص بالاقتصاد الروسي.

المستثمرون يتخلصون من الروبل

سيُنهي قرار رفع أسعار الفائدة أطول توقف مؤقت في أكثر من سبع سنوات قرره البنك المركزي، الذي لم يعدّل أسعار الفائدة منذ 6 جولات من التيسير النقدي انتهت في سبتمبر. فكانت آخر مرة رفع فيها البنك سعر الفائدة الأساسي بعد الغزو بأيام مع رفعها الطارئ إلى 20%، وهو المعدل الأعلى في عقدين تقريباً، بعد أن ضربت العقوبات الدولية غير المسبوقة الاقتصاد والأصول الروسية.

ماذا بعد مصادرة روسيا أصول "دانون" و"كارلسبيرغ"؟

نظراً إلى عدم اليقين المحيط بمعدل التضخم وسعر الصرف، باع المستثمرون مؤخراً كميات كبيرة من السندات الحكومية المقومة بالروبل في ظلّ توقع بتغير محوري في السياسة النقدية.

من المتوقع أن تستمرّ الضغوط السعرية مرتفعة في معظم النصف الثاني من العام الجاري، لتتيح فرصة لمزيد من الزيادات في أسعار الفائدة في اجتماعات السياسة النقدية الثلاثة المقبلة، حسب صوفيا دونيتس، الخبيرة الاقتصادية لدى "رينيسانس كابيتال" (Renaissance Capital).

وكتبت دونيتس في مذكرة: "تَسارُع زيادة الأسعار في ظلّ تراجع الروبل بنسبة غير متوقعة جعل رفع أسعار الفائدة محتوماً".