لماذا يتحوّل المغرب إلى وجهة مفضَّلة للسياح الإسرائيليين؟

عدد الزوار من إسرائيل للمملكة ارتفع 35% خلال النصف الأول من العام

مسافرون يصعدون على متن طائرة تابعة للخطوط الملكية المغربية من طراز "بوينغ 787" في مطار محمد الخامس، الدار البيضاء، المغرب
مسافرون يصعدون على متن طائرة تابعة للخطوط الملكية المغربية من طراز "بوينغ 787" في مطار محمد الخامس، الدار البيضاء، المغرب المصدر: الشرق
المصدر: الشرق
خاص
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

شهد تدفق السياح الإسرائيليين إلى المغرب طفرةً بعد جائحة كورونا، مدفوعةً أساساً بأربعة عوامل: عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب، وإطلاق رحلات جوية مباشرة، وتعطش جالية يهودية عريضة من أصل مغربي تعيش في إسرائيل لزيارة المملكة، والتأشيرة الإلكترونية الميسرة.

الطفرة تتجلّى في استحواذ الإسرائيليين على أكثر من نصف (55​​%) التأشيرات الإلكترونية التي منحتها السلطات المغربية في الاثني عشر شهراً الأخيرة، ما يكشف عن إمكانية تحوُّل إسرائيل إلى سوق رئيسية مصدّرة للسياح إلى المغرب.

كانت المملكة أطلقت خدمة التأشيرة الإلكترونية في يوليو من العام الماضي بهدف تيسير إجراءات الدخول إلى البلاد ودعم قطاع السياحة الذي تضرر كثيراً بعد سنوات كورونا، إذ يسهم بنحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي، ويلعب دوراً كبيراً في رفد اقتصاد المملكة بالعملة الصعبة.

الإسرائيليون والهنود في الطليعة

تفيد الأرقام الصادرة عن وزارة الخارجية المغربية الأسبوع الماضي، بأن حصيلة العام الأول من العمل بالتأشيرة الإلكترونية كانت "إيجابية"، إذ بلغت الطلبات 160 ألفاً استُجيب لنحو 93% منها. وجاءت الهند في المرتبة الثانية بعد إسرائيل بحصة 10%، تليها نيجيريا بـ4.44%، ثم مصر (4.41%)، وباكستان (3.5%) من أصل 110 جنسيات تقدّمت بطلباتها.

الزوبير بوحوت، الخبير في القطاع السياحي، يَعتبر أن حصيلة التأشيرة الإلكترونية "تبقى ضعيفة" مُقارنةً بالسياح الوافدين إلى المملكة عام 2022 البالغ عددهم نحو 11 مليون سائح.

في مارس الماضي اعتمد المغرب خارطة طريق جديدة لقطاع السياحة للفترة من 2023 حتى 2026 بميزانية تناهز 6.1 مليار درهم (580 مليون دولار) بهدف استقطاب 17.5 مليون سائح بحلول عام 2026، على أن يصل الرقم بالنسبة إلى العام الجاري إلى 13.5 مليون زائر.

المغرب يعتمد خارطة طريق لقطاع السياحة بـ580 مليون دولار

تراهن المملكة على التأشيرة الإلكترونية لزيادة أعداد السياح، وهي عبارة تصريح لشخص واحد يُتيح الدخول والإقامة لمدة تصل إلى 30 يوماً، وتمتدّ صلاحيتها لنحو 180 يوماً كحد أقصى ابتداءً من تاريخ إصدارها.

بوحوت أوضح في تصريح لـ"اقتصاد الشرق" أن الطلبات تركزت في 5 دول بحصة تناهز أكثر من 70%، مفسراً استحواذ الإسرائيليين على نسبة تتجاوز النصف بوجود جالية يهودية مغربية في إسرائيل أصبح متاحاً لها السفر إلى المغرب عبر خطوط جوية مباشرة عقب تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين نهاية 2020.

الدبلوماسية تحرك السياحة

أعيد فتح التمثيليات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب عقب توقيع اتفاق برعاية الولايات المتحدة الأميركية في الأيام الأخيرة من إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، وتعززت العلاقات بين البلدين في الأسبوع الماضي بعدما اعترفت الدولة العبرية بسيادة المغرب على منطقة الصحراء. وعلى أثر ذلك وجه الملك محمد السادس دعوةً إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لزيارة المملكة رسمياً.

صندوق محمد السادس للاستثمار يدرس إنقاذ فنادق مغربية متعثرة

حسب أرقام مرصد السياحة المغربي، بلغ عدد السياح الإسرائيليين الوافدين إلى البلاد في النصف الأول من العام الجاري 38,456 سائحاً، بزيادة 35% على أساس سنوي، وبنمو يناهز 146% مقارنةً بسنة 2019، أي عام ما قبل التطبيع.

ويرى بوحوت أن من شأن التأشيرة الإلكترونية أن تُساهم أكثر في زيادة عدد السياح، لكن ذلك يتوقف على تعزيز الربط الجوي مع أسواقٍ جديدة مثل الهند ونيجيريا، البلدين ذوي الكثافة السكانية الكبيرة، متوقعاً أن أن يسجل السياح الإسرائيليون خلال العام الجاري بأكمله نحو 90 ألفاً.

تراجع أسواق تقليدية

مقابل انتعاش سوق إسرائيل، سجّل المغرب تراجعاً كبيراً في عدد من الأسواق التقليدية المصدّرة، مثل ألمانيا التي تراجع سياحها بنسبة 34% في النصف الأول من العام إلى 135 ألف سائح مقارنة بنفس الفترة من 2019.

كما تراجعت أسواق بلجيكا وهولندا بنسبة تناهز 29%، فيما لم تركد سوق فرنسا التي تُعتبر أول مصدر للسياح إلى المغرب، وفسر بوحوت هذا الأمر بقرارات سابقة بتعليق الرحلات الجوية إبان جائحة كورونا، وهو ما أثار غضب الفاعلين في قطاع تنظيم السفر، فيما قال مصدر من وزارة السياحة إن تراجع بعض الأسواق مسجل على مستوى العالم ولا ينطبق فقط على المغرب.

يسعى المغرب لرفع عائدات قطاع السياحة من العملة الصعبة إلى 120 مليار درهم (11.5 مليار دولار) بحلول عام 2026، بعدما بلغت رقماً قياسياً العام الماضي بنحو 91,2 مليار درهم، من 78,7 مليار درهم عام 2019.

بلغ عدد السياح الذين زاروا المغرب في النصف الأول من العام الجاري 6,5 مليون سائح، بزيادة 92% على أساس سنوي، ونمو بنحو 21% مقارنة بعام 2019، ويمثّل المغتربون حصة الأسد من الوافدين، خصوصاً خلال فترة الصيف.