صناديق التحوط تنسحب من الأسهم مع انحسار قوى الصعود

بيانات أسعار الأسهم منعكسة على لوحة زجاجية خلف متداول يتابع البيانات المالية خلال الافتتاح الرسمي للتداولات بمقر مصرف "سبير بنك" بموسكو، روسيا
بيانات أسعار الأسهم منعكسة على لوحة زجاجية خلف متداول يتابع البيانات المالية خلال الافتتاح الرسمي للتداولات بمقر مصرف "سبير بنك" بموسكو، روسيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بدأت المخاطر تطغى على العوائد بالنسبة إلى صناديق التحوط التي تستثمر في الأسهم وتسعى للتكيف مع سوق حافلة بالتقلبات الغريبة خلال 2023.

مديرو الصناديق الاحترافيون، الذين يراهنون على صعود وهبوط الأسهم، خففوا مراكزهم الاستثمارية على الجانبين في الأسبوع الماضي، وهي العملية المعروفة أيضاً باسم البيع الاضطراري، وفقاً للبيانات التي جمعتها وحدة الوساطة المالية الرئيسية التابعة لـ"جيه بي مورغان تشيس". كان الاندفاع نحو تعديل المراكز محموماً بما يكفي لرفع إجمالي تدفقات أسهم العملاء إلى أعلى مستوى منذ الضغط الذي فرضته عمليات البيع على المكشوف من قبل الأفراد في عام 2021.

أظهر عملاء صندوق التحوط التابع لـ"مورغان ستانلي" نمطاً مشابهاً سعياً لتقليص المخاطر، وإن كان ذلك بوتيرة أبطأ. وكانت عمليات البيع الاضطراري للصندوق هذا الأسبوع هي الأكبر خلال العام الحالي. كما قلّص عملاء الصناديق التابعة لـ"غولدمان ساكس" مراكزهم في 12 جلسة من الجلسات الـ14 الماضية.

قد يمثل هذا التراجع تحولاً في معنويات السوق، حيث بدأ الجميع تقريباً العام 2023 بتوجهات دفاعية قبل أن يضطروا إلى تعديل المراكز تماشياً مع التقدم الذي يقاوم الهبوط. باستثناء شهرين فقط منذ أكتوبر الماضي، ارتفع مؤشر "إس أند بي 500" في جميع الأشهر، بنسبة كبيرة بلغت 28%، ما يجعله على بُعد 200 نقطة تقريباً لتعويض جميع خسائره في 2022 بالكامل.

في مذكرة بعنوان "الاستسلام للتراجع.. بيع اضطراري متسارع وسط أسبوع مكاسب مزدحم"، كتب فريق "جيه بي مورغان"، بمن فيهم جون سكليغيل: "في حين أن ارتفاع الأسهم قد يكون جيداً لأولئك الذين يمتلكونها، إلا أنه كان يمثل تحدياً كبيراً بالنسبة إلى الصناديق التي تبيع على المكشوف بشكل متعجل، ويبدو أن الارتفاع يؤدي إلى استسلام واسع النطاق في شكل عمليات بيع اضطرارية".

الأسهم الأميركية تبدأ أسبوع الأرباح بارتفاع طفيف

آخر الخسائر

تعد هذه الحالة أحدث جرعة من الألم يتسبب فيها صعود الأسهم في 2023. بدلاً من الهبوط كما توقع معظم المحللين، فقد ارتفعت الأسهم كمؤشر على صمود الاقتصاد في مواجهة حملة شرسة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي لكبح التضخم. واضطر مديرو الأموال السريعة إلى تغطية عمليات البيع على المكشوف في سعي محموم نحو المكاسب، بينما سارع الاستراتيجيون إلى رفع أهداف أسعار نهاية العام لمؤشر "إس أند بي 500".

وسط هذه الحالة السلبية في ديسمبر، والتي مهدت السبيل لتقدم مثير، فإن السؤال الذي يدور في أذهان الجميع الآن هو ما إذا كانت بوصلة المعنويات قد مالت إلى النقيض الآخر. كان وضع المستثمرين أكثر المؤشرات وضوحاً على اتجاه السوق لمعظم العام، وسط حالة عدم يقين على الصعيد الاقتصادي والسياسة النقدية.

ربما تكون نقاط القوة لدى مجموعة من المراهنين على الصعود في البدايات قد نفدت، وفقاً لفريق المبيعات والتداول في "مورغان ستانلي"، بمن فيهم كريستوفر ميتلي.

تُظهر تقديراتهم أن الصناديق القائمة على قواعد مُسبقة، والتي تخصص الأصول بناءً على التقلبات أو التوجهات، قد سارعت لاقتناص الأسهم، حيث يتجاوز صافي الرافعة المالية لديها حالياً نسبة 80% مقارنة بالسنوات الخمس الماضية.

مع ارتفاع مستوى الانكشاف، يرى ميتلي وزملاؤه خطر تحول مديري الصناديق الذين يعتمدون على التحليل الكلي إلى البيع الكثيف، وذلك في حال تفاقمت الأزمة. على الرغم من أنهم يتوقعون أن تحقق هذه الفئة من المديرين تدفقات ثابتة من الأسهم العالمية في الأيام المقبلة على أساس صافٍ، فإن الانخفاض اليومي بنسبة 5% في مؤشر "إس أند بي 500" قد يؤدي إلى التخلص من 180 مليار دولار من الأسهم في الأسبوع التالي.

لا يزال التزام الحذر يسود أماكن أخرى. فقد انخفض صافي انكشاف صناديق التحوط على مخاطر الأسهم إلى 47%، بعد أن كان 49% في الأسبوع الماضي حيث واصلت الصناديق جني الأرباح من الأسهم الرابحة مؤخراً، مثل أسهم البرمجيات، وفقاً لبيانات العملاء من "مورغان ستانلي".

"غولدمان ساكس": صناديق التحوط مهيأة لمكاسب من انتقاء الأسهم

معنويات مماثلة

إريك باوتشر، الرئيس المشارك للمبيعات في "رينيسانس ماكرو ريسيرش" (Renaissance Macro Research LLC)، اكتشف معنويات مماثلة.

قال: "حضرتُ الكثير من دعوات الغداء الصيفية، وقد تبيّن لي أن الناس ما زالوا غير مؤهلين لاستقبال سوق صاعدة". وأضاف: "ما زالوا قلقين بشأن الصورة الكلية"، مثل موجة محتملة من التخلف عن سداد السندات إذا فقد الاقتصاد زخمه".

ومع ذلك، جذب هذا الارتفاع في السوق اهتمام الكثيرين لجني ثمار ذلك. عاد مستثمرو التجزئة بشغفهم تجاه أسهم "الميم".

تزداد موجة إقبال متداولي عقود الخيارات على الصعودية منها للاستفادة من هذا الاتجاه. في استطلاع أجرته الرابطة الوطنية لمديري الاستثمار النشطين (NAAIM)، ارتفعت نسبة الانكشاف على الأسهم إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر 2021.

بالنسبة إلى صناديق التحوط التي تراهن على هبوط قيم الأسهم، يصبح تحمل الخسائر أكثر صعوبة. فقد شهدت صناديق الاستثمار في الهبوط والصعود تسعة أيام متتالية من الأداء السلبي، أو عوائد أقل من السوق، فيما يعد أطول فترة أداء سلبي منذ يناير 2017، وفقاً لبيانات "غولدمان". من جانبه، يعزو سكوت روبنر، العضو المنتدب في الشركة الذي كان يتابع تدفق الأموال على مدى عقدين من الزمن، ذلك إلى الرهانات الخاطئة من جانب البائعين على المكشوف، بالإضافة إلى تدهور الأداء على جانب الشراء.

في ظل موسم ضعيف الأداء للسوق خلال أغسطس، والاتجاه التصاعدي لعوائد السندات لأجل 10 سنوات، ينصح روبنر العملاء إما بإعادة حيازة الأسهم عند صفقات البيع على المكشوف أو البيع بحدود معينة عند التحوط من الهبوط.

أضاف: "أنا متفائل للغاية، لدرجة أنني أتوقع الانخفاض الآن لشهر أغسطس. أبحث عن تصحيح بسيط في سوق الأسهم في أغسطس. وجهة نظري الأساسية هي أنني لم أعد أتحدث إلى أي متشائمين. المراكز والمعنويات لم تعد متشائمة، بل شديدة الحماس".