روسيا ترفع الفائدة في اجتماع استثنائي بعد انهيار الروبل

العملة الروسية تدنت إلى 100 مقابل الدولار الواحد.. والمركزي يلجأ لأسلحة السياسة النقدية لتعزيزها

العلم الروسي فوق المقر الرئيسي لبنك روسيا المركزي بالعاصمة الروسية موسكو
العلم الروسي فوق المقر الرئيسي لبنك روسيا المركزي بالعاصمة الروسية موسكو المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أقر البنك المركزي الروسي زيادة كبيرة على أسعار الفائدة في اجتماع استثنائي دعا إليه بعد تدني قيمة الروبل، ودخوله ضمن أسوأ العملات أداءً في الأسواق الناشئة، مع تخييمه على نمو الاقتصاد.

رفع صانعو السياسات النقدية في المركزي سعر الفائدة الرئيسي إلى 12% بدلاً من 8.5%، وهي ثاني زيادة على التوالي والأكثر حدة منذ اندلاع الغزو الروسي لأوكرانيا قبل 18 شهراً تقريباً.

جرى تقديم موعد الاجتماع وعقده اليوم، بدلاً من إجرائه بعد شهر، بعدما تقهقر الروبل لفترة وجيزة دون سعر 100 مقابل الدولار الواحد لأول مرة منذ مارس 2022.

قال المركزي في بيان: "الهدف من هذا القرار هو الحد من مخاطر تقلبات الأسعار". لم يقدم صانعو السياسات النقدية أي إرشادات أخرى، وأوضحوا أنهم يخططون لمراجعة أسعار الفائدة مجدداً في 15 سبتمبر المقبل.

بعد إعلان سعر الفائدة؛ اقترب الروبل من اقتناص أعلى مستوى إغلاق له منذ 7 أغسطس الجاري. لكنه ما يزال بين أسوأ ثلاثة عملات أداءً في الاقتصادات النامية هذا العام، بخسارة تزيد عن 22% مقابل الدولار.

محاولات لانتشال الروبل

يردد قرار اليوم أصداء خطوة مماثلة اتخذتها محافظة المركزي، إلفيرا نابيولينا، في الماضي عندما تعثر الروبل. كما يأتي بعد إعلان المركزي وقف مشتريات العملات الأجنبية خلال الأسبوع المنصرم بهدف دعم العملة الروسية، وهو إجراء لم يحقق الهدف المرجو منه. وألقى مسؤول كبير في الكرملين باللوم في انهيار الروبل على سياسة المركزي "شديدة التيسير".

ضغوط الحرب تدفع روسيا إلى الإسراع في إصدار الروبل الرقمي

قدم هذا الهجوم العلني النادر من الكرملين على المركزي لمحة عن الصراع الداخلي الذي يشوب السياسة الاقتصادية في روسيا. فرغم أن ضعف الروبل يعد نعمة للدخل الحكومي مع تعزيزه عائدات صادرات النفط إلى أعلى مستوياتها في 8 أشهر، إلا أنه يؤدي في الوقت نفسه إلى زيادة تكلفة الواردات، كما يشجع السكان المحليين على تحويل أموالهم إلى خارج البلاد بهدف تأمينها.

ضعف الروبل سرَّع أيضاً من وتيرة التشديد النقدي في روسيا بشكل ملحوظ، حيث توقع الاقتصاديون الذين استطلعت بلومبرغ آراءهم في أواخر يوليو الماضي ارتفاع سعر الفائدة الرئيسي إلى ما لا يزيد عن 9% حتى نهاية هذا الربع.

مخاطر تهدد الاقتصاد الروسي

قبل أكثر من ثلاثة أسابيع بقليل، رفع المركزي أسعار الفائدة بنحو نقطة مئوية كاملة (100 نقطة أساس) بعد فترة طويله من الإعلان عن نيته زيادة أسعار الفائدة بهدف كبح التضخم، والذي جاء مدفوعاً بالإنفاق الحكومي الثقيل، والعقوبات، ونقص العمالة في ظل الحرب.

روسيا تقلّص خفض صادرات النفط إلى 300 ألف برميل يومياً في سبتمبر

لكن المخاطر تفاقمت أكثر هذا الشهر، بضغط من نزوح تدفقات رأس المال والتضخم السنوي الذي تجاوز مستهدف المركزي البالغ 4% للمرة الأولى منذ فبراير، ما تسبب في استنزاف موارد الاقتصاد.

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس":

يقول الكساندر إيزاكوف، الخبير الاقتصادي في الشأن الروسي: "قد يصب صعود أسعار النفط الخام في صالح الروبل، لكن السياسة النقدية المحلية ستظل عاملاً مؤثراً بصورة أكبر على العملة".

تشتد حاجة نابيولينا إلى انتشال الروبل عاجلاً وليس آجلاً، بعدما ألقى مستشار الرئيس فلاديمير بوتين باللوم على المركزي، يوم الاثنين، متهماً إياه بالسماح بنمو الإقراض بسرعة، وإغراق الاقتصاد بالسيولة المالية، كما دعا إلى تعزيز "قوة الروبل" لمساعدة روسيا على التكيف.

نددت شخصيات بارزة أخرى بانخفاض قيمة العملة باعتباره تهديداً للاستقرار الاجتماعي، حيث جعل روسيا تبدو بمظهر ضعيف في وقت تحتدم فيه حربها مع أوكرانيا، كما تضر العقوبات الدولية بالتجارة.

خيارات محدودة أمام المركزي

من غير الواضح ما إذا كان المركزي قد سوى خلافاته الداخلية التي ظهرت على أعلى المستويات. فرغم أن مكسيم أوريشكين، المستشار الاقتصادي للكرملين، قال إن بنك روسيا "لديه كل الأدوات اللازمة لتطبيع السياسة النقدية على المدى القريب"، إلا أن خياراته محدودة، وتقتصر على إبقاء أسعار الفائدة المرتفعة وتشديد ضوابط رأس المال.

ومع تجميد الكثير من احتياطيات البنك المركزي بالفعل بسبب العقوبات؛ سيحجم صناع السياسات النقدية عن التدخل المباشر في سوق الصرف إذا تعرض الروبل للضغط مجدداً.

اختتم المركزي: "النمو المطرد في الطلب المحلي الذي يتجاوز القدرة على تعزيز الإنتاج يفاقم ضغوط التضخم الأساسي، ويخيم على ديناميكيات سعر صرف الروبل من خلال زيادة الطلب على الواردات. بالتالي، يزداد تأثير انخفاض قيمة العملة الروسية على أسعار المستهلكين، فيما تصعد توقعات التضخم بصورة أكبر".