ما مدى تأثير فشل تجارب لقاح "ميرك" على جهود التطعيم العالمية؟

شعار شركة ميرك للأدوية
شعار شركة ميرك للأدوية المصدر: بلومبرغ
Sam Fazeli
Sam Fazeli

Sam Fazeli is senior pharmaceuticals analyst for Bloomberg Intelligence and director of research for EMEA.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

إنَّ "سام فاضلي"، هو أحد المساهمين في قسم الرأي التابع لبلومبرغ، وهو يغطي صناعة الأدوية لقسم "بلومبرغ إنتليجينس" (Bloomberg Intelligence). لقد أجاب "سام فضلي" على أسئلة حول قرار شركة "ميرك آند كو" (Merck & Co) بإغلاق برنامجها للقاح كوفيد-19، بعد نتائج التجارب الباهتة، إلى نص المحادثة:

ماذا حدث مع لقاحات "ميرك"؟

اتخذت شركة "ميرك" قراراً عملياً بعدم الاستمرار في الاستثمار في لقاحين محتملين لكوفيد-19، بعد رؤية مستويات منخفضة من الاستجابة المناعية في التجارب الأولية للمرحلة الأولى. إنَّ هذا يشكل مفاجأة، بالنظر إلى أنَّ شركة "ميرك"، في بداية الوباء، قرَّرت عدم استخدام أنواع جديدة وغير مختبرة من اللقاحات، مثل تلك التي تستخدم تقنية (mRNA)، وبدلاً من ذلك اختارت نهجاً تقليداً أكثر، وبدت كأنَّها كانت واثقة جداً من هذا النهج، ولديها بعض الخبرة فيه.

تضمَّن ذلك استخدام تقنية لتغيير سلالات من فيروسات أخرى لتوصيل المادة الجينية لسارس-كوف-2 (الفيروس المسبب للوباء الحالي)، التي من شأنها أن تؤدي بعد ذلك إلى استجابة مناعية لفيروس كورونا وتوفير الحماية ضد كوفيد-19.

استخدم أحد اللقاحات شكلاً معدلَّاً من فيروس الحصبة الذي حصلت عليه شركة "ميرك" عند شرائها في شهر مايو الماضي لشركة "ثيميس بيوساينس" (Themis Bioscience) للتكنولوجيا الحيوية. واستخدم اللقاح الآخر الفيروس نفسه الذي استخدمته شركة "ميرك" في لقاح الإيبولا المعتمد.

وعلى الرغم من أنَّ الجهدين يبدوان مخيبَين للآمال، فإنَّنا نعلم الآن أنَّ لقاحين على الأقل يستخدمان تقنية (mRNA) الأحدث – الأول من شركة " بيوأنتك-فايزر"، والثاني من شركة "موديرنا". - قد حقَّقتا نجاحاً أفضل بكثير،وهما الآن في طليعة جهود التطعيم حول العالم.

وتعتمد اللقاحات الأخرى، مثل اللقاح الذي طوَّرته شركة "آسترازينيكا"، وجامعة "أكسفورد"، واللقاح الذي الآن هو قيد التجربة من إنتاج شركة "جونسون آند جونسون"، على تقنية مماثلة للقاحات "ميرك"، ولكنَّها تستخدم إصدارات مُهندَسة من نوع مختلف من الفيروسات - الأنواع التي تسبِّب نزلات البرد – ويبدو أنَّها تعمل بشكل أفضل. من غير المعروف سبب انحراف شركة "ميرك" عن المسار الصحيح. فنحن بحاجة إلى المزيد من البيانات لمعرفة السبب الدقيق.

ما حجم تأثير هذه الانتكاسة على كامل جهود التطعيم؟

إنَّها تخلق مشكلة تتعلَّق بالسرعة التي يمكن بها للعالم الخروج من تحت وطأة الوباء، لأنَّ هذه الانتكاسة تزيل شركة لديها القدرة على تصنيع كميات كبيرة من اللقاحات. كما واجهت شركتا "غلاكسو سميث كلاين"( GlaxoSmithKline Plc )،

و "سانوفي" (Sanofi) عقبة مماثلة في أواخر العام الماضي مع اللقاح الذي يطوِّرانه، الذي يستخدم تقنية مجربة ومختبرة كانوا قد استخدموها لسنوات. وفي الوقت الذي تواصل كلٌّ من شركة "غلاكسو سميث كلاين"، وشركة "سانوفي" جهودهما، ليس هناك ما يضمن أنَّهما سيتمكَّنان من حلِّ مشكلتهما.

والخبر السار هو أنَّ لقاحات "بيونتك-فايزر"، و "موديرنا" يبدو أنَّها تعمل بشكل جيد، وكما هو الحال مع اللقاح الذي طوَّرته "آسترازينيكا"، وجامعة "أكسفورد"، على الرغم من أنَّه ربما لا يكون مثل اللقاحين الأخريين. وبالإضافة إلى كلِّ هذا، فإنَّ شركتي "جونسون آند جونسون"، و" نوفافاكس" (Novavax Inc) على وشك الإبلاغ عن بيانات نتائج المرحلة الثالثة للقاحاتهما، وهذا قد يكون من شأنه أن يضمها إلى قائمة اللقاحات.

هناك سبب للاعتقاد أنَّ بياناتهم ستكون مبشِّرة، بالنظر إلى البيانات قبل السريرية والمراحل المبكرة الصادرة حتى الآن، كما أنَّ الموافقة على هذين اللقاحين ستضيف 2 مليار جرعة مجمَّعة سنوياً إلى جهود التلقيح. لذلك، يمكننا القول، إنَّ هذه ليست نهاية العالم.

ما هي الآثار المترتبة على اللقاحات الأخرى؟

إنَّ ما حدث مع شركة "ميرك" يشير إلى أنَّه لا يمكنك مجرد افتراض أنَّ تقنية اللقاح التي تعمل مع مرض معدٍ ما ستعمل تلقائياً مع مرض آخر. وعلى المنوال نفسه،

لا يمكنك الافتراض أنَّ تقنيات لقاح (mRNA) الجديدة ستعمل أيضاً مع أنواع أخرى من الأمراض.

بالنظر إلى احتمال حدوث نقص في اللقاحات، هل يستحق الأمر السعي وراء لقاحات أقل فاعلية إذا كانت ستشكِّل إضافةً إلى مخزون اللقاحات؟

هذا شيء يجب مراعاته، خاصة بالنظر إلى متغيِّرات الفيروس، وخطر حدوث المزيد من الطفرات. على سبيل المثال، تشير أحدث البيانات من "موديرنا" إلى أنَّ الاستجابة المناعية بعد الجرعة الثانية من لقاحها كافية لتعطيل متغيِّر الفيروس B.1.351 الجديد الموجود في جنوب إفريقيا، هذا على الرغم من تضاؤل التأثير.

وهذا يشير إلى أنَّ لقاح "جونسون آند جونسون" - الذي يتَّبع نظام الجرعة الواحدة - قد لا يعمل بشكل جيد ضدَّ هذا البديل، مما يقلل من فعاليته في الجزء الجنوب أفريقي من التجربة (إنَّ هذا الجزء من البيانات التي ستصدر قريباً). ومن المرجَّح أن تخبرنا تجربة "نوفافاكس" في المملكة المتحدة بمدى نجاحها في مواجهة المتغير B.1.1.7 الذي ظهر هناك، إذ يبدو أنَّه يتمتَّع بقدرة أقل على الهروب من المناعة من نظيره البديل الجنوب أفريقي. لكن كل هذا يخبرنا أنَّنا بحاجة إلى لقاحات وجداول جرعات تحفِّز أقوى استجابة مناعية ممكنة، ويجب ألا نتوقَّف عن العمل عليها، وعلينا ضبطها بدقة. ولا نعرف ما إذا كانت جرعات "ميرك" ستكون مفيدة في هذا الكفاح ضد الوباء، ولكنَّ وجود أكبر عدد ممكن تحت تصرفنا يمكن أن يأتي بعوامل إيجابية فحسب.

قالت شركة "ميرك" إنَّها تركز الآن على علاجات كوفيد19-، هل لك أن تخبرنا أكثر حول هذا الأمر؟

نعم، هذه هي البرامج التي كانت تعمل عليها منذ فترة طويلة. لقد كنا ننتظر إحراز تقدُّم في الدواء المضاد للفيروسات، والذي لديه القدرة على العمل مع فيروسات كورونا الأخرى أيضاً، وقد يستهدف جزءاً من الفيروس قد يكون أقل قدرة على التحور. ولكن إلى أن نرى البيانات وإمكانية تطوير متغيِّرات مقاومة في المختبر، من الصعب تحديد مدى نجاحها.


ما هي العبر الأخرى من تعثُّر شركة "ميرك" وجهود التطعيم حتى الآن؟

لقد علَّمنا كوفيد-19 درساً حول قوة الابتكار. وتمَّ تطوير اللقاحات التي تمَّت الموافقة عليها حالياً، إما بمساعدة شركات التكنولوجيا الحيوية، مثل "بيوأنتك"، و "موديرنا" أو مع الأوساط الأكاديمية، مثل لقاح "آسترازينيكا-أكسفورد". وهذا يقلِّب الفكرة السائدة منذ فترة طويلة بأنَّ اللقاحات كانت "لعبة الأولاد الكبار"، ومن الأفضل تركها للأطراف القوية، مثل "ميرك"، وأنَّ التقنيات الجديدة مثل لقاحات (mRNA) كانت محفوفة بالمخاطر للغاية. يجب أن نكون شاكرين لأنَّ مستثمري التكنولوجيا الحيوية في السوق العامة، ورأس المال الاستثماري كانوا على استعداد للاستثمار في تقنية (mRNA)على مدار العقد الماضي، مما سمح لنا جميعاً بجني ثمار جهودهم.