ارتفاع سعر البصل في الهند يهدّد طموحات مودي السياسية

الحكومة فرضت رسوم تصدير بنسبة 40% على البصل وتخطط لبيعه في الأسواق المحلية بأسعار مدعومة

عامل يحمل كيساً من البصل في سوق آزادبور للبيع بالجملة في نيودلهي، الهند
عامل يحمل كيساً من البصل في سوق آزادبور للبيع بالجملة في نيودلهي، الهند المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يشكل ارتفاع سعر البصل في الهند تهديداً لحكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، أكبر من ذلك الذي حمله الارتفاع الأخير البالغة نسبته 700% في سعر الطماطم، الأمر الذي يفرض على السلطات اتخاذ خطوات جديدة لاحتواء تضخم أسعار الغذاء قبل الانتخابات الرئيسية.

فرضت الهند رسوم تصدير بنسبة 40% على البصل، وتخطّط لبيعه في الأسواق المحلية بأسعار مدعومة. يُعتبر البصل والطماطم والبطاطس، ثلاثة محاصيل بالغة الأهمية في النظام الغذائي الهندي، لدرجة أن ارتفاع الأسعار في الماضي بسبب خسائر المحاصيل، حال دون عودة بعض الأحزاب الحاكمة إلى السلطة. ومع ارتفاع سعر البصل حالياً، يُعتبر الوضع حساساً بدرجة أكبر للمستهلكين، أكثر من ارتفاع أسعار الطماطم والبطاطس، إذ يصعب أن يستبدلوا به أي منتج أو عنصر آخر في عديد من المأكولات المحلية.

الهند تفرض ضريبة 40% على تصدير البصل وسط اشتداد التضخم

واجهت الحكومة انتقادات شديدة بعدما قفزت أسعار الطماطم بنحو ثمانية أضعاف في أعقاب هطول أمطار غزيرة في مناطق الزراعة الرئيسية. عادت أسعار الطماطم إلى الانخفاض، في حين واصل سعر البصل ارتفاعه المتزايد، ما وضع السلطات في حالة تأهب قصوى. تأتي هذه التحركات مترافقة مع ارتفاع تكاليف عديد من السلع الزراعية، مثل القمح والأرز، بسبب سوء الأحوال الجوية.

يُعَدّ استقرار أسعار المواد الغذائية أمراً بالغ الأهمية لمودي الذي سيسعى إلى ولاية ثالثة مدتها خمس سنوات في الانتخابات الوطنية العام المقبل. ويسجل معدل التضخم في قطاع التجزئة أعلى مستوياته منذ 15 شهراً، مما يسلط الضوء على حجم التحدي الذي يواجه السطات المحلية. لذلك، قلّصت الحكومة صادرات القمح والأرز والسكر، وقد تلغي التعريفة البالغة 40% على واردات القمح، في حين تبيع الطماطم والحبوب في السوق المفتوحة، وتعمل على الحدّ من تخزين بعض المحاصيل.

الهند قد تقيد إمدادات السكر بعد حظر الأرز

قال راهول باجوريا، الخبير الاقتصادي في بنك "باركليز": "تحرُّك الحكومة بشأن البصل وقائي بطبيعته، إذ يبدو أن ارتفاع الأسعار يتماشى مع الاتجاهات الموسمية في الوقت الحالي". وأضاف: "لكن في ظل التوقعات بنهاية متقلبة لموسم الأمطار"، تركز الحكومة على مخاطر استمرار أسعار الموادّ الغذائية في الارتفاع خلال الأشهر المقبلة.

عاملان يفرغان أكياس البصل في سوق الجملة بولاية أوتار براديش، الهند
عاملان يفرغان أكياس البصل في سوق الجملة بولاية أوتار براديش، الهند المصدر: بلومبرغ

تهديد ظاهرة "إل نينيو"

قد تؤدي موجة سوء الأحوال الجوية الناجمة عن ظاهرة "إل نينو"، إلى الإضرار بمحاصيل البصل في ولاية ماهاراشترا التي تسجّل أعلى معدلات الإنتاج، إذ يقلّ هطول الأمطار بالفعل عن معدلاته الطبيعية. وكانت الأمطار الموسمية عمومناً في الهند أقلّ بنحو 7% من المعدل الطبيعي، وهو ما ساعد على ارتفاع أسعار الموادّ الغذائية، إذ ارتفع سعر القمح بنسبة 12% في دلهي على مستوياته قبل عام، وارتفعت تكلفة الأرز بنسبة 22%، والطماطم بنسبة 80%، فيما ارتفع سعر البصل بنسبة 32%.

الهند تدرس إلغاء ضريبة استيراد القمح لتهدئة الأسعار

عمار كيسان جاغتاب البالغ من العمر 44 عاماً، والذي يزرع الذرة والبصل في أرضه البالغة مساحتها ستة أفدنة في ولاية ماهاراشترا، لم يزرع البصل خلال فترة الأمطار الموسمية. ويخطط جاغتاب لخفض مساحة زراعة البصل إلى النصف خلال موسم الشتاء، إذ يتوقع مزيداً من القيود قبل موعد انتخابات بعض الولايات خلال العام الجاري والانتخابات العامة التي ستُجرى في أبريل أو مايو 2024.

وقال جاجتاب في مقابلة: "سأقلّل المزروعات لأن التكاليف ترتفع كل عام، ونحن غير قادرين على الحصول على أسعار مجزية". وأضاف: "التدخل الحكومي كبير للغاية في سوق البصل، والتحرك الأخير لفرض رسوم تصدير سيضغط على الأسعار".

تُعتبر ولاية ماهاراشترا أكبر منتج للبصل في البلاد، بأكثر من 40% من إجمالي الإنتاج. تزرع الولاية البصل 3 مرات في السنة، بواقع مرتين في موسم الأمطار وأخرى خلال فصل الشتاء. وكانت الأمطار في أجزاء من الولاية أقل من المعتاد بنسبة 18%، مما ضغط على المحاصيل وأثار قلق الحكومة قبل الانتخابات.

قال باجوريا من "باركليز": "من الواضح أن الانتخابات هي موضع التركيز". وأن "الجزء الأكبر من الارتفاع في أسعار المواد الغذائية في يوليو، جاء مدفوعاً بأسعار الخضراوات القابلة للتلف والموسمية بطبيعتها. سأكون أكثر قلقاً بشأن السلع مثل الأرز والقمح لأنها سلع أساسية".

السلع الزراعية