أمور جديرة بالمتابعة باجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في المغرب

توحيد لغة تدارك العديد من القضايا الراهنة أبرز التحديات التي تواجه الاجتماعات

فرد من الأمن يقف لحراسة مدخل موقع الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في مراكش، المغرب
فرد من الأمن يقف لحراسة مدخل موقع الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في مراكش، المغرب المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

انطلقت الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، الأسبوع الحالي، على خلفية تصاعد الصراع العالمي وأزمة الديون.

يضيف تجدد اندلاع أعمال العنف في إسرائيل، والحرب الطاحنة في أوكرانيا، خلفية قاتمة إلى جهود المُقرضين في واشنطن لحشد أعضائهم ومواصلة التركيز على الإصلاحات لتعزيز قوتهم المالية.

تُعقد الاجتماعات في مراكش في المغرب -إذ يجتمع وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية وكبار المسؤولين التنفيذيين في مجال البنوك التجارية- في أفريقيا لأول مرة منذ 50 عاماً، بعدما استضافتها العاصمة الكينية نيروبي عام 1973، وهو نفس العام الذي اندلعت فيه حرب السادس من أكتوبر في الشرق الأوسط. ومثل أعمال العنف الحالية، فاجأ هذا الصراع إسرائيل في وقت اتسم بهشاشة الاقتصاد العالمي.

كيف تتأثر سوق النفط العالمية بالصراع بين إسرائيل وفلسطين؟

ويرى جوش ليبسكي، المدير الأول لمركز الاقتصاد الجيوسياسي في المجلس الأطلسي، أن تزامن القضايا، وسط أسعار الفائدة المرتفعة والتوقعات الاقتصادية الحذرة، يذكر الحاضرين الذين يُقدر عددهم بنحو 10 آلاف شخص "بمدى السرعة التي يمكن أن تغيِّر بها الأمور الجيوسياسية حساباتهم".

إليكم أمور جديرة بالمتابعة خلال الأسبوع الحالي:

الظروف الاقتصادية

يتأثر الاقتصاد العالمي بالتضخم، وأجرأ تشديد للسياسة النقدية منذ جيل، وأزمة العقارات في الصين، والغزو الروسي لأوكرانيا، ومع ذلك، يتواصل النمو. أدى ذلك إلى اندفاع الأسواق إلى توقّع أسعار فائدة أعلى لفترة أطول، لتصعد عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 30 عاماً الأسبوع الماضي إلى 5% للمرة الأولى منذ 2007.

في تقريره الرئيسي حول آفاق الاقتصاد العالمي الصادر اليوم الثلاثاء، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للتضخم العالمي العام المقبل إلى 5.8% من توقعه السابق في يوليو البالغ 5.2%، بينما خفض توقعاته للنمو لعام 2024 بمقدار 0.1% إلى 2.9%.

"صندوق النقد" يخفّض توقعاته للنمو: العالم لم يشف من كورونا

وقال بيير أوليفييه غورينشا، كبير الاقتصاديين لدى صندوق النقد الدولي، في مؤتمر صحفي: "يجب أن تظل السياسة النقدية متشددة في معظم الأنحاء حتى ينخفض ​​التضخم بشكل دائم نحو المستهدفات..فنحن لم نصل إليها بعد".

في حين أن المناقشات حول السياسة النقدية غالباً ما تلقي بظلالها على تحديثات السياسات المالية في مثل هذه المؤتمرات المتعددة الأطراف، فقد يكون هناك المزيد من الاهتمام بآفاق المالية العامة هذه المرة، حيث لا تزال العديد من أكبر الاقتصادات في العالم تعاني عجزاً قوياً.

خلل متعدد الأطراف

هدد الصراع بتشويش رسالة متماسكة من مجموعة العشرين، التي تمثل أكثر من 80% من الاقتصاد العالمي، التي تم التوصل إليها بعد الأزمة المالية العالمية للبحث عن مسار مشترك للتقدم. فبعد التوصل إلى بيان توافقي في قمة القادة في الهند الشهر الماضي، سيواجه وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية تحدياً جديداً يتمثل في معالجة الصراع في إسرائيل، بجانب الموازنة بين العديد من المواقف المتضاربة في كثير من الأحيان.

وزراء مالية مجموعة الـ20 يفتحون ملفات الحرب والتضخم والديون

تجلّى ذلك خلال الأسبوع الحالي في الصين، حيث انتقد وفد من الكونغرس الأميركي، برئاسة زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، رد فعل بكين على الصراع باعتباره غير داعم بشكل كاف لإسرائيل. وفي الوقت نفسه، من المنتظر أن يكون التوتر بين الولايات المتحدة والصين موضوعاً مهماً خلال الأسبوع، خاصة أن صندوق النقد الدولي حذّر من التكاليف الاقتصادية لتفاقم الانقسام السياسي.

جهود حل أزمة الديون

تتوسط مؤسسات ما يُسمى بـ"بريتون وودز"، إلى جانب مجموعة العشرين، مشهد الجهود الهادفة إلى إعادة كتابة القواعد المالية العالمية حيال ئقة الديون. فإن جبال القروض التي حصلت عليها الأسواق الناشئة خلال حقبة أسعار الفائدة المنخفضة والطفرة الصينية في الإقراض ضمن مبادرة الحزام والطريق، أصبحت الآن في حالة إعسار. لكن لا أحد يعرف حتى الآن كيفية حل ذلك.

هل يغرق اقتصاد العالم في بحر ديون تتجاوز 300 تريليون دولار؟

سيتم التركيز على هذه الجهود، وتقدمها البطيء للغاية، يوم الخميس، خلال جلسة المائدة المستديرة العالمية للديون السيادية، وهي محاولة جديدة لجمع البلدان المدينة إلى جانب ما يُسمى بمجموعة نادي باريس للمقرضين، والصين والمقرضين الجدد الآخرين، بالإضافة إلى الدائنين من القطاع الخاص.

ويُعد البحث عن نهج موحد لإعادة هيكلة الديون المستحقة على مثل هذه المجموعة المتنوعة أمراً صعباً، كما تنخفض آفاق تحقيق أي تقدم. ومع ذلك، قد يحقَّق بعض التقدم في حالات فردية، وسط توقعات بإحراز تقدم في اتفاقيات إعادة الهيكلة في سريلانكا وزامبيا.

إصلاحات بريتون وودز

يُتوقع أن يعرض رئيس البنك الدولي أجاي بانجا رؤيته للمؤسسة الأقراض التنموية، بما في ذلك الجهود التي يمكن أن تزيد الإقراض بأكثر من 100 مليار دولار على مدى العقد المقبل. ومن جهتها، تعتزم مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا زيادة ما يُسمى بـ"حصص الصندوق"، سعياً للحصول على المزيد من الأموال من الأعضاء لمساعدته على استعادة مكانته في قلب شبكة الأمان المالي العالمية.

لدى كلا الجهدين أكبر الداعمين -والعقبات أيضاً- من الولايات المتحدة. إذ حفزت وزيرة الخزانة جانيت يلين ما يُسمى بخارطة طريق التطور التي وضعها البنك الدولي العام الماضي، حيث طلبت من البنك أن يواجه مجموعة أوسع من التحديات ويحشد القطاع الخاص.

دعت (يلين) الشركاء أيضاً إلى تقديم المزيد من الضمانات أو أنواع التمويل الأخرى للمساعدة في تعزيز نفوذه في الإقراض. وكانت الاستجابة ضعيفة، ويرجع ذلك جزئياً إلى إدراك أنه حتى جهود يلين لدعم البنك يجب أن تمر عبر الكونغرس -الذي كان منخرطاً في نزاعات شرسة حول الإنفاق-، ومجلس النواب الأميركي الذي يفتقر لقيادةٍ في الوقت الراهن.

هل ينقذ صندوق النقد أفريقيا من شقي رحى أميركا والصين؟

من المنتظر أن تناقش قيادة صندوق النقد الدولي موعد ديسمبر النهائي للمراجعة السادسة عشرة للحصص، وهو المصطلح الذي يشير إلى الموارد التي يدفعها جميع الأعضاء للمنظمة ويمولون إقراضها. وتفضِّل الولايات المتحدة زيادة الموارد ولكنها تعارض تحويل وزن التصويت، وهو ما من شأنه أن يعطي المزيد من القوة للصين.

وقالت غورغييفا هذا الشهر إنها مهتمة بزيادة دور البلدان الناشئة والنامية، بما في ذلك إضافة مقعد ثالث في مجلسها التنفيذي لتمثيل أفريقيا. كما أنها تدعم منح الصين تصويتاً أكبر، لكن هذا الأمر ليس مطروحاً للمناقشات حتى فترة المراجعة الخمسية القادمة.

تعافي المغرب

ما تزال "مدينة البهجة"، كما يصف المغاربة مراكش، تتعافى من زلزال مدمر مركزه المنطقة الجبلية القريبة وأدى إلى مقتل ما يقرب من 3,000 شخص.

خلصت الاجتماعات إلى أن المملكة التي تعاني من ضائقة مالية بحاجة إلى 11.7 مليار دولار لدفع تكاليف إعادة البناء، وربما مليارات الدولارات الإضافية للتحضير للمشاركة في استضافة كأس العالم لكرة القدم في 2030.

تقرير: كلفة تنظيم مباريات كأس العالم 2030 في المغرب تناهز 5 مليارات دولار

ومع بقاء نحو 60 ألف شخص بلا مأوى، يتزايد القلق مع اقتراب فصل الشتاء بشأن الظروف المعيشية التي يواجهها الناجون. ونادى الصليب الأحمر الأسبوع الماضي بتلبية "الاحتياجات الإنسانية العاجلة مع اقتراب فصل الشتاء"، بما في ذلك المأوى الدافئ والبنية التحتية الحيوية للنظافة الصحية مثل المراحيض والحمامات.