اشتداد الحرب بين إسرائيل وحماس يزيد من توتر الأسواق

احتمال أن يجر الصراع دولاً أخرى قد يرفع النفط ويضعف شهية المستثمرين للمخاطرة

قوات إسرائيلية تتمركز بالقرب من الحدود مع غزة في 29 أكتوبر 2023
قوات إسرائيلية تتمركز بالقرب من الحدود مع غزة في 29 أكتوبر 2023 المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

زاد توسع العمليات البرية الإسرائيلية في غزة الضغط على الأسواق العالمية، بينما يستعد المستثمرون لأسبوع حافل بقرارات بنوك مركزية كبرى وإعلان عالي المخاطر عن مبيعات السندات الأميركية.

ولم تظهر على أسواق الشرق الأوسط التي افتتحت أمس الأحد علامة تُذكر على الذعر غداة إرسال إسرائيل قوات ودبابات إلى شمال قطاع غزة.

التقلبات الكبرى قصيرة الأجل

تاريخياً، تميل التقلبات الكبرى في الأسعار إلى أن تكون قصيرة الأجل مع تغير المخاطر الجيوسياسية. لكن احتمال أن ينتهي الصراع بجر دول مثل إيران، بل والولايات المتحدة قد يرفع أسعار النفط ويضعف شهية المستثمرين للمخاطرة. وخسرت سوق الأوراق المالية العالمية بالفعل 12 تريليون دولار من قيمتها منذ نهاية يوليو مع تصاعد المخاوف من أن سياسات أسعار الفائدة "الأعلى لفترة أطول" التي تنتهجها البنوك المركزية قد تدفع الاقتصاد العالمي نحو الركود.

النفط يتراجع مع توخي إسرائيل الحذر في الهجوم على غزة

وقال بول دي لا بوم، مستشار الاستثمار في بنك "بي إن بي باريبا" (سويس) BNP Paribas (Suisse)): "تواجه الأسواق خلفية صعبة للغاية في هذه المرحلة. الأحداث الجيوسياسية تزيد التقلبات وتقلل من الرؤية".

وقالت إسرائيل إنها ضربت مئات الأهداف التابعة لحماس، بما في ذلك مواقع إطلاق الصواريخ، فيما حذر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم السبت من حرب “طويلة وصعبة”.

يزود الشرق الأوسط العالم بنحو ثلث احتياجاته من النفط. وارتفع خام غرب تكساس الوسيط بنحو 3.2% يوم الجمعة ليتُداول فوق 85 دولاراً للبرميل. ولا يزال أقل من أعلى مستوى له منذ اندلاع الصراع–أعلى بقليل من 90 دولاراً– حيث لم يكن هناك حتى الآن تأثير حقيقي على الإمدادات العالمية.

تدويل الصراع يعني سيناريو 1973

قال فرانسيسكو كوينتانا، رئيس استراتيجية الاستثمار في "آي إن جي إسبين" (ING Spain): "تستبعد السوق السيناريو المعتدل نسبياً، الذي يقتصر فيه الصراع بشكل أو بآخر على المنطقة. التوتر كافٍ لرفع أسعار الطاقة، والضغط على التضخم، ومنع البنوك المركزية من تيسير السياسة النقدية".

وحذر كوينتانا من أن "تدويل" الصراع "سيجعلنا قريبين جداً من سيناريوهات عام 1973". ففي ذلك العام، فرض أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) حظراً على الولايات المتحدة بعد الحرب العربية الإسرائيلية، مما رفع أسعار النفط.

هجوم "حماس" على إسرائيل ليس 1973 أخرى بالنسبة للنفط.. ولكن!

من المؤكد أن الركود التضخمي على غرار ما حدث في السبعينيات يظل احتمالاً بعيداً. ولم يكن للصراعات الكبرى التي شملت إسرائيل والجيران العرب هذا القرن أي تأثير دائم على النفط، إذ لم تتغير أسعاره في أول 100 يوم بعد الصراعات، وفقاً لماركو بابيتش، كبير الاستراتيجيين في "كلوك تاور غروب" (Clocktower Group).

ارتفع المؤشر "في آي إكس" (VIX)، المعروف باسم مؤشر الخوف في وول ستريت، إلى 21 من 13 في منتصف سبتمبر، لكنه لا يزال أقل بكثير من مستوى 27 الذي سجله في مارس عندما عصف انهيار العديد من البنوك الإقليمية الأميركية بالأسواق.

الملاذات الآمنة المستفيد الأكبر

غير أن المتعاملين والمحللين الاستراتيجيين يقولون إنه في حالة تصاعد التوتر، فإن أصول الملاذ الآمن، مثل الذهب والفرنك السويسري والسندات الحكومية القصيرة الأجل ستواصل الاستفادة. وبرز الذهب كواحد من أكبر الفائزين منذ بدء الحرب، إذ ارتفع 10% تقريباً إلى أكثر من 2000 دولار للأوقية. وكانت العملات المتأثرة بأسعار السلع الأساسية، مثل البيزو الكولومبي والريال البرازيلي، من الأفضل أداءً، يليها الفرنك السويسري.

يأتي اشتداد الصراع في الشرق الأوسط في بداية أسبوع يشهد سلسلة من الأحداث التي من المحتمل أن تحرك السوق، بما في ذلك اجتماعات البنوك المركزية في اليابان والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

الذهب يستقر حول 2000 دولار وسط الاضطرابات الجيوسياسية

وستكشف وزارة الخزانة الأميركية يوم الأربعاء عن خطة مبيعات السندات الفصلية، وهو إعلان قد يحدد ما إذا كانت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات لديها القوة الدافعة لمواصلة الصعود بعد ارتفاعها إلى أعلى مستوى في 16 عاماً الأسبوع الماضي. وسينتهي الأسبوع بتقرير الرواتب الأميركية الذي قد يظهر تباطؤ نمو الوظائف والأجور الشهر الماضي.

قال جيروين بلوكلاند، رئيس شركة الأبحاث في "ترو إنسايتس" (True Insights): "إذا كنت تعتقد أن الأحداث الحالية سيكون لها تأثير دائم على المجتمعات العالمية، فإن علاوة المخاطرة المطلوبة سترتفع. ورغم عدم سهولة قياس هذا التأثير، فينبغي عدم إغفاله. فقد أصبحت السياسة والتيارات السياسية أكثر استقطاباً وتطرفاً".