توقعات بإبقاء بريطانيا أسعار الفائدة عند أعلى مستوى في 15 سنة

اقتصاديون ومستثمرون يتوقعون الإبقاء على سعر الإقراض القياسي عند 5.25%

مشاة يغادرون محطة مترو الأنفاق في لندن أمام بنك إنجلترا في العاصمة البريطانية
مشاة يغادرون محطة مترو الأنفاق في لندن أمام بنك إنجلترا في العاصمة البريطانية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

من المرجح أن يحافظ بنك إنجلترا على أسعار الفائدة عند أعلى مستوى منذ عام 2008، بعد تزايد الأدلة على ضعف الاقتصاد وسوق العمل والتضخم في المملكة المتحدة.

يتوقع اقتصاديون ومستثمرون أن تبقي لجنة السياسة النقدية سعر الإقراض القياسي عند 5.25% في الاجتماع الثاني على التوالي، مع إلقاء الضوء على التوقعات الجديدة التي يصدرها بنك إنجلترا. يميل المستثمرون إلى أن تكون الخطوة التالية هي خفض سعر الفائدة الرئيسي، ربما في النصف الثاني من 2024.

يترقب المتعاملون صدور أي إشارة بشأن تخفيف السياسة النقدية مستقبلاً في التوقعات الجديدة، والتي من المقرر أن تظهر ارتفاع خطر الركود، مع ضعف النمو والتضخم على المدى القريب. رفض المحافظ أندرو بيلي التكهنات بشأن خفض أسعار الفائدة، قائلاً إن المناقشة سابقة لأوانها، في حين يظل التضخم أعلى بكثير من المعدل المستهدف البالغ 2%.

أبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أمس الأربعاء الباب مفتوحاً أمام احتمال رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر، رغم تزايد الرهانات على أن الخطوة المرتقبة ستكون خفض تكاليف الاقتراض. كما أوقف البنك المركزي الأوروبي دورة رفع أسعار الفائدة بشكل مؤقت الأسبوع الماضي، ووصفت الرئيسة كريستين لاغارد أي تكهنات بشأن خفض أسعار الفائدة بأنها "سابقة لأوانها تماماً".

بالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، فإن أسعار الفائدة المرتفعة لمعالجة التضخم (المرتفع) العنيد تمثل صداعاً قبل الانتخابات المتوقعة العام المقبل، بعد أن تعهد بتعزيز الاقتصاد وخفض ارتفاع الأسعار إلى النصف هذا العام.

من المقرر أن يعلن بنك إنجلترا القرار الساعة 12 ظهراً بتوقيت لندن، وأن يعقد مؤتمراً صحافياً بقيادة بيلي بعد صدور القرار بنصف ساعة.

القرار والتوجهات المستقبلية

يتوافر القليل من البيانات منذ اجتماع سبتمبر، والتي يمكن أن تغير وجهات النظر حول خطوة لجنة السياسة النقدية. قال كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا هيو بيل، إبان حديثه في كيب تاون نهاية الصيف، إنه يفضل مسار "تايبل ماونتن" (Table Mountain) إزاء معدلات الفائدة، في إشارة إلى القمة المسطحة للجبل المطل على المدينة. وهذا مؤشر قوي على أن أسعار الفائدة ستظل مرتفعة لفترة طويلة.

يمكن أن تكرر لجنة السياسة النقدية الكثير من التوجيهات المستقبلية الصادرة في سبتمبر، مع الإشارة إلى أن السياسة النقدية ستظل "مقيدة بما يكفي لفترة طويلة بشكل كاف" لإعادة التضخم تحت السيطرة.

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"

يقول دان هانسون وآنا أندرادي، المحللان لدى "بلومبرغ إيكونوميكس" إن "عدم وجود بيانات مهمة مثيرة للقلق منذ اجتماع بنك إنجلترا الأخير في سبتمبر، يشير إلى بقاء أسعار الفائدة بلا تغيير خلال ثاني جلسة على التوالي. من المرجح أن يكون القرار مصحوباً بإصدار تحذير من جانب البنك المركزي بشأن استئناف التشديد النقدي، حال توقف التقدم في مكافحة التضخم أو انعكاس مساره".

إذا توقع بنك إنجلترا أن ينخفض التضخم إلى ما دون معدله المستهدف البالغ 2% في السنوات المقبلة، فقد يزيد المستثمرون الرهانات على خفض سعر الفائدة. وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار السندات الحكومية، ويؤثر أيضاً على جاذبية الجنيه الإسترليني.

قال مارتن ويل، عضو سابق في لجنة السياسة النقدية المعنية بتحديد أسعار الفائدة، وأستاذ الاقتصاد الآن لدى كلية "كينغز كوليدج" في لندن، إنه لا يزال يشعر بالقلق بشأن نمو الأجور، و"لا تزال هناك مخاطر جوهرية" لأن يرتفع التضخم بشكل كبير.

التوجيه بعد قرار سبتمبر

جاء في محضر اجتماع لجنة السياسة النقدية لبنك إنجلترا في 20 سبتمبر، أن السياسة النقدية "يجب أن تكون مقيدة بما فيه الكفاية لفترة كافية لإعادة التضخم إلى المستوى المستهدف عند 2% بشكل مستدام على المدى المتوسط، بما يتماشى مع مسؤوليات اللجنة. ستكون هناك حاجة إلى مزيد من تشديد السياسة النقدية إذا تبين أن هناك مزيداً من الضغوط التضخمية المستمرة".

انقسام الأصوات

من المرجح أن يكشف الاجتماع مرة أخرى عن الانقسامات في لجنة تحديد أسعار الفائدة التابعة لبنك إنجلترا، والتي تضم 9 أعضاء. وصوّتت لجنة السياسة النقدية بأغلبية 5 مقابل 4 لصالح عدم التغيير في سبتمبر.

منذ الاجتماع، فقدت لجنة السياسة النقدية أحد الصقور المعارضين، مع رحيل نائب المحافظ جون كونليف، وحلت مكانه سارة بريدين عبر قرار داخلي. ويُنظر لبريدين على أنها يمكن أن تصوت مع بيلي وصنّاع السياسة الداخليين الآخرين خلال أول ظهور لها في لجنة السياسة النقدية. كما أعربت في السابق عن مخاوفها بشأن التأثير المحتمل لزيادة أسعار الفائدة على الاستقرار المالي.

التوقعات

من المرجح أن تحذر أحدث تقديرات بنك إنجلترا من توقعات قاتمة على المدى القريب، مع تأهب العديد من الاقتصاديين في مدينة لندن لمواجهة الركود. كذلك يُتوقع أن يؤدي ارتفاع معدلات البطالة وتأثيرات ارتفاع أسعار الفائدة، إلى ركود الاقتصاد.

وفي سبتمبر، حذر بنك إنجلترا من أنه يتوقع بلوغ النمو في الربع الثالث 0.1%، مقارنةً بتوقعات عند 0.4% في أغسطس. تشير الدراسات الأخيرة إلى أن الضعف امتد أيضاً إلى الربع الأخير من العام.

اقرأ أيضاً: التضخم في المملكة المتحدة يخالف التوقعات ويتباطأ إلى 6.7%

قد تكون هناك أخبار أفضل بشأن التضخم. إذ ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في المملكة المتحدة بنسبة 6.7% في سبتمبر، أي أقل قليلاً من 6.9% التي توقعها بنك إنجلترا في أغسطس. ويتوقع بنك "سيتي غروب" أن ينخفض المعدل إلى 4.7%، عند نشر أرقام أكتوبر في 15 نوفمبر.

قال روبرت وود، الاقتصادي البريطاني لدى "بنك أوف أميركا": "نتوقع أن يخفض بنك إنجلترا توقعات النمو والتضخم على المدى القريب، ما يعكس ضعف تدفق البيانات. كذلك نتوقع أن يرفع البنك توقعات النمو والتضخم على مدى عامين وثلاثة أعوام، مما يعكس انخفاض أسعار الفائدة وانخفاض الجنيه الإسترليني".

معدلات الرهن العقاري

تراجعت معدلات الرهن العقاري منذ ارتفاعها في الصيف، لكنها ظلت مرتفعة، مما أدى إلى تثبيط النشاط في سوق الإسكان.

رغم قيام بنك إنجلترا بوقف رفع أسعار الفائدة في سبتمبر، فإن القرار لم يؤثر إلا بشكل طفيف على ارتفاع تكاليف الاقتراض لأصحاب المنازل، بعد أكثر دورة رفع أسعار الفائدة عدوانية منذ أجيال.

لا يزال متوسط سعر الرهن العقاري الثابت لمدة عامين أعلى بكثير من 6%، أي نحو ثلاثة أضعاف مقارنةً ببداية عام 2022، وفقاً لبيانات "موني فاكتس" (Moneyfacts).

اقرأ أيضاً: محافظ بنك إنجلترا يلمح لبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول

أضاف ارتفاع أسعار الفائدة المصرفية منذ نهاية عام 2021 من 0.1% إلى 5.25% متوسطاً قدره 540 جنيهاً إسترلينياً إلى الأقساط الشهرية لأولئك الذين لديهم قروض عقارية، وفقاً لـ"يو كي فينانس" (UK Finance).

التشديد الكمي

عزز بنك إنجلترا وتيرة تخارجه من حيازة السندات، مع دخول برنامج التشديد الكمي عامه الثاني في أكتوبر. وأعلن البنك في سبتمبر أنه سيقوم بسحب سندات بقيمة 100 مليار جنيه إسترليني (121 مليار دولار) في السنة الثانية، من خلال المبيعات والسماح بنضوج الديون، ارتفاعاً من 80 مليار جنيه إسترليني في السنة الأولى.

اقرأ أيضاً: نمو قياسي للأجور يرجح مواصلة بنك إنجلترا رفع الفائدة

يرى بنك إنجلترا أن تخارجه من حيازة كمية ضخمة من السندات بعد الأزمة المالية والوباء، لم يكن له تأثير يذكر على الاقتصاد وعوائد السندات. ومع ذلك، هناك مخاوف بشأن تأثير التشدد النقدي، وسط نوبات من التقلبات في أسواق السندات العالمية في الأشهر الأخيرة مع اقتراب تكاليف الاقتراض في المملكة المتحدة من أعلى مستوى لها منذ عام 2008.