عجز ميزانية الصين قد يتجاوز 3.5% من الناتج الإجمالي في 2024

مع توقعات بزيادة الإنفاق لتعزيز النمو الاقتصادي

متسوقون في منطقة سانليتوان في بكين
متسوقون في منطقة سانليتوان في بكين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

من المرجح أن تقدّر الصين عجز ميزانيتها عند 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي أو أعلى في عام 2024، حسبما قال العديد من الاقتصاديين الذين أشاروا إلى أن المراجعة غير العادية الأخيرة للميزانية في منتصف العام تنبئ بتقديم مزيد من الدعم المالي في المستقبل.

ويتوقع كل من بنك "يو بي إس غروب" و"تشاينا إنترناشونال كابيتال كوربوريشن" و"كايوان سيكوريتيز" أن ترفع الحكومة نسبة العجز إلى ما يزيد عن 3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024. حاولت بكين في السابق الحفاظ على نسبة عجز الميزانية عند هذا المستوى أو أقل، لكنها رفعته الشهر الماضي إلى 3.8% في 2023، في إطار الجهود المبذولة لدعم الاقتصاد.

كتبت وانغ تاو، كبيرة خبراء اقتصاد الصين لدى "يو بي إس" في مذكرة بحثية، أن مراجعة الميزانية مؤخراً "قد تشير إلى نهج متغير تجاه السياسة المالية"، مضيفة أنها تتوقع أن تحدد الحكومة نسبة عجز الميزانية عند 3.5%-3.8% في عام 2024. ومع توقع استمرار ضعف سوق الإسكان والصادرات في العام المقبل، فإن زيادة حجم الإنفاق في الميزانية من شأنه أن يدعم النمو الاقتصادي.

الصين قد توسع عجز الميزانية لتنشيط الاقتصاد

يتوقع الاقتصاديان تشانغ وينلانغ وبنغ ونشنغ لدى "تشاينا إنترناشونال كابيتال كوربوريشن" أيضاً أن تحدد نسبة عجز الميزانية عند 3.5%-3.8% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل. كما قالا إنهما يتوقعان توجيه مزيد من التمويل بالعجز نحو مجالات مثل الضمان الاجتماعي والعلوم والتعليم. وكتب هي نينغ، المحلل لدى "كايوان سيكوريتيز"، في مذكرة بحثية هذا الأسبوع أن العجز قد يرتفع إلى ما بين 3.5% إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي.

الأموال المتبقية من السنوات السابقة

تتوافق هذه التوقعات مع توصيات بعض الاقتصاديين المرتبطين بالحكومة الصينية، بينهم تشانغ يان شنغ، وهو مسؤول كبير سابق في وكالة التخطيط الاقتصادي الرئيسية في الصين. قال تشانغ خلال العرض التقديمي لمؤتمر خلال أكتوبر الماضي، إن بكين قد تحدد عجز الميزانية عند 3.8% من الناتج المحلي الإجمالي، أو 5.18 تريليون يوان (710 مليارات دولار).

يشير العجز الرئيسي في الصين إلى الفجوة بين الإيرادات والنفقات المسجلة في الميزانية العامة للصين، والتي تغطي في الغالب الإنفاق اليومي. وغالباً ما تستخدم بكين الأموال المتبقية من السنوات السابقة لخفض العجز. ويستبعد بعض الاقتصاديين تلك الأموال المرحّلة للحصول على صورة أكثر دقة للأثر المالي الفعلي على الميزانية.

على سبيل المثال، توقع خبراء الاقتصاد في "غولدمان ساكس" بقيادة هوي شان أن ينخفض العجز الكلي في الصين إلى 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المقبل. لكنهم يتوقعون ارتفاع العجز الفعلي في الميزانية، الذي يستثني الأموال المرحّلة، إلى 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 مقابل نحو 5% في 2023، مما يشير إلى مزيد من الدعم المالي.

رئيس بنك الشعب الصيني: النمو يتحسن.. ومخاطر الديون المحلية معقولة

ينظر الاقتصاديون أيضاً إلى تدابير العجز الأوسع والتي يمكن أن تشمل الإنفاق الممول من خلال إصدار سندات الحكومات المحلية والديون المصدرة من جانب شركات تمويل الحكومات المحلية. وهذا عموماً أعلى عدة مرات من العجز الكلي. وقد تعرّض هذا النوع من الإنفاق الممول من جانب الحكومات المحلية لضغوط هذا العام، حيث أدى تراجع العقارات إلى انخفاض دخل هذه الحكومات.

الأنظار تتجه إلى اجتماع المكتب السياسي

يتوقع "غولدمان ساكس" أن يظل عجز الميزانية الموسع دون تغيير عند 11% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري وفي 2024. ويقدر خبراء الاقتصاد أن الزيادة في كمية السندات "ذات الأغراض الخاصة" التي تصدرها الحكومات المحلية، إلى جانب ارتفاع الإقراض من جانب البنوك المملوكة للدولة، سيتم تعويضها من خلال انخفاض صافي إصدارات آليات تمويل الحكومات المحلية.

مع احتمال بقاء أسعار الفائدة الأميركية مرتفعة، فإن التيسير النقدي يمكن أن يزيد من تدفقات رأس المال إلى الخارج، وبالتالي "قد تفضل السلطات الاعتماد على التيسير المالي لدعم النمو وتعزيز الثقة في العام المقبل"، كما كتب خبراء الاقتصاد لدى "غولدمان". متوقعين نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4.8% العام المقبل.

المركزي الصيني يتعهد بتقديم السيولة للحكومات المحلية المثقلة بالديون

يتوقع اقتصاديون في استطلاع أجرته "بلومبرغ" حالياً أن يتباطأ النمو إلى 4.5% في عام 2024 بعد أن يحقق معدل نمو 5.2% في 2023. يجتمع المكتب السياسي -أعلى هيئة لصنع القرار في الحزب الشيوعي- عادة في ديسمبر لتحديد الأهداف الاقتصادية للعام المقبل، رغم أن هذه الأهداف لا يتم الإعلان عنها عادة إلا في فصل الربيع.

بعد مراجعة ميزانيتها، ألمحت بكين إلى تعزيز إصدار ديون الحكومة المركزية خلال مؤتمر مالي يُعقد مرتين كل عقد في أواخر الشهر الماضي. قال محافظ بنك الشعب الصيني بان قونغ شنغ في خطاب ألقاه هذا الأسبوع إن عبء ديون الحكومة المركزية "خفيف نسبياً".

"زيادة حجم السياسة المالية"

قال وانغ يي مينغ، عضو لجنة السياسة النقدية في بنك الشعب الصيني، خلال قمة "كايكسين" في بكين يوم الجمعة، إنه على المدى القصير، من المهم بالنسبة للحكومة أن "تزيد حجم السياسة المالية". أوضح أن نسبة الرفع المالي للحكومة المركزية هي "الأدنى بين جميع الاقتصادات الكبرى" عند 21.4% في عام 2022، مما يعني أنه "لا يزال هناك مجال كبير" للاقتراض. أضاف: "في العام المقبل يمكننا رفع العجز المالي مرة أخرى لضخ مصدر جديد لإنعاش الاقتصاد، وهو توفير الائتمان للحكومة، وتوجيه الاقتصاد للتعافي".

الصين تكثف دعم الاقتصاد عبر إصدار ديون جديدة

يدور نقاش حيوي في بكين حول هدف العجز الكلي في العام المقبل، حسبما قال خبراء اقتصاديون في "سيتي غروب"بقيادة شيانغرونج يو، الذين أشاروا إلى إجراء محادثات مع مؤسسات الفكر والرأي والمنظمين والمستشارين السابقين لوضع السياسات.

كتب الاقتصاديون: "قد يكون من الصعب تجاوز 3.8% في عام 2024، ما لم تتجه الأمور نحو أسوأ من المتوقع مرة أخرى". "ورأى آخرون أن 3.8% ليس معدلاً مرتفعاً، وأن الصين يمكن أن تتجاوزه تماماً حال موافقة القيادة العليا".