احتياجات تمويل التكيف المناخي أكبر من المتاح حالياً بـ18 مرة

البلدان المنخفضة الدخل تتحمل عبء استثمار أعلى كثيراً للتكيف مع المناخ

رجل يحمل أثاثاً عبر مياه الفيضانات في منطقة دادو، باكستان
رجل يحمل أثاثاً عبر مياه الفيضانات في منطقة دادو، باكستان المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

نشر برنامج الأمم المتحدة للبيئة مؤخراً تقريره السنوي عن فجوة التكيف، والذي يدرس مقدار التمويل الذي ستحتاجه البلدان النامية في العالم لتحمل تأثيرات تغير المناخ. ويقدم التقرير فهماً معقداً ولكن بنّاء للاستثمار المطلوب، بدءاً بالعجز المذهل الذي نشهده اليوم. ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن "احتياجات تمويل التكيف أكبر بما يتراوح بين 10 إلى 18 مرة من تدفقات التمويل العام الدولي الحالي للتكيف، أي أعلى بنسبة 50% على الأقل من التقديرات السابقة".

لا يوجد تقييم واحد للاستثمار المطلوب للتكيف. في الواقع، هناك اثنان، ولكل منهما أرقام مختلفة بشكل كبير. الأول هو التكلفة "النموذجية" للتكيف، والتي تستند إلى "تحليل التكيف اللازم للحد من المخاطر المناخية المتزايدة، نسبةً إلى فترة مرجعية، دون النظر في كيفية تمويل هذا التكيف". ويحدد برنامج الأمم المتحدة للبيئة متطلبات الاستثمار في التكلفة بمبلغ 215 مليار دولار سنوياً خلال هذا العقد.

التفاوت الإقليمي

التقييم الثاني يعتمد على "احتياجات تمويل التكيف على مستوى البلدان"، والتي تشير إلى "الموارد المالية التي تحتاجها البلدان من مصادر دولية ومحلية" لتنفيذ خطط التكيف الوطنية. ويعكس هذا التقييم التقديرات الصادرة عن البلد نفسه لتكلفة برامج التكيف، فضلاً عن احتياجات التكيف المحددة التي حددتها البلدان. ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن هذا الرقم يعادل ضعف التكلفة النموذجية تقريباً، ويبلغ 387 مليار دولار سنوياً خلال هذا العقد.

عجز التمويل العالمي للتكيف مع تغير المناخ زاد 50%

بالتعمق في الأرقام، فإن أكبر تمييز بين التكاليف النموذجية واحتياجات التمويل يقع على أساس إقليمي. تعادل التكاليف النموذجية لتكيف أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي مع تغير المناخ ضعف المبلغ الذي تقول بلدان تلك المنطقة إنها تحتاجه. وعلى الجانب الآخر، أفادت بلدان جنوب آسيا أنها تحتاج إلى أكثر من ضعف ما تظهره التكاليف النموذجية.

الدول متوسطة الدخل الأكثر حاجة

تشير كل من التكاليف النموذجية والاحتياجات المالية إلى أن دول شرق آسيا سوف تحتاج إلى معظم (حوالي 40%) من إجمالي تكاليف الاستثمار في التكيف بين عامي 2020 و2030. ومع ذلك، فإن هذا يختلف بشكل كبير عن تدفقات تمويل التكيف اليوم، وتتلقى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى حالياً الحصة الأكبر (حوالي 30%) من هذا الاستثمار.

يشير تقرير فجوة التكيف الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى نقطتين رئيسيتين أخريين لتمويل التكيف من الآن وحتى عام 2030.

الأول يتعلق باحتياجات تمويل التكيف النسبية حسب مستوى دخل البلد. وكما يشير التقرير، فإن البلدان ذات الدخل المتوسط تتحمل أعلى "التكاليف المطلقة" للتكيف.


الاحتياجات مقارنةً بالناتج المحلي الإجمالي

مع ذلك، فإن متطلبات الاستثمار في التكيف للبلدان الأكثر ثراء منخفضة نسبياً عندما ينظر إليها كحصة من مستويات دخلها المطلقة، وتشكل 0.7% فقط من الناتج المحلي الإجمالي لبلدان الدخل المتوسط الأدنى و0.5% من الناتج المحلي الإجمالي لبلدان الدخل المتوسط الأعلى. فالبلدان المنخفضة الدخل، على الرغم من احتياجاتها الأصغر على الإطلاق، تتحمل عبء استثمار أعلى كثيراً في مجال التكيف كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 3.5%، وهذا يجعل الدعم الدولي لهذه الجهود أكثر أهمية.

النقطة الثانية هي أن الاستثمار في التكيف ليس مطلوباً على الفور فحسب؛ وستكون هناك حاجة إليه بشكل مستمر في المستقبل المنظور. وحتى لو تمكنا من الوصول إلى انبعاثات صفرية للغازات الدفيئة بحلول عام 2050، فإن تأثيرات مستويات ثاني أكسيد الكربون التي لا تزال مرتفعة في الغلاف الجوي سوف تظل معنا لعقود من الزمن. وهذا يعني أننا بحاجة إلى الاستعداد للاستثمار ليس فقط في متطلبات التكيف التي أصبحت واضحة اليوم، بل وأيضاً تلك التي سوف نكتشفها في السنوات المقبلة.

ومع تفاقم تأثيرات تغير المناخ فإن التكيف لن يكون اختيارياً، كذلك التكيف مع التمويل.