محاولة بايدن لـ"تنظيف" أسطول السيارات الحكومية يصطدم بقانون المشتريات

الرئيس الأمريكي جو بايدن في أول يوم له بالبيت الأبيض
الرئيس الأمريكي جو بايدن في أول يوم له بالبيت الأبيض المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أمر الرئيس جو بايدن الحكومة الفيدرالية بشراء السيارات الكهربائية المصنوعة في أمريكا على أيدي عمال مسجلين في نقابة العمال. لكن هناك مشكلة واحدة، فهذه المركبات غير موجودة.

تمتلك شركة "تسلا" الأمريكية الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية عدة طرازات أمريكية الصنع، لكنها ليست مسجَّلة لدى اتحاد العمال. ورغم أن "جنرال موتورز" توظف عمالاً مسجلين في النقابة لصنع سيارتها الكهربائية "شيفروليه بولت"، فإن نحو ثلاثة أرباع مكوناتها يأتي من خارج الولايات المتحدة، إذ يشترط قانون المشتريات الفيدرالي ضرورة تخطِّي المكوّن نسبة 50% لاعتباره مُنتَجاً أمريكياً.

ما يؤكد عدم وجود تلك السيارات، الأمر التنفيذي الذي أصدره بايدن يوم الأربعاء يأتي من أجل تحفيز الاستثمار في سوق السيارات الكهربائية الوليدة، دون وضع سقف زمني، وهو ما يعني أن أمام صانعي السيارات وقتاً لتعديل أوضاعهم.

وأعلنت بالفعل اثنتان من الشركات، هما "جنرال موتورز" و"نيسان موتورز"، هذا الأسبوع التزامهما إنتاج أساطيل سيارات محايدة كربونياً في العقود القادمة، وكانت "فورد موتورز" تعهدت سابقاً بأن تصبح محايدة كربونياً بحلول عام 2050.

إنهم يتتبعون المال

وفي ظل وجود أسطول سيارات الحكومة الأمريكية، التي يبلغ عددها 645 ألف سيارة، منها 3200 سيارة فقط تعمل بالكهرباء، فإن هناك كثيراً من المحفزات.

وقال سكوت سكلار، مدير الطاقة المستدامة في معهد الطاقة والبيئة بجامعة جورج واشنطن: "نعم، أظن أن (جنرال موتورز) و(تسلا) ستحاولان الوصول إلى السوق الكبيرة للحكومة الأمريكية. إنهم يبحثون عن المال".

وقال سام أوري، المدير التنفيذي لمعهد سياسة الطاقة في جامعة شيكاغو، إنه يمكن لهذه الدَّفعة التي نفّذها بايدن أن تساعد على تعزيز السيارات الكهربائية المحلية، وعملية التصنيع عموماً، نظراً إلى حجم عمليات الشراء الحكومية السنوية من السيارات.

وأضاف أوري: "تشتري الحكومة الفيدرالية ما بين 50 و60 ألف سيارة جديدة سنوياً، لكن بالنسبة إلى سوق السيارات الكهربائية، فإننا نتحدث عن 300 إلى 350 ألف وحدة سنوياً، بما يعني عشرات الآلاف الإضافية التي سيكون لها أثر على المُصنّعين".

%1 فقط سيارات كهربائية

وتعادل السيارات الكهربائية نحو 1% من مبيعات السيارات في الولايات المتحدة و2.6% من مبيعات السيارات في العالم، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، التي يقع مقرها في باريس.

وفي الوقت الحالي تُعَدّ سيارة "شيفروليه بولت" السيارة الكهربائية الوحيدة المدرجة في دليل نقابة عمال السيارات 2021، التي تُصنع في الولايات المتحدة الأمريكية، أو كندا، بيد عمال مسجلين في نقابة عمال صناعة السيارات، أو عمال نقابة يونيفور في كندا.

وعبّر براين روثينبيرغ، المتحدث باسم نقابة عمال السيارات، عن ثقته بأن العمال المسجلين في النقابة، سيكونون قادرين على تلبية مستوى الطلب من الحكومة الفيدرالية على السيارات الكهربائية.

وقال روثينبيرغ في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "كانت نقابة عمال صناعة السيارات تعمل من قُرب مع فريق بايدن الانتقالي والإدارة الحالية على السياسات المتعلقة بالتحول من محركات الاحتراق الداخلي إلى السيارات الكهربائية".

وأضاف روثينبيرغ أنه سيمر بعض الوقت قبل أن يحدث هذا التحول، لكن من المهم أن "يوافق بايدن على موقفنا من أن الوظائف الجديدة التي ستحلّ محل الوظائف الحالية في محركات الاحتراق الداخلي ستحظى بالأجور التي تحددها النقابة، وميزاتها هنا في الولايات المتحدة".

ووفقاً للبيانات الصادرة عن إدارة سلامة الحركة المرورية على الطرق السريعة في 2020، فإن نسبة 24% فقط من المكونات المستخدمة في طراز "بولت"، السيارة الكهربائية الرئيسية التي تُعتبر أجزاؤها محلية، التي تعرضها "جنرال موتورز"، تأتي من الولايات المتحدة وكندا، فيما تُوفَّر غالبية القطع من كوريا الجنوبية.

مكونات غير محلية

وقالت جينين جينيفان، الناطقة باسم "جنرال موتورز"، في بيان لها: "نحن متحمسون لأن الرئيس بايدن يشاركنا حماستنا للسيارات الكهربائية أيضاً. إن إضافة السيارات الكهربائية إلى الأساطيل الحكومية والدعم اللازم للبنية التحتية الضرورية، لها طريقة رائعة لوضع مزيد من السيارات الكهربائية على الطرقات، فيما نعمل على الوصول إلى مستقبل كهربائي بالكامل خالٍ من الانبعاثات".

وتَستخدم سيارة "نيسان ليفت" التي تنتج في مصنع غير مسجل بالنقابة العمالية، في بلدة سميرنا بولاية تينسي، 35% فقط من المكونات المصنعة محلياً. ولدى "تسلا" طرازات عديدة تستخدم 50% من المكونات المحلية التي تصنعها في فيرمونت بكاليفورنيا دون عمال مسجَّلين في النقابة، وتبلغ نسبة المكونات نحو 55% في الطراز "إكس"، أما الطرازان "واي" و"إس" فتصل النسبة فيهما إلى 60%. وستقدم فورد طراز "موستانغ ماك إي"، الكهربائي بالكامل هذا العام، لكنه يُصنع في الصين والمكسيك.

ورفض الناطق باسم البيت الأبيض وإدارة الخدمات العامة التعليق على قدرة صناع السيارات على تحقيق تعهد بايدن.

وبموجب القانون الفيدرالي، الذي يُنفَّذ منذ فترة طويلة، فإن للوكالات الأمريكية توجيهاً لشراء المنتجات المحلية، وهو قرار ينطبق على السلع المصنعة، التي تزيد نسبة المكونات الأمريكية بها على النصف. ووقّع بايدن الاثنين الماضي أمراً توجيهياً إلى اللجنة الفيدرالية من أجل تشديد المعايير التي تحدد المنتجات الأمريكية الصنع، للتأكد من أنها تُصنع بأعلى نسبة من المكونات والعمالة الأمريكية.

وقال بايدن يوم الاثنين في إعلانه عن مبادرة "شراء المنتجات الأمريكية": "الآن، إن كنتم تصنّعون سيارة للحكومة الفيدرالية، فعليكم أن تُظهِروا أن 50% على الأقل من مكونات السيارات مصنوعة في أمريكا"، لكنه قال إن ثغرات تسمح للسيارات بتحقيق المعايير، وإن كانت أكثر القطع قيمة، التي تتضمن المحرك والحديد، مصنوعة خارج البلاد".

محاولات بوش وأوباما

ولا يُعدّ بايدن الرئيس الأمريكي الأول الذي يحاول تنظيف أسطول السيارات الحكومي، فقد ركز الرئيس الأسبق باراك أوباما بشدة على محاولة شراء مزيد من السيارات الكهربائية. وقبل أوباما كان الرئيس جورج دبليو بوش يدفع في الاتجاه نفسه.

وواجهت هذه الجهود تحديات إصلاح نظام المشتريات الحكومية، الذي يعمل بطبيعة الحال لصالح المشتريات الأرخص، ويعطي التفويض بتوفير المال ميزة أكبر لصالح السيارات التقليدية التي تعتمد على الوقود عن الطرازات الكهربائية.

ويعني تنوع الأسطول الحكومي، الذي يضمّ سيارات صغيرة مدمجة، وحتى مركبات المرافق والشاحنات الثقيلة، أنه ليس هناك حل واحد يناسب الجميع.

وقال أوري من جامعة شيكاغو، إن "الأسطول الفيدرالي متنوع للغاية، وإن ظهرت فكرة شراء أحدهم مجموعة من سيارات (نيسان ليف) أو ما يشبهها، فإن هذا لن يوفي بمتطلبات الأسطول الفيدرالي".

ومن أجل النجاح في ذلك قال أوري: "سيتحتم على إدارة بايدن أن تتوصل إلى حل لمشكلة المشتريات، لكن حتى بمجرد حلها، سيكون مطلوباً تنفيذ كثير من التحليلات لكل وكالة على حدة من أجل الربط بين تكنولوجيا السيارات واحتياجات الحكومة من السيارات".

وتقول وزيرة الطاقة حاكمة ميشيغان السابقة جينيفر غرانهولم، التي اختارها بايدن، إن "الوكالة التي تنفق مليارات الدولارات على الأبحاث وتطوير التكنولوجيا ستلعب دوراً كبيراً في تحقيق متطلبات شراء السلع الأمريكية الموضحة في الأمر التنفيذي الذي أصدره بايدن".

وأدلت غرانهوم بشهادة خلال جلسة تأكيد تعيينها أمام مجلس الشيوخ الأربعاء الماضي، قائلةً: "يمكننا شراء بطاريات السيارات الكهربائية من آسيا، أو يمكننا صنعها في أمريكا"، وقالت إنها كانت تشعر بالفخر حين تقود سيارة "شيفي بولت"، وأضافت: "أقودها منذ شروق الشمس".